مكتسبات عدة وتجارب جديدة حققتها ثورة ١٩ تموز
نضال ومقاومة وإنجازات عدة حققتها ثورة التاسع عشر من تموز التي غدت مثالاً للثورات الديمقراطية والحرية حول العالم، وفتحت مسار الحرية والتحرر أمام النساء.
سيبيلييا الإبراهيم
الرقة ـ بدأت ثورة التاسع عشر من تموز من مقاطعة كوباني التي تميزت بقيادتها من قبل النساء لتعرف بثورتهن، وتغدو اليوم مثالاً لثورة الشعوب نحو التحرر مشكّلةً صرحاً عظيماً من الإنجازات، وفاتحة الأفق أمام مشروع جديد وفريد في الشرق الأوسط والعالم، ألا وهو مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب المنبثق من فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان.
إنجازات ومكتسبات عدة تحققت على خلفية ثورة التاسع عشر من تموز، التي بدأت شرارتها من مقاطعة كوباني وانتشرت في المناطق الأخرى، لتدخل منحى آخر وتبدأ ببناء الإدارات الذاتية في المقاطعات والتصديق على العقد الاجتماعي الذي يعتبر كدستور للمنطقة وخوض مرحلة الانتخابات التمهيدية للبلديات في المقاطعات لتشكل هذه المحطات التي مرت بها الثورة صرحاً عظيماً يخلد نضال ومقاومة الشعوب وتمثل قيم الإنسانية والديمقراطية.
وشكلت هذه الثورة التي باتت تعرف بثورة المرأة منحى آخر في تاريخ النساء في المنطقة لتنهضن من تحت ركام العبودية والذهنية الأبوية السلطوية وتنفضن غبار الظلم والاستعباد نحو الحرية وفق قضية تحرر المرأة والمجتمع، وخاصة النساء في المناطق المحررة.
المقاتلات الكرديات قدوة للنساء لخوض مرحلة النضال
وانطلقت شرارة الثورة من كوباني، من خلال الاستيلاء على مبنى حزب البعث الذي أصبح اليوم مركز للإدارة الذاتية، لتنتشر الثورة في كافة المناطق وبعدها تولى الأهالي الإدارة بأنفسهم من خلال تشكيل مجالس الشعب وتشكيل لجان تابعة لها، وحول ذلك قالت الناطقة الرسمية باسم مجلس تجمع نساء زنوبيا في المناطق المحررة خود عيسى العلي "كانت كوباني بداية النهاية لداعش، النضال الذي خاضته بنات وأبناء المنطقة كان الخطوة الأولى للانتصار وانطلاق شرارة الثورة لتشمل كافة المناطق".
وأشارت إلى أن "النساء في المناطق المحررة اقتدينَّ بالنساء الكرديات القياديات اللواتي قدن الثورة وحاربن الإرهاب وانخرطن ضمن كافة المؤسسات، فخلق هذا التأثير نقطة مفصلية في حياة وواقع النساء من باقي المكونات والمناطق، فكانت المرأة منذ بداية الثورة وتحرير المناطق السباقة والريادية في تشكيل اتحادات وتنظيمات نسوية ومؤسسات عامة لخدمة مشروع الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب".
تأسيس الإدارات الذاتية
بعد هزيمة داعش وتحرير كافة المناطق بدأ الشعب من كل المناطق بتأسيس المؤسسات ومجالس الشعب فتم تشكيل المجلس التشريعي في مدينة قامشلو وإعداد العقد الاجتماعي وتضمن الاجتماع آنذاك تحديد 3 مقاطعات لكل منها مجلسها الخاص على أن تشكل مجتمعة الإدارة الذاتيّة الديمقراطية، وفي 12 تشرين الثاني عام 2013تم الإعلان عن المجلس التأسيسي العام للإدارة المؤقتة، وفي شهر كانون الأول من العام ذاته أُعد العقد الاجتماعي، وفي 6 كانون الثاني من عام 2014 تمّت المصادقة على "نمط الإدارة"، "العقد الاجتماعي" و"قوانين الانتخابات".
وأكدت أنه لإبراز دور كافة المكونات وأخذ حقوقهم تم تحديد اللغات الثلاثة الكردية والسريانيّة والعربية لغات رسميّة، وبهدف تحقيق المساواة والعدل ضمن المجتمع وإبراز دور ومكانة المرأة حددت نسبة تمثيل المرأة في المؤسسات بنسبة 40 بالمائة كحد أدنى، وتشكلت فيما بعد الإدارات الذاتية في كل المناطق "بعد تحرير المناطق وتكاتف الشعوب تم تشكيل المجالس والكومينات، التي تعد الحل الأمثل لتحقيق الحرية للشعوب المضطهدة التواقة للحرية، وبناء الإدارات الذاتية لإدارة الشعب نفسه بنفسه، والتي تعد من أكبر الإنجازات التي تحققت رغم الإمكانيات القليلة والتحديات والحرب الدائرة والخاصة التي تمارس على المنطقة، إلى جانب الحصار الخانق وقانون العقوبات الذي أثر على إقليم شمال وشرق سوريا وهجمات وتهديدات تركيا على المنطقة واحتلالها عدة مناطق، ودعم الإرهاب للوصول إلى أهدافها التوسعية".
العقد الاجتماعي نموذج جديد نحو مجتمع أخلاقي وسياسي
وأوضحت أن محطات التطور والإنجازات في ثورة 19 تموز لم تتوقف، ففي 12 كانون الأول/ديسمبر 2023 تمت صياغة العقد الاجتماعي والمصادقة عليه الذي يتألف من 4 أبواب و134 مادة طرأت خلالها العديد من التغيرات بحسب ما جاء في بنود ومواد العقد وتطبيق تقسيم المدن إلى 7 مقاطعات وهي الجزيرة، الفرات، منبج، الرقة، الطبقة، دير الزور، عفرين والشهباء.
وأكدت أنه "بعد تأسيس الإدارة الذاتية ورؤية لتطلعات أبناء وبنات المنطقة تمت صياغة العقد الاجتماعي والتصديق عليه من قبل مجلس الشعوب، فكان العقد من أهم مكتسبات الثورة الذي ينص على حفظ حقوق جميع المكونات والأطياف ويعد بمثابة دستور يمكن الاعتماد عليه كدستور لسوريا".
إنجازات قابلها تحديات
وأضافت أنه "بعد التصديق على العقد الاجتماعي تجهز أبناء وبنات المنطقة لإجراء انتخابات تمهيدية للبلديات حسبما ورد في العقد، وقمنا بدورنا كتجمع نساء زنوبيا والأحزاب السياسية بالإعلان عن التحالفات وكان هناك انتخابات تمهيدية، قوبلت بهجمات من قبل الدولة التركية التي تحاول القضاء على مشروع الإدارة الذاتية وإفشاله وكسر إرادة الشعب وتخويفهم وترهيبهم نتيجة خوفه من مشروع الأمة الديمقراطية الذي منح الحقوق لكافة المكونات والذي تراه تركيا خطراً على أمنها القومي وتخشى من انتشاره في مناطقها والمطالبة بتطبيقه".
وعن دور النساء في الثورة، أوضحت خود عيسى العلي في أن المرأة شاركت الثورة وتأسيس الإدارة الذاتية وباتت تشغل منصب الرئاسة المشتركة وتدير الأمور الخدمية وتشارك في الأحزاب السياسية والتي تعد من أهم المكتسبات التي تحققت وساهمت في النهوض بواقع المرأة وتغيره "باتت ثورة 19 تموز مثال يحتذى به في جميع أنحاء العالم، ومثال على ذلك نساء السويداء اللواتي تأثرن بالثورة وخرجن للساحات وطالبن بتشكيل إدارتهن الذاتية وأن تكون المرأة هي جزء من هذه الإدارة".
وأكدت أنه "كان لنضال المرأة في المنطقة تأثير على العديد من الدول فهناك العديد من الوفود تقصد المنطقة لترى كيف تنظم المرأة نفسها وتقود المؤسسات الخاصة والعامة وكيف تبرز دورها في وحدات حماية المرأة وقوى الأمن الداخلي والأحزاب السياسية رغم كافة التحديات والمعوقات التي تواجهها، وخاصة نحن الآن بصدد صياغة العقد الاجتماعي - المرأة لحماية مكتسبات ثورة المرأة وتطويرها فهذا العقد سيكون من أهم المكتسبات التي نسعى لتطويرها".
ووجهت رسالة في ختام حديثها لكافة النساء حول العالم "على نساء العالم التكاتف لتشكيل وحدة نسائية بكونفدرالية تشمل جميع النساء حول العالم، ولتكون الحل لجميع قضايا المرأة لبلوغ حريتهن".