مصير مجهول وحجج واهية وانتهاك لحقوق الإنسان... سجون إدلب مكتظة بالمعتقلين
خرج ذوي/ات المعتقلين في سجون الجولاني خلال الفترة الماضية بمظاهرات في مناطق متفرقة من مدينة إدلب بالشمال السوري، تنديداً بالاعتقالات التي تقوم بها ما تسمى بـ "هيئة تحرير الشام" والتضييق على المدنيين واستبداد السلطة.
سهى العلي
إدلب ـ تكتظ سجون الجولاني في إدلب بالشمال السوري بآلاف المعتقلين/ات تعسفياً تحت حجج وذرائع واهية، على رأسها رفضهم لسياسة ما تسمى بـ "هيئة تحرير الشام" في إدارة المنطقة وتعاملها مع المدنيين.
منذ استيلاء هيئة تحرير الشام على الشمال السوري وموجة الاعتقالات لم تهدأ في المنطقة، كأحد أساليب الممنهجة التي تمارسها على المدنيين وإسكات أصواتهم الرافضة لسياسة المرتزقة وداعميهم، حيث لا تعلم زهيدة اليعقوب البالغة من العمر 46 عاماً المقيمة في مدينة إدلب، إن كان ابنها الوحيد البالغ من العمر 27 عاماً لا يزال على قيد الحياة أم لا، بعد اعتقاله من قبل المرتزقة على خلفية كتابته منشور على مواقع التواصل الاجتماعي انتقد فيه سياستهم في فرض الضرائب والتضييق على المدنيين.
حاولت زهيدة اليعقوب البحث عن أبنها في غياهب سجون جهاز الأمن العام التابع للهيئة، على أمل أن تجد أي طريقة تمكنها من الوصول إليه، ومحاولة إخراجه من سجونهم التي أمضى فيها أكثر من عام ولكن دون جدوى، مؤكدةً أنها لم تحصل على أي معلومات تفيّدها في عملية بحثها بل قوبل سؤالها عنه بالعنف والإهانة والتهديد حتى تتوقف عن البحث، وتترد على مسامعها جملة واحدة أن ابنها متهم بالعمالة والتخابر، وهذه التهمة مجهزة مسبقاً عند اعتقال أي شخص ليكون عبرة لكل من أراد الخروج عن صمته إزاء ما يرتكبه مرتزقة تركيا بحق الأهالي، على حد تعبيرها.
وأكدت أن سجون هيئة تحرير الشام في المناطق التي احتلتها من إدلب وريفها سيئة، حيث يعامل المعتقلين فيها معاملة سيئة ويتعرضون فيها لكافة أشكال الانتهاك والتعذيب، وهذه السجون تضم الآلاف من المدنيين المعتقلين على خلفية حجج وذرائع واهية للتعتيم أكثر على الوضع المأساوي الذي يعيشه الأهالي في تلك المناطق، مضيفةً أنه أعدم وقتل الكثير ودفنوا دون علم ذويهم، كما أن العديد منهم قضوا أعوام كثيرة ولم يتم الكشف عن مصيرهم حتى أن عوائلهم فقدوا الأمل برؤيتهم أو معرفة فيما إذا كانوا على قيد الحياة.
ذات المعاناة تواجهها سعاد الباطرجي ذات 38 عاماً بعد أن اختطف زوجها من بين أفراد عائلته، ليقبع في سجون هيئة تحرير الشام منذ أكثر من خمس سنوات، في ظل غياب أي جهة حقوقية قادرة على الكشف عن مصيره أو حتى الاطلاع على أوضاعه داخل سجون الجولاني، لتعيش سعاد الباطرجي في مخيمات حارم شمال غرب إدلب ظروفاً صعبة وتعاني حالة نفسية مضطربة في ظل المسؤوليات الكثيرة الملقاة على عاتقها من رعاية وتربية ابنائها الأربعة، وما زاد الطين بله الفقر وقلة فرص العمل خاصة أنها لا تملك أي شهادات أو خبرات، الأمر الذي دفعها للعمل في بيع الملابس لتغطية احتياجات أطفالها.
وبعد البحث المستمر وإلحاحها في السؤال عن مصير زوجها، تم أخبارها أنه وجهت إليه تهمة بالانتساب لمرتزقة داعش ولا يزال قابعاً في السجن دون محاكمة، رغم تأكيدها أنه كان بمنأى عن أي تشكيلات عسكرية، حيث تم اعتقاله من مكان عمله في أحد مطاعم المنطقة دون أي أدلة تثبت تلك الاتهامات التي نسبت إليه.
سعاد الباطرجي وزهيدة اليعقوب لم تكونا الوحيدتين من ذوي المعتقلين في سجون الجولاني، لتنضم زينة الدامور البالغة من العمر 41 عاماً إلى القائمة الطويلة من الأمهات اللواتي تبحثن عن انبائهن، حيث تقول إنها حصلت على معلومات تفيد أن ابنها البالغ من العمر 20 عاماً المعتقل في سجون هيئة تحرير الشام منذ أكثر من ستة أشهر يعاني وضعاً صحياً متدهوراً على خلفية التعذيب الذي تعرض له داخل السجن بعد اتهامه بالعمالة.
وأكدت أن ابنها اعتقل لأنه انتقد سياسة المدعو أبو محمد الجولاني أمام أحد عناصره بسبب منحه الموافقة للمرتزقة بانتهاك حقوق المدنيين والاعتداء عليهم، لافتةً أن المنطقة يحكمها السلاح والبطش ولا يوجد أي ضوابط قانونية أو حقوقية من شأنها الكشف عن مصير المعتقلين أو العمل على تحريرهم، إذ ليس للمحامين أي دور أو سلطة فيها رغم ادعاء هيئة تحرير الشام وجود محاكم شرعية وقضائية إلا أن القوانين الناتجة عنها "دكتاتورية تخفي ورائها مئات المعتقلين دون إيضاح لذويهم عن مصيرهم، رغم كل الطلبات التي سجلت في مكاتب ديوان محاكم الهيئة والتي بقيت طي الإهمال والنسيان".