منها رفع الوعي والتربية والتعليم والإعلام... أدوات للتعافي من واقع العنف
ارتفع معدل العنف خلال الفترة الأخيرة وأصبح البحث عن أدوات للتعامل معه أمر ضروري لحماية الفتيات والنساء من نتائجه التي وصلت لحد القتل في بعض الحالات، فضلاً عن عرقلتهن من مواصلة مسيرتهن في الحياة سواء للتعلم أو العمل.
أسماء فتحي
القاهرة ـ واقع العنف بات بحاجة لتدخل للتعامل معه وهو الأمر الذي جعل المؤسسات النسوية تدفع بقانون العمل الموحد من أجل وضع مزيد من أدوات الحماية للنساء والفتيات، فضلاً عن سلكهم مسار رفع معدل الوعي لإدراكهم حجم التأثير الثقافي في تلك القضية ومدى تجذرها اجتماعياً وهو الأمر الذي يحتاج معالجة من جانب الدفع نحو نفاذ القوانين واستصدار مزيد منها.
للوقوف على الأساليب والأدوات التي يمكنها أن تخلق واقع أفضل وتحجم من انتشار ظاهرة العنف التي زادت خلال الفترة الأخيرة التقينا ثلاثة نسويات محاولين وضع أساليب للتعامل مع تلك الظاهرة، ورأوا جميعاً أن العمل على تغيير الوعي والمواريث الثقافية ضروري للتعامل مع هذا الملف فضلاً عن إصدار قانون موحد يحمي النساء من الممارسات التي تنال من حقوقهن.
ولا يمكن إغفال ما تم مؤخراً من العمل في مختلف محافظات مصر على أرض الواقع مع فئات مستهدفة تتنوع عمرياً وثقافياً حتى يتم إحداث تأثير حقيقي على الأرض، وجاء ذلك بعد تكرار حالات قتل الفتيات على خلفية رفضهن لقبول الارتباط بشخص، وهو الأمر الذي لفت الأنظار لأهمية العمل بشكل واقعي في البيئات المختلفة لتغيير نظرة المجتمع للمرأة وموقفها من العنف لكون الكثيرين يرونه ممارسة طبيعية بينما هناك آخرون لا يدركون أن تلك الممارسات لا تشكل عنف بل راحوا يبررون للمجرمين تصرفاتهم تجاه النساء.
والمجتمع المدني والنسوي منه على وجه التحديد تعاطى مع ملف العنف على مدار السنوات الماضية وخلال حملة الـ16 يوم المخصصة لمناهضة العنف قرروا تسليط الضوء على تلك الظاهرة وبث رسالات مجتمعية تتركز على ما يتم نشره من شائعات تحط من شأن النساء وتنتهك حقوقهن.
التربية من خلال التعليم والإعلام ضرورية
ترى الكاتبة والصحفية كريمة كمال، المهتمة بقضايا المرأة، أن الجميع يدرك حجم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن وهو الأمر الذي يلقي بظلاله على النساء لكون قطاع كبير منهن مسؤولات عن إدارة شؤون المنزل في ظل هذه الأجواء.
وأكدت أن المرأة تقوم بالعديد من الأدوار داخل المنزل وخارجه وهو ما يجعلها في قبضة العنف سواء في المجال العام أو الخاص ولا تجد الدعم الكافي لتستطيع أن تقوم بما هو موكل لها من مهام في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها.
وبينت أن دور المرأة الحيوي ضروري لجعل المجتمع يقبل بها لإدراكه أنها مؤثرة بالفعل ولكنه لم يرضى بذلك وكأنه مجبر على هذا الأمر، وبالتالي نتج عن هذا الاضطرار ما تتم ترجمته في الممارسات العنيفة تجاهها.
وقالت أن للتربية دور كبير في تغيير الواقع حتى لا يكون هناك رجل متحكم ومعنف ويحط من شأن المرأة ويعتبرها أقل منه مهما بلغت منجزاتها وهو ما يظهر في ممارساته العنيفة ضدها في الكبر، مشيرة إلى ضرورة إعادة تأهيل المجتمع من خلال التعليم والإعلام على احترام المرأة ووضعها على قدم المساواة مع الرجل.
العقوبة الرادعة واجبة
أكدت رئيسة جمعية نساء من أجل التنمية، جمهورية عبد الرحيم، أن مسألة القضاء على العنف تتطلب وجود تشريع يمنع ارتكاب مثل هذه الممارسات بشكل واضح وبعقوبات رادعة.
وأوضحت أن للعنف أشكال كثيرة منها الاقتصادي والجسدي والنفسي وغير ذلك، فضلاً عن وجود ممارسات تنال من حقوق النساء ومنها التحرش والزواج المبكر وهي تصرفات متجذرة في وعي المجتمع لذلك تحتاج لتدخل حقيقي للتعامل معها، معتبرة أن غياب القانون في ممارسات كزواج الصفقة والعنف الأسري ساهم إلى حد كبير في زيادة معدلاته.
وأكدت أن ما حدث من عنف تجاه الفتيات مؤخراً والذي أودي بأرواح بعضهن لا يرقى لدرجة الظاهرة ولكنه ممارسة فردية وتحتاج لردع حقيقي بعقوبات تتناسب وحجم الجريمة المرتكبة مما يساهم في تحجيم العنف وأيضاً منع التعاطي معه وكأنه جزء من مكون المجتمع ويلقى قبول جماهيري يصل لحد التبرير للقاتل.
النظر في المواريث الثقافية ضرورة لتحجيم العنف
ترى المحامية أميرة سالم، أن أحد أهم الأدوات التي يمكنها علاج أزمة العنف تتمثل في إعادة النظر في المواريث الثقافية لما لها من دور في تربية الأجيال الفاعلة في هذا المجتمع ولكونها ترسخ في التربية التفرقة بين الرجل والمرأة وتمنحه حقوق أكثر على مستوى التعليم والعمل وغيره.
وأكدت أن هناك ضرورة لمراعاة النوع الاجتماعي في العمل والمساواة بين الجنسين في الواجبات والحقوق لأن هناك الكثير من الشكاوى بشأن الأجور على سبيل المثال ووجود تمييز فيها رغم أن الجنسين يقفوا عند الدرجة الوظيفية نفسها ويملكن نفس الكفاءة.
وطالبت بضرورة وضع آليات لحماية الفتيات من الممارسات التي تنتهك حقوقهن في المجال العام، فضلاً عن تذليل العقبات التي تواجهها في حال سلكها المسارات القانونية لنيل حقها وخاصة في وقائع التحرش.