ما بين الخرطوم والفاشر نساء السودان معنفات من قبل طرفي الصراع
تهدف حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة إلى تعزيز الجهود الدولية لإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي.
سلمى الرشيد
السودان ـ النساء والفتيات في السودان هن الأكثر تضرراً من انعدام الأمن الغذائي والعنف المتصاعد، هذه الأزمة التي تعيشها البلاد وصفتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بأنها "حالة طوارئ جنسانية".
تزامناً مع حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، دعت المدافعة عن حقوق الإنسان القانونية شيماء تاج السر كافة المنظمات الوطنية ومنظمات الأمم المتحدة للعمل على وقف كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات في السودان وتقديم الدعم القانوني والنفسي.
وأوضحت أن هناك أشكالاً مختلفة من العنف القائم على النوع الاجتماعي التي مورست ومازالت تمارس ضد النساء والفتيات القاصرات السودانيات خلال الصراع الذي اندلع منذ نيسان/أبريل ٢٠٢٣ ولا يزال مستمر حتى اليوم.
وحول الصراع في دارفور الذي نشب عام 2003، قالت أن النساء والفتيات في تلك السنوات تعرضن لأشكال متعددة من العنف ما بين الجنسي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لافتةً إلى أن "العنف ضد النساء والفتيات في إقليم دارفور كان يمارس في كل مكان وحتى في مراكز الايواء".
"طرفي الصراع يمارسان العنف"
وبينت أنه خلال سنوات الحرب الأخيرة عندما انتقل الصراع إلى العاصمة الخرطوم مارس طرفي الصراع أشكالاً متعددة من الانتهاكات تمثلت بالقتل خارج القانون والاغتصاب والتحرش الجنسي والاعتقال والاختفاء.
وأشارت شيماء تاج السر إلى أنه بعد اقتحام قوات الدعم السريع منازل المواطنين داخل المدن السودانية المختلفة بغرض السرقة قامت عناصرها باغتصاب عدد من النساء والفتيات، فيما المناطق التي وقعت تحت سيطرة الجيش السوداني قام أفراد يتبعون للخلية الأمنية بممارسة أشكال من العنف ضد النساء والفتيات، حيث قاموا بتوجيه اتهامات لعدد من النساء اللائي لم يستطعن الخروج من المدن.
وتم اتهام هؤلاء النساء بالتعاون مع قوات الدعم السريع رغم أن ما منعهن من النزوح هو الظروف الاقتصادية بجانب صعوبة الحركة والتنقل مع وجود أطفال وكبار بالسن يصعب نقلهم.
أجساد النساء ليست ساحات للمعارك
وعن نمط الاغتصاب الذي يمارس بغرض الإذلال وإهانة كرامة المغتصبات، بل والذي يصل إلى المجتمع ككل، أكدت أن "أجساد النساء ليس ساحة للمعركة"، لافتةً إلى نمط التهجير القسري الذي فرضه الصراع في كل من الخرطوم والفاشر على معظم الأسر السودانية من خلال الخروج الجماعي والفردي من أماكن سكنهم خوفاً من الهجوم على النساء والفتيات والاغتصاب خوفاً من الوصمة المجتمعية التي تلاحق الأجيال في السياق الاجتماعي المعقد، إلى جانب أن التهجير القسري أفقد معظم الأسر السودانية سبل العيش الكريم.
عنف قانوني
وأشارت إلى أن هنالك نمط عنف قانوني متمثل في الاعتقال "تواجه عدد من النساء والفتيات الاعتقال من قبل طرفي الصراع حيث تقوم الخلية الأمنية باعتقال النساء والفتيات عند ذهابهن إلى المراكز التي توفر خدمة الاتصالات بغرض التواصل الاجتماعي والاطمئنان على أسرهن أو استلام التحويل المالي".
وأضافت "تواجه هؤلاء النساء اتهام قوات الدعم السريع لهن بإرسال الإحداثيات للجيش السوداني، وكذلك يتم اتهام النساء من قبل الجيش السوداني بالتعاون مع قوات الدعم السريع".
العنف الجنسي
وعن نمط العنف الجنسي داخل مراكز التفتيش، أوضحت أنه "أثناء تنقل النساء والفتيات بحثاً عن مناطق آمنة يتعرضن للتحرش الجنسي من أفراد من الجيش السوداني، وكذلك تتعرض المعتقلات للتعذيب في أماكن الاعتقال وكذلك للعنف الجنسي إلى جانب الحرمان من حرية الحركة والتنقل".
وغالبية الأسر السودانية بحسب شيماء تاج السر مارست زواج القاصرات والزواج بالإكراه للقاصرات خوفاً من حالات الاغتصاب "بعض تقارير الرصد وثقت حالات عنف جنسي ضد النساء أثناء حرب الخرطوم وقعت من قبل أفراد من الجيش منها حالات لعدد من الزيجات تمت في مدينة ام درمان، بالإضافة إلى بعض حالات الزواج القسري تمت داخل معسكرات النزوح في كمبالا".
العنف الأسري بحق ضحايا الاغتصاب
كما أن عدد من الأسر السودانية مارست أشكالاً من العنف تجاه الفتيات والنساء اللائي تعرضن لعمليات الاغتصاب، واتهمن بأنهن يجلبن العار، حيث منعن من التنقل وبالتالي تعذر عليهن الحصول على الخدمات الصحية لما بعد الاغتصاب متمثلاً في البرتوكول الصحي، وهذا يقود إلى حرمان المواليد من التسجيل والحصول على شهادات ميلاد والخدمات الصحية والتعليمية.
وفي ذات السياق أوضحت شيماء تاج السر إن هنالك العديد من حالات الانتحار حدثت لعدد من الناجيات لعدم تحملهن الضغوط الأسرية والاجتماعية، مشيرةً إلى المخاطر الصحية والنفسية التي ترتبط بوجود أطفال بمرافقة أمهاتهم داخل المعتقلات "تقارير الرصد كشفت عن وجود طفل يبلغ خمس أعوام مع أمه وتعرضه للتعذيب حرقاً بالنار لمدة ثلاث أشهر أمام والدته المعتقلة التي لا تستطيع فعل شيء لحمايته".
فما تتعرض له النساء والفتيات في السودان اليوم ليس مجرد انتهاكات فردية، بل هو نمط ممنهج من العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يهدد حاضرهن ومستقبلهن، ويقوّض أسس المجتمع بأسره. إن أجساد النساء ليست ساحات للمعارك، وكرامتهن ليست رهينة للصراع المسلح أو الحسابات السياسية. لذلك فإن مسؤولية وقف هذه الانتهاكات تقع على عاتق الجميع.