منظمة ستيرك... عامان من العمل لحماية الأطفال وتمكينهم
تسعى منظمة ستيرك لتعويض الأطفال عن آثار الحرب والنزوح عبر برامج تعليمية وترفيهية ودعم نفسي واجتماعي، وتركز على تمكين الأطفال وتعزيز وعي الأهالي بحقوقهم لضمان بيئة آمنة ومجتمع داعم للطفولة.
أسماء محمد
قامشلو ـ تعد منظمة ستيرك لحماية ومتابعة حقوق الطفل واحدة من المنظمات المدنية الفاعلة في إقليم شمال وشرق سوريا، وقد تأسست في 6 آب/أغسطس 2023 استجابة للحاجة المتزايدة لوجود جهة محلية تعنى بالدفاع عن حقوق الأطفال في ظل ما شهدته المنطقة من حرب ونزوح وتغيرات اجتماعية واقتصادية أثرت بصورة مباشرة على حياة آلاف الأطفال.
منذ انطلاقتها تبنت المنظمة رؤية تقوم على حماية الطفل وتمكينه، والعمل على خلق بيئة آمنة وداعمة له، عبر برامج تتداخل فيها الجوانب النفسية والتعليمية والاجتماعية.
أنشطة المنظمة
وخلال فترة قصيرة من تأسيسها بدأت منظمة ستيرك بتطوير مجموعة من المشاريع التي تستهدف الأطفال الأكثر هشاشة، وشملت نشاطاتها تنظيم جلسات دعم نفسي فردية وجماعية، وفعاليات ترفيهية وتعليمية، إضافة إلى ورشات فنية ولغوية تهدف إلى تنمية مهارات الأطفال وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.
كما تركز المنظمة على تقديم مبادرات إنسانية مباشرة مثل توزيع الملابس والاحتياجات الأساسية، إلى جانب إطلاق حملات توعوية حول حقوق الطفل وسبل حمايته من العنف والاستغلال، وإلى جانب الجانب الخدمي تلعب المنظمة دوراً في رصد الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال، وإصدار بيانات ومواقف تدعو لحمايتهم، وتسليط الضوء على المخاطر التي يواجهونها في بيئة النزاع.
ومع اتساع أنشطتها، تسعى منظمة ستيرك إلى بناء شراكات محلية ومجتمعية تعزز قدرتها على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال، وإلى توسيع برامجها بما يتناسب مع التحديات المتجددة في المنطقة.
"العمل على يقتصر على المساعدات بل بناء وعي مجتمعي"
وقالت جوليا خلو الإدارية في منظمة ستيرك إن المنظمة التي انطلقت قبل ثلاث سنوات استطاعت رغم حداثة تأسيسها، أن تحقق حضوراً بارزاً وفاعلاً في مجال حماية الطفولة، وأن ترسخ مكانتها كأحد أهم الكيانات المجتمعية المعنية بحقوق الأطفال في المنطقة "السنوات الثلاث الماضية كانت مليئة بالإنجازات والبرامج النوعية التي تركت آثاراً ملموسة على حياة مئات الأطفال، سواء من خلال الخدمات المباشرة أو عبر المبادرات التعليمية والنفسية والترفيهية التي تسعى المنظمة من خلالها إلى إعادة بناء ما دمرته ظروف الحرب والنزوح. منظمة ستيرك أصبحت اليوم اسماً معروفاً لكل من يهتم بشؤون الطفولة، لما تقدمه من جهود واسعة في الدفاع عن حقوق الأطفال، وتلبية احتياجاتهم، وحمايتهم من مخاطر العنف والاستغلال".
وأوضحت أن عمل المنظمة لا يقتصر على المساعدات والخدمات، بل يمتد ليشمل بناء وعي مجتمعي تجاه حقوق الطفل، وتعزيز ثقافة الحماية، وتنظيم برامج تعتمد على التعليم والدعم النفسي والاجتماعي بهدف تمكين الأطفال ومنحهم فرصاً للتعلم والنمو والتعبير عن أنفسهم في بيئة آمنة "دور المنظمة بات محورياً في المجتمع، سواء من ناحية التنظيم أو التوعية أو التخطيط لبرامج طويلة الأمد، والمنظمة تعمل على توسيع نطاق مبادراتها باستمرار، وتطوير برامجها بما ينسجم مع احتياجات الأطفال في المدن، وبما يضمن وصول خدمات الحماية إلى أكبر عدد ممكن منهم".
وأضافت "تعتمد المنظمة في جزء كبير من عملها على التواصل المباشر مع الكومينات والمجالس المحلية، إذ تشكل هذه الكومينات حلقة وصل مهمة للتعريف بالمنظمة وبرامجها، وتعريف الأهالي بالخدمات التي تقدمها. هذا الأسلوب يسهم في تشجيع الأهالي على إرسال أطفالهم إلى مراكز وفعاليات ستيرك، كما يعزز انخراط العائلات في الأنشطة المجتمعية التي تنظمها المنظمة، ويقوي العلاقة بينها وبين المجتمع المحلي". مؤكدة أن هذا التعاون يزيد من فعالية البرامج، ويضمن وصول خدمات الحماية والتوعية إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال والأسر.
وبينت جوليا خلو أن منظمة ستيرك تعمل بكامل طاقتها لتعويض الأطفال عما فقدوه من فرح واستقرار خلال سنوات الحرب والنزوح "الفريق يسعى عبر برامجه الترفيهية والتعليمية إلى إعادة رسم الابتسامة على وجوه الأطفال الذين حرموا من أبسط لحظات السعادة، وفي هذا الإطار نفذت المنظمة خلال الأعوام الماضية سلسلة من المشاريع المخصصة للأطفال، من بينها افتتاح حديقة في مخيم واشوكاني بدعم من الهلال الأحمر الكردي، لتكون مساحة آمنة للعب وتخفيف الضغوط النفسية عن الأطفال داخل المخيم".
