'مع قرع طبول الحرب تقاتل الأمهات إلى جانب المقاتلين'

جنار صالح واحدة من الأمهات اللواتي قاتلن مع المقاتلين منذ عام 2012، في كل حرب كانت تشن على ناحية تل تمر كانت تعد الطعام للمحاربين وتقوم بحراسة وحماية أحياء المدينة في الليل.

 سوركل شيخو

الحسكة ـ الحرب التي تدور رحاها اليوم في الشرق الأوسط وتعمقت في أرض كردستان، هدفها الأول هو هزيمة الشعب الكردي وإنجازاته وتقويض الثورة المستمرة منذ 10 سنوات. وفي مواجهة هذه الهجمات يكافح أبناء الشعب من عمر 7 سنوات إلى 70 سنة ويقاومون الهجمات بطرق مختلفة. وتلعب النساء والأمهات بشكل خاص دوراً رئيسياً في هذه الحرب والمقاومة.

تقاتل المرأة بالسلاح في ساحات المعارك من جهة، وتوثق الحقائق بقلمها وكاميرتها من جهة أخرى، ومن ناحية أخرى تعد الأمهات الطعام للمقاتلين داخل المدن. في الحرب يتم إنشاء رابطة قوية وتلتف الأمهات حول المقاتلين. جنار صالح هي واحدة من تلك الأمهات في منطقة تل تمر التابعة لمقاطعة الحسكة في شمال وشرق سوريا. وهي تنحدر من عشيرة الكوت واشتهرت هذه العشيرة بشهدائها ووطنييها. عندما تقرع طبول الحرب، تستعد جنار مع بعض الأمهات للذهاب إلى ساحة المقاومة ويقمن بإعداد الطعام للمقاتلين. تحدثت لنا جنار صالح عن الحرب التي دارت في المنطقة وكيف انضمت إلى هذه المقاومة وهزمت العدو.

وعن مرحلة إخراج النظام السوري من المنطقة وعن كيفية تحملها لمسؤولية التنظيم المجتمعي على عاتقها قالت جنار صالح "عندما بدأت الثورة في 19 تموز عام 2012 كنت أول امرأة من المنطقة تنضم إلى العمل وبناء المجالس. ولست نادمة على قيامي بالأعمال التنظيمية منذ تلك اللحظة وحتى اليوم. لقد كانت السنوات الثلاث الأولى صعبة للغاية، فقد كانت رحى الحرب تدور من جهة وكانت هناك أعمال بناء المجالس وتنظيم المجتمع من جهة أخرى. كما عانينا بعض الصعوبات من ناحية كسر قيود العبودية والمشاركة في العمل، ولكن تغلب الناس والنساء على هذا الخوف وانضموا إلى العمل خطوة بخطوة. بعد طرد النظام السوري من تل تمر تعرضنا للحصار لمدة عشرين يوماً، فقد تم قطع الطريق الواصل بين الحسكة - تل تمر وقامشلو ـ تل تمر من قبل المرتزقة. لقد كانت المنطقة محاصرة من الجهات الأربع، ولم يكن هناك طريق للدخول والخروج منها. وعلى الرغم من أن أطفالي كانوا صغاراً في تلك الأيام، لكن العمل أيضاً كان مطلوباً مني، لذا قمت بإعداد الطعام لمدة 3 أشهر لعناصر قوى الأمن الداخلي".

 

"لم يكن هجوم داعش الذي شنه في 23 شباط عام 2015 هجوماً صغيراً وعادياً"

قالت جنار صالح إنها المرة الأولى في العالم التي تحدث فيها مثل هذه الثورة "هناك العديد من الثورات حدثت في العالم، لكن ثورة روج آفا أول ثورة تشارك فيها المرأة بهذا النشاط وتصبح رائدة وتقود الثورة. لم تتوقف الهجمات، ولم تكن المدينة تستريح وتلتقط أنفاسها ولم تكن أفواه البنادق تبرد. هجوم مرتزقة داعش الذي استهدف ناحية تل تمر وريفها في الـ 23 شباط عام 2015 لم يكن هجوماً صغيراً وعادياً. وبالطبع استمرت المقاومة ضدهم لمدة 3 أشهر حتى تحرير الناحية وقراها من المرتزقة. وفي ذلك اليوم أرتقى ابني الكبير باهوز إلى مرتبة الشهادة. في الساعة 06:00 صباحاً حملت بندقيتي وقرعت على أبواب منازل الجيران واحداً تلو الآخر وأيقظتهم لاتخاذ إجراءات وتدابير الحماية".

 

"عندما كان جثمان ابني في البراد كنت أعد الطعام لرفاقه على الجبهات"

أوضحت جنار صالح أنه خلال الأيام والساعات التي كان فيها جثمان ابنها الشهيد في البراد، كانت هي وصديقاتها يعدون الطعام للمقاتلين "خلال الأيام والساعات التي كان فيها جثمان ابني باهوز في البراد، قررت أنا و17 من صديقاتي في مؤتمر ستار أننا لن نغادر المنطقة وسنقاتل مع المقاتلين بأي طريقة. ما طُلب منا في تلك الحرب هو طهي الطعام للمقاتلين ومنذ اليوم الأول بدأنا في طبخ وإعداد الطعام. كنا نعد الطعام وسط القصف بالأسلحة الثقيلة والمدافع. لم تكن أصوات تلك المدافع تتوقف وسقطت القذائف عدة مرات بالقرب منا. كنا نعد الطعام من الساعة 07:00 صباحاً حتى الساعة 15:00 وبعدها كنا نرتاح قليلاً ثم نحمل أسلحتنا وندافع عن أحيائنا ونحميها من مغيب الشمس حتى الساعة 04:00 صباحاً. قسمنا أنفسنا إلى مجموعات، حيث كانت مجموعات منا تنقل الشهداء والجرحى إلى المستشفى وتساعد في معالجتهم ومجموعات أخرى تقوم بأعمال الطهي وحراسة الأحياء. في ذلك الوقت، كنا نعد الطعام لخمسة إلى ستة آلاف مقاتل. 17 شخصاً منهم الآن منضمين إلى قوات الكريلا ويقاتلون من أجل هذه الأرض".

 

"حمل اسم أخيه وارتقى إلى مرتبة باهوز"

استذكرت جنار صالح مقاومة العصر وقالت "في الهجمات على عفرين التي بدأت في كانون الثاني عام 2018 أظهرنا