عمالة الأطفال... معاناة مزدوجة يعيشها الأطفال

قضية عمالة الأطفال مشكلة يجب حلها من جذورها، ويمكن ذلك بخلق فرص العمل والتوظيف للبالغين وهو ما تنساه السلطات تماماً ولا يتم بذل أي جهد لذلك.

سعيدة شيرزاد

سنه ـ "الطفل العامل" هو الطفل الذي ينخرط في أحد أشكال العمل "الخفيف/الصعب" و"الطوعي/القسري" فهو يعمل من أجل كسب المال وليس من أجل اكتساب القدرة، وفي الواقع فإن عمل الأطفال في تلك الأنواع من الأنشطة الاقتصادية هو الذي يعيق التعليم الذي هو المرافق الأساسي لنموه الشخصي والاجتماعي لذلك يعتبر العمل في هذا السن أذى واستغلال.

يصادف الـ 12 حزيران/يونيو، اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال وهو يوم اقترحته منظمة العمل الدولية (ILO) لزيادة الوعي والأنشطة في مجال منع عمل الأطفال، وتم تقديم هذا الاقتراح لأول مرة في عام 2002 بعد اعتماد اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 بشأن الحد الأدنى لسن العمل واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال، لكن على مر السنين، لم يسلم الأطفال من الحروب وتضاعفت معاناتهم وتزايدت عمالة الأطفال في معظم مناطق العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط.

استناداً إلى بيانات منظمة العمل الدولية، يعمل مئات الملايين من الأطفال (الفتيان والفتيات) في العالم ويحرمون من التعليم المناسب والصحة والترفيه والحريات الأساسية وما إلى ذلك، ويعمل أكثر من نصفهم بطرق صعبة، كالعمل في بيئات خطرة أو العبودية أو غيرها كالاتجار بالمخدرات والانتهاكات الجنسية وحتى الدخول في صراعات مسلحة.

هناك عوامل مختلفة فعالة فيما يتعلق بعمل الأطفال، بما في ذلك؛ هيكل الأسرة والفقر والتغيرات الاقتصادية المفاجئة الناجمة عن الحرب (مما يؤدي إلى الهجرة إلى الدول المجاورة للعمل بأجور أعلى) وتكلفة التعليم ونظام تعليمي غير صحيح وغيرها الكثير.

في الوضع الحالي وبسبب حدة الصراعات في مختلف دول الشرق الأوسط، بما في ذلك قطاع غزة والسودان وإقليم شمال وشرق سوريا وغيرها، فإن العديد من الأطفال يوفرون حتماً الغذاء الأساسي والضروري لأسرهم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن عدد الأطفال العاملين وأطفال الشوارع، هو الأمر المتنازع عليه دائماً في إيران، حيث لم يتم نشر الاحصائيات بدقة، كما أعلنت المؤسسات الحكومية المسؤولة عن هذا المجال، مثل منظمة الرعاية الاجتماعية، أنها "ضد عمل مجموعة من الأطفال في الشوارع".

تقول المرشدة النفسية والعضو في إدارة الرعاية الاجتماعية بمقاطعة سنه (ز. م) أن عمالة الاطفال قضية معقدة نسبياً، وأن الأطفال الذين يعملون فقط من أجل التعلم وتحسين مهاراتهم لا يتم تضمينهم في إحصاءات الأطفال العاملين، وأن الظروف المعيشية في إيران لها أثر كبير في زيادة عمالة الأطفال فالوالدين لما يعودا قادرين على توفير مستلزمات الأسرة الأساسية، ولذلك يجبر الطفل على ترك المدرسة، إما للعمل أو للبقاء في المنزل وهو ما يحدث في حالة الفتيات لكن في الحالات الأسوأ، فهم مجبرون على البحث عن عمل وكسب المال في الشوارع وورش العمل، حتى بدخل قليل وتُجبر العديد من الفتيات على الزواج.

وفي إشارة إلى تزايد تعاطي المخدرات في إيران وعدم اهتمام الحكومة والمسؤولين بهذا الأمر، قالت (ز. م) أن هذه الحالات تسببت في استخدام الأطفال في نقل المخدرات وحتى بيعها، وفي هذه الحالة، يتم إعطاء مبلغ صغير كأجور للطفل من ناحية أخرى لا تقدم القوانين أي مساعدة للطفل لأنه إذا تم ضبط الطفل وهو يبيع المخدرات، فلا تتم معاقبته، وهو أمر مقبول إلى حد ما، ولكن لا يتم اتخاذ أي إجراء لتحسين حالة الطفل، ولا ينبغي تجاهل أن هؤلاء الأطفال، إذا كانوا محظوظين، لن يصبحوا مدمنين على المخدرات.

وحول الإجراءات التي اتخذتها منظمة الرعاية الاجتماعية في إيران أوضحت أنها "تقوم منظمة الرعاية الاجتماعية بجمع الأطفال العاملين من وقت لآخر وتنظيم دروس تدريبية خاصة في فصل الصيف. وقد تمت تجربتها إلى حد ما لمنع الأضرار الاجتماعية التي تلحق بالأطفال، ولكن هذا ليس كافياً، فالعديد من الأضرار الاجتماعية في إيران سببها المشاكل الاقتصادية. كما أن قضية الأطفال العاملين هي مشكلة يجب حلها من جذورها، وجمع هؤلاء الأطفال لن يحل مشكلتهم، ويمكن أن يكون خلق فرص العمل والتوظيف للبالغين حلاً مناسباً، وهو ما تنساه السلطات تماماً ولا يتم بذل أي جهد لخلق فرص العمل".