كما عملت المنظمة أيضاً على افتتاح مركز ستيرك الرئيسي لتوسيع نطاق خدماتها، وتمكين الأهالي من الوصول بسهولة إلى البرامج والأنشطة التي تقدمها المنظمة، مشيرة إلى أن "أحد أهم محاور العمل يتركز على دعم الأطفال النازحين الذين يواجهون ظروفاً معيشية قاسية، فالمنظمة قدمت لهم مساعدات مباشرة ووقفت إلى جانب عائلاتهم خلال الفترات الأكثر صعوبة، ولا سيما في فصل الشتاء، وقامت بافتتاح مركزاً في مدينة حلب بهدف تعزيز حماية الأطفال هناك وتوفير بيئة آمنة لهم بعيداً عن المخاطر، خاصة في المناطق التي تشهد نقصاً في الخدمات".
وأكدت أن منظمة ستيرك تولي اهتماماً خاصاً بفهم احتياجات الأطفال واكتشاف قدراتهم من خلال مجموعة واسعة من الفعاليات، حيث تنظم أنشطة تهدف إلى كشف هوايات الأطفال والتعرف إلى ميولهم بشكل دقيق "فريق المنظمة يراقب أداء كل طفل خلال الأنشطة لمعرفة المجالات التي يبدع فيها، ليتم بعد ذلك ضمه إلى مجموعات خاصة تساعده على تطوير مهاراته وفق اهتماماته، سواء كانت فنية أو رياضية أو تعليمية وهذه الخطوات تأتي ضمن رؤية واضحة تهدف إلى تمكين الأطفال ومنحهم فرصاً حقيقية للنمو في بيئة آمنة وداعمة".
تحديات وصعوبات
وعن التحديات والصعوبات التي تواجه عمل منظمة ستيرك، أوضحت أن طبيعة المرحلة التي تمر بها المنطقة من التحولات الاجتماعية، تجعل من العمل مع الأطفال والأهالي مهمة معقدة، إن فكرة وجود منظمة تعنى بحقوق الطفل ما تزال جديدة بالنسبة للمجتمع، رغم أن منظمة ستيرك تعمل منذ ما يقارب ثلاث سنوات، إذ يجد بعض الأهالي صعوبة في تقبل هذا النوع من المنظمات أو التفاعل مع برامجها، وهو ما يشكل تحدياً إضافياً للفريق العامل.
وبينت أن واحداً من أهم الصعوبات يتمثل في ضعف الارتباط الأسري الذي بات واضحاً لدى الكثير من العائلات، حيث تشهد المنظمة في عملها اليومي حالات من الإهمال أو الانشغال الدائم عن الأطفال، مما يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الطفل وذويه، ولهذا تسعى المنظمة إلى توعية الأهالي بأهمية التواصل مع أطفالهم، وتعزيز دور الأسرة في دعمهم وحمايتهم والتقرب منهم، بما يضمن بيئة صحية تساعد الطفل على النمو السليم.
بالإضافة إلى التحديات السابقة يصعب على المنظمة الوصول إلى بعض المناطق المحتلة بحسب قولها "لا تستطيع فرق ستيرك الدخول إليها لتقديم الدعم أو تقييم أوضاع الأطفال هناك. منظمات مثل اليونيسف تتمكن أحياناً من دخول تلك المناطق وتقديم مساعدات محدودة، بينما تتمنى ستيرك أن تحصل على الفرصة نفسها لرؤية أوضاع الأطفال عن قرب ودعمهم مباشرة. هذا الحرمان من الوصول أحد أكبر التحديات التي تواجهها المنظمة، نظراً لحاجة الأطفال هناك إلى الدعم والحماية".
وتمكنت المنظمة بحسب ما تبين خلال السنوات الماضية من تحقيق عدد من النجاحات الملموسة، لا سيما فيما يتعلق بتحسين الحالة النفسية للأطفال "هذه الجهود لم تمر دون أثر على المجتمع، إذ بدأ الأهالي يلحظون التغييرات الإيجابية لدى أطفالهم، ما أدى إلى تزايد دعمهم ومشاركتهم في برامج المنظمة، وتعزيز الثقة بها وبخدماتها".
وأكدت أن منظمة ستيرك أبوابها مفتوحة للجميع، وأن جميع خدماتها تقدم مجاناً، دون أي تمييز أو شرط، مشددةً على أن الهدف الأساسي للمنظمة هو تمكين الأطفال لمواجهة الصعوبات التي يمرون بها، ومساعدتهم على تخطي التحديات النفسية والاجتماعية، ليصبحوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم وممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ضمن بيئة آمنة وداعمة، وأن كل برنامج أو نشاط تقدمه المنظمة يصب في هذا الهدف، سواء كان تعليمياً أو ترفيهياً أو تنموياً.
وأختتمت الإدارية في منظمة ستيرك جوليا خلو حديثها برسالة للأهالي شددت فيها على أهمية دعم الأطفال والوقوف إلى جانبهم في كل مرحلة من حياتهم، وعدم تركهم يواجهون التحديات بمفردهم "الشراكة بين الأهالي ومنظمة ستيرك تعد عنصراً أساسياً في تمكين الأطفال من تجاوز الصعوبات النفسية والاجتماعية، وبناء شخصياتهم بشكل صحي وقوي. الهدف الأسمى للمنظمة هو المساهمة في تكوين جيل واعي وقادر على مواجهة مشكلات الحياة بثقة واستقلالية، فأي نجاح تحققه البرامج والأنشطة التي تقدمها المنظمة يعود بالنفع على الأطفال وعلى المجتمع بأسره".