مركز "الأمل" لمعالجة الإدمان يساهم في الحد من تفشي آفة المخدرات
يقدم مركز معالجة الإدمان الأول من نوعه بإقليم شمال وشرق سوريا، كافة الخدمات الصحية والدوائية والدعم النفسي لضحايا المخدرات، للحد من تفشي هذه الآفة وبناء مجتمع سليم ومعافى.
يسرى الأحمد
الرقة ـ أكدت الإدارية في مركز "الأمل" لمعالجة الإدمان والأمراض النفسية بمقاطعة الرقة ريم ناصيف، أن المركز ساهم في خفض نسبة حالات الإدمان في المنطقة، والجرائم اللاأخلاقية والتداعيات السلبية الناتجة عنه، لحماية المجتمع من التفكك والانهيار.
تفشى في الآونة الأخيرة أشكال عديدة من الآفات والظواهر الخطيرة أبرزها تعاطي وإدمان المخدرات والترويج لها بين أفراد الفئة الشابة على وجه الخصوص، وانتشار هذه الظاهرة أدى إلى وقوع العديد من جرائم القتل والتحرش الجنسي والاغتصاب والطلاق والسرقة والانتحار، فكان لابد من وضع حلول مناسبة للحد من هذه الظاهرة لما لها من تداعيات وأضرار نفسية وجسدية واجتماعية على ضحاياها، لذا تم افتتاح مركز خاص لعلاج الإدمان وبات الأول من نوعه في إقليم شمال وشرق سوريا.
افتتح مركز الأمل الخاص بمعالجة الأمراض النفسية والإدمان في الأول من أيار/مايو عام 2024، بإشراف كادر طبي مختص بالإدمان والأمراض النفسية، حيث يقدم المركز خدمات الرعاية الخاصة بالدعم النفسي للمرضى ويتبع في عمله كود طبي حرصاً على خصوصية المرضى.
وحول الاختصاصات الموجودة ضمن المركز، قالت الإدارية في مركز الأمل ريم ناصيف "يختص المركز بمعالجة إدمان المخدرات والكحول، وأمراض الشيخوخة والزهايمر والتوحد، إلى جانب الأمراض النفسية والعصبية، وذلك بإشراف كادر مختص مؤلف من أطباء وممرضين/ات ومرشدين/ات نفسيين".
وعن الهدف من افتتاح المركز، أشارت إلى أن "المنطقة شهدت في الآونة الأخيرة انتشار كبير في ظاهرة المخدرات والإدمان وتعاطيها والترويج لها في المجتمع، الأمر الذي تسبب في وقوع العديد من الجرائم منها القتل والتحرش الجنسي والاغتصاب والطلاق والسرقة وغيرها، وهذا ما أدى إلى تدهور وتفكك العلاقات الاجتماعية وتدميرها، وفساد قيم ومبادئ المجتمع وانحلاله أخلاقياً، لذا كان لابد من وجود رادع للحد من تفشي هذه الآفة والقضاء عليها، وبذلك أصبح هذا المركز ملجأً يوفر حماية ورعاية نفسية وجسدية للمرضى".
ولفتت إلى السبب في تسمية المركز بهذا الاسم "أردنا إيصال رسالة من خلال هذا الاسم الذي يحمل في طياته أنه هناك أمل للتعافي، حيث أن المركز سيساهم في خفض نسبة حالات إدمان وتعاطي المخدرات وترويجها في المجتمع، كما سيساهم في إنقاذ الشباب والشابات من هذه الآفة التي تدمر حياتهم، فبصلاح حالهم يمكن بناء مجتمع أخلاقي للنهوض بواقع يسوده العلم والثقافة والازدهار، والمحافظة على أجيال المستقبل معافيين لبناء مجتمع سليم".
وحول أسباب انتشار ظاهرة التعاطي والإدمان بين أفراد المجتمع والفئة الشابة خاصة، أوضحت أن "الحروب التي شهدتها المنطقة خلفت العديد من التداعيات منها غياب التعليم وتردي الوضع الاقتصادي والبطالة، كل ذلك أثر سلباً على فكر الفئة الشابة التي كانت في مقدمة ضحاياها، إذ لجأ العديد منهم إلى طريق التعاطي والإدمان بهدف الهروب من الضغوطات والاضطرابات النفسية التي قاسوها ولايزالون يعانون آثارها".
وحول الأسباب الكامنة وراء اختيار بعض النساء والفتيات لطريق التعاطي، أكدت أن "المرأة تتعرض للعديد من الضغوطات النفسية سواء بسبب مفاهيم المجتمع أو من الذهنية الذكورية السلطوية، وبحكم العادات والتقاليد البالية يمارس عليها العنف النفسي والجسدي من ضرب أو شتم سواء كان من الزوج أو الأب أو الأخ، لذا فتقصد طريق التعاطي والإدمان كنوع من الهروب من واقعها ومعاناتها أو كنوع من معاقبة نفسها من عدم قدرتها على حماية ذاتها، وفي حالات تتعاطى المرأة تحت الضغط من أحد أفراد أسرتها أو زوجها المتعاطي، وبحكم أن المنطقة عشائرية، افتتحنا قسم خاص بالنساء يتم فيه علاجهن سراً للحفاظ على خصوصية المريضة".
وحول طريقة العلاج الجسدي والنفسي للمرضى، بينت ريم ناصيف أن "العلاج يتم على مرحلتين أولاً علاجه نفسياً وهذا النوع من العلاج يعتبر أهم من العلاج الجسدي، وذلك عبر اتباع العلاج السلوكي لتسوية وضبط سلوكيات المريض/ـة العامة، من خلال إخضاعه لجلسات دعم نفسي، ثم يبدأ العلاج الصحي أي العلاج بالدواء الفموي والوريدي لاستخراج المادة السامة من جسده/ا، ويعطى العلاج الدوائي بحسب تشخيص حالة المريض/ـة بعد إجراء كافة التحاليل والفحوصات اللازمة، حيث يتم في كل ساعة مراقبة علاماته الحيوية ومدى استجابته للعلاج، إذ أن هناك حالات استثنائية يكون فيها وضع المريض متأزم وغير مدرك لما يقوم به، لذا نقوم بعزله حتى استعادة وعيه في غرفة العزلة الخاصة، حيث أن جدرانها من الداخل محمية بإسفنج حامي للحفاظ على سلامة المريض في حال حاول أذية نفسه".
ولفتت إلى الأضرار الجسدية والنفسية التي يسببها التعاطي والإدمان مثل جحوظ وسواد تحت العينين وتشتت ذهني وضعف بدني عدم القدرة على التركيز والإدراك والتمييز والتحكم بالذات، وخلق اضطرابات نفسية وعصبية، وهناك أضرار باطنية تؤثر بشكل كبير على القلب والكبد والكلية والدماغ والتي لا تظهر مباشرة على المريض وتحتاج إلى فترة حتى تظهر تسمى بالكوت البطيء، للمتعاطي حالة خاصة وحساسة جداً إذ يصبح شرس وعنيف في تصرفاته، لذا "لدينا كادر مؤلف من أطباء ومرشدين/ات وممرضين/ات أخصائيين/ات ذو خبرة في طريقة التعامل والتوخي والحذر منه لحمايته وحماية من حوله".
وعن الصعوبات التي تواجه المركز، أشارت إلى أن "هناك بعض الحالات تكون حالة المريض مستعصية، إذ يكون رافض تماماً لفكرة العلاج والتوقف عن التعاطي، إذ نواجه صعوبة كبيرة في اقناعه لأخذ العلاج، لكن بأسلوب التعامل لدى الفريق النفسي المختص وبمساعدة الأهل، نتمكن من إقناع المريض دون الضغط عليه للتوقف عن التعاطي وزيارة المركز لتقديم الرعاية والعلاج".
وأكدت أنه "يوجد إقبال كبير من قبل مرضى التعاطي والإدمان من كافة مقاطعات إقليم شمال وشرق سوريا على المركز بقصد العلاج والتعافي، وهناك نتائج مرضية حصل عليها كل من قصد المركز الأمر الذي دفع آخرين لزيارته، فمنهم يمر بحالة نفسية كونه منبوذ من قبل المجتمع ولا يملك المال"، لافتةً إلى أن مدة العلاج تتراوح ما بين أسبوع إلى أسبوعين، وبعد تعافي المريض يستمر بزيارة المركز كل ثلاثة شهور للاطمئنان على صحته الجسدية والنفسية.
وعن أهمية دور المرأة في القضاء على ظاهرة الإدمان وتعاطي المخدرات، أكدت أن "المرأة العمود الفقري في عملية بناء مجتمع أخلاقي سليم، لذا يقع على عاتقها حماية مجتمعها من جميع أشكال وأنواع الآفات التي تواجهه وتضعه على محك التدمير، ومجابهة هذه الآفات تحتاج تضامن وتوحد لمحاربة ظاهرة الإدمان ومنع انتشارها بين أفراد المجتمع، وذلك عبر نشر التوجيهات والوعي بمخاطر وأضرار هذه الآفة، وعلى الفئة الشابة خاصة أن يكونوا واعيين ومدركين بمخاطر التعاطي والإدمان مهما تعرضوا لضغوطات فالتعاطي ليس حل بل هو أكبر مشكلة ومصدر خطر على حياتهم".
وعن خطط المركز المستقبلية، أوضحت أنهم يعملون على افتتاح فروع للمراكز في العديد من المدن منها الحسكة وقامشلو ومنبج، والمساهمة في توفير فرص عمل للمرضى وذلك بعد الانتهاء من فترة العلاج والتعافي نفسياً وجسدياً وسلوكياً، عبر التواصل والتنسيق مع المنظمات والمؤسسات المعنية، وتدريبهم على مهن وحرف مختلفة، لإعادة انخراطهم ضمن المجتمع بشكل سليم.
وفي ختام حديثها، وجهت ريم ناصيف رسالة قائلة "أدعو جميع أفراد المجتمع لمناهضة هذه الآفة ومحاربة الترويج لها، وألا يكمل ضحاياها في هذا الطريق الخاطئ والخطر الذي يهدد حياتهم، وعليهم اللجوء إلى المركز للتعرف والوعي حول الأضرار الجسدية والنفسية الناجمة عن تعاطي هذه المواد القاتلة، حيث أن المركز سيكون لهم ملجأ أمان وحماية وتقديم كافة الخدمات الصحية والرعاية النفسية حتى يتم تعافيهم بالكامل".