محاولات بحث فاشلة... تواجه معيلات في إدلب
آلاف النساء ممن فقدن السند والمعيل وجدن أنفسهن مجبرات على العمل في ظروف صعبة، وتحملن مسؤولية الإنفاق على أسرهن، رغم عدم امتلاكهن المؤهلات العلمية والمهنية.
هديل العمر
إدلب ـ تصطدم الكثير من النساء المعيلات لأسرهن في إدلب بواقع فشلهن في الحصول على فرصة عمل تمكنهن من تأمين حاجاتهن ولاسيما مع حلول فصل الشتاء وازدياد الحاجة، وسط ارتفاع الأسعار وغياب الدعم وقلة الأجور في حال إيجاد عمل.
بسبب الركود الاقتصادي في إدلب وقلة المشاريع التي تخضع النساء لدورات مهنية فاعلة وحقيقية تؤهلهن لدخول سوق العمل وتؤمن لهن الفرص، تشتكي الكثيرات من البطالة وقلة فرص العمل، باعتبار الشريحة الأوسع من هذه الفئة لا تمتلك مهارات تؤهلها لكسب العيش.
لم تسكت رانيا الكروم البالغة من العمر 32 عاماً، لواقعها المأساوي بعد اعتقال زوجها، وحاجتها لتربية ثلاثة أطفال مع انعدام المعيل، وهنا بدأت رحلتها للبحث عن مصدر رزق يعينها على تلبية متطلبات العيش المتعددة، لكنها لم تجد العمل المناسب.
وأمام اصرارها على إيجاد عمل ما بدأت بتعلم مهنة الكوافيرة على اليوتيوب عبر قنوات محلية وعالمية، ونفذت ما تعلمته عبر إطلاق مبادرة في المخيم الذي تقيم به على أطراق بلدة أطمة بإدلب، ونصت مبادرتها على تقديم خدمات القص ولف الشعر بشكل مجاني عبر عروض متكررة.
وقالت رانيا الكروم أنها ومن خلال الممارسة ومتابعة تعليمها على الإنترنت استطاعت النجاح بالمهنة التي باتت مصدر رزقها الوحيدة والتي استطاعت من خلالها اثبات ذاتها واعتمادها على نفسها وسط ما يواجهها من تحديات كبيرة.
ومن جانبها فريال الرازي البالغة من العمر 29 عاماً، التي تحولت لمعيل رغم وجود زوجها على قيد الحياة، والذي يعاني من عدة أمراض في القلب والكبد منعته من العمل، لتصبح المعيلة لابنتيها.
وأمام فشل محاولاتها في إيجاد عمل ما رغم حيازتها على شهادة معهد إعداد معلمين، قالت فريال الرازي وهي نازحة في مدينة بنش شمال إدلب، أن فرص العمل قليلة جداً حتى لو كانت المرأة تمتلك كافة مؤهلات العمل وذلك بسبب الاعتماد على المحسوبيات في انتقاء الموظفين.
وأوضحت أنها اعتمدت على أنشاء عملها الخاص من خلال تجهيز إحدى الخيام وجعلها مركزاً تعليمياً خاصاً، استقطبت من خلاله الأطفال بين سن الخامسة والعاشرة من عمرهم لتعليمهم مبادئ القراءة والكتابة والحساب وبأسعار وصفتها بـ"الرمزية".
وأشارت إلى أنها اختارت البدء بمشروعها الخاص بعد أن استنفذت كل الطرق الأخرى للحصول على عمل، "فالدعم المقدم من قبل المنظمات للنساء هو دعم شكلي، ومعظم الورشات لا تفيد النساء المعيلات بتوفير فرص عمل، وتوظيف النساء في المنظمات الإنسانية يخضع للواسطة، بغض النظر عن الحاجة والشهادات العلمية".
وأضافت أنها حققت بعض ما تصبو إليه من خلال عملها التعليمي الخاص بإنقاذ التعليم بالنسبة للكثير من الطلاب المنقطعين عن الدراسة لأسباب تتعلق ببعد المدارس عن المخيم وافتقار المخيم لأي وسيلة تعليمية من جهة، وتحقيق ذاتها وكفاءتها وتأمين دخل شهري يساعدها في تأمين متطلبات عائلتها من جهة أخرى.
ومن جانبها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية رهف القاضي البالغة من العمر 41عاماً، ترى أن قلة فرص المعمل أزمة كبيرة تعيشها النساء وخاصة المعيلات في إدلب، حيث أنها تفاقم المشاكل النفسية من حزن واكتئاب وضغوطات، لا تنعكس على النساء المعيلات وحسب بل على المجتمع بالعموم.
وأضافت أن آلاف النساء ممن فقدن السند والمعيل وجدن أنفسهن مجبرات على العمل في ظروف صعبة، وتحمل مسؤولية الإنفاق على أسرهن، رغم عدم امتلاكهن المؤهلات العلمية والمهنية، فأصبحن عرضة للبطالة والاستغلال في أسواق العمل.
وأشارت إلى أن وضع النساء المعيلات المادي والاجتماعي الهش يقف في وجه بحثهن عن فرص عمل، أو مطالبتهن بتحسين ظروف العمل أو أجره، إذ تزخر سوق العمل بالأيدي العاملة البديلة والرخيصة.
وأكدت على أنه الكثير من النساء اللواتي استطعن الخروج من واقعهن الصعب والبدء من نقطة الصفر وبناء مشاريعهن الخاصة وحققن النجاح واستطعن إثبات وجودهن كفاعلات ومؤثرات في المجتمع.
ودعت لضرورة دعم ومساندة هذه الفئة من قبل المجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني، من خلال توفير التدريب والتأهيل والمساعدات المادية، وتنمية إمكاناتهن وصقل مهاراتهن وتأمين فرص عمل لهن، للخروج من دائرة الفقر والحاجة إلى العمل والإنتاج، ومنع تعرضهن للاستغلال بكل أشكاله.