أزمة السكن تلاحق الناجيات من الزلزال والمعيلات في إدلب
شكلت المنازل المدمرة والمتصدعة جراء الزلزال في إدلب، صعوبات عديدة ضاعفت من معاناة النازحات والناجيات اللواتي تعشن حالة من التشرد والضياع، في ظل عدم قدرتهن على إصلاح ما خلفته الكارثة المأساوية.
هديل العمر
إدلب ـ في ظل ارتفاع إيجارات المنازل بشكل غير مسبوق، نتيجة ارتفاع أسعار الإيجارات طرداً مع ازدياد الطلب، بسبب استغلال تجار العقارات الكارثة لتحقيق الأرباح، ما أجبر العديد من المعيلات للسكن في مناطق نائية تفتقر لأدنى مستويات المعيشة.
على مقربة من مخيمات قرية بسنيا شمال إدلب، تعيش رؤى عبد الكافي (36) عاماً مع أطفالها ظروف في غاية صعوبة، بعد أن تعرض منزلها لدمار جزئي في بعض أعمدته وتصدعات مختلفة في جدرانه، ما دفعها للسكن في المخيم مخافة انهيار المنزل فوق رأس عائلتها المؤلفة من أربعة أشخاص.
وقالت إن منزلها يحتاج لمبلغ كبير من المال لإصلاحه وإعادة ترميمه، خاصة وأنها لا تمتلك منه شيئاً، بسبب الأوضاع المعيشية والاقتصادية المزرية التي عاشتها قبل الزلزال ولا زالت تعيشها حتى الآن.
وأضافت أنها اضطرت مرغمة للسكن ضمن أجواء تفتقر لأدنى مستلزمات الحياة، وسط غياب الحلول والخيارات المتاحة أمامها، نتيجة ارتفاع إيجارات المنازل بشكل غير مسبوق من جهة، وخوفها من العودة إلى منزلها الآيل للسقوط من جهة أخرى.
وأشارت إلى أنها تعيش على أمل أن تتكفل إحدى المؤسسات بترميم منزلها وإصلاحه، نتيجة عجزها عن القيام بهذه المهمة التي تفوق قدرتها المادية بأضعاف مضاعفة، خاصة وأنها تعيش بمفردها والمسؤولة الوحيد عن أطفالها الذين فقدوا والدهم بقصف جوي أواخر عام 2020.
ولا تخفي رؤى عبد الكافي نيتها في المخاطرة والعودة إلى منزلها في حال لم تلقى مطالبها استجابة من المنظمات الإنسانية، نتيجة عدم قدرتها على التأقلم مع متاعب حياة الخيام القريبة من مجاري الصرف الصحي المكشوفة ومكبات النفايات، مخافة الأوبئة والأمراض التي من الممكن أن تصيب أطفالها مع قدوم فصل الصيف.
وبحسب إحصائيات محلية، فإن عدد المباني المدمرة في محافظة إدلب، جراء الزلزال بلغ أكثر من 550 مبنى مدمر بشكل كامل، في حين وصل عدد الأبنية التي تضررت بشكل جزئي إلى ما يقارب 1570 مبنى، إلى جانب تصدع آلاف المباني الأخرى.
والشهر الفائت، كادت سمر رضوان (29) عاماً أن تفقد حياتها، جراء انهيار أحد الجدران المتصدعة عليها في منزلها الكائن في مدينة سلقين شمال غرب إدلب، ما أدى لكسور ورضوض متفرقة في جسدها.
وأشارت إلى أن سبب عودتها للسكن في منزلها الذي تضرر بشكل كبير من الزلزال، والعيش بين أعمدته المتصدعة وجدرانه المتفسخة، بسبب عدم وجود أي خيارات متاحة أمامها، موضحةً أنها أصيبت بكسور ورضوض خطيرة بسبب انهيار أحد جدران المنزل عليها بالتزامن مع العاصفة الهوائية التي ضربت المنطقة، خاصة وأن المنزل تعرض لأضرار جسيمة بسبب الزلزال والهزات الارتدادية التي رافقته.
وأضافت أنها اضطرت بعد الحادثة للسكن في خيمة قماشية مقابلة لمنزلها بعد أن لاحظت هشاشة المنزل أمام التغيرات المناخية، خوفاً على طفليها من الإصابة والأذى، وسط غياب تام لمساعدات الترميم والإصلاح، وحالة عدم الاكتراث لواقع عشرات النازحات اللواتي تنتظرن العودة لمنازلهن وبيوتهن.
ومن جانبها تؤكد رانيا العرفات (33) عاماً وهي متطوعة إغاثية، على ضرورة تقديم حلول للناجيات والمعيلات اللواتي فقدن منازلهن في الكارثة المأساوية التي أثرت على هذه الفئة بشكل كبير مقارنة بغيرهن من فئات المجتمع.
وأوضحت أنها وثقت من خلال عملها الفردي أكثر من 62 حالة لنساء تضررت منازلهن بشكل جزئي، في حين تضطر هؤلاء النسوة للعيش وسط ظروف إنسانية ونفسية واجتماعية صعبة للغاية مخافة العودة إلى منازلهن الهشة والمعرضة لخطر السقوط في أي لحظة.
وأشارت إلى أنه على المنظمات الإنسانية والجهات المعنية توفير حلول لهؤلاء النسوة اللواتي تفتقرن السند والمعيل، وذلك من خلال مساعدتهن لترميم منازلهن وإصلاحها وتأمينها من خطر الانهيار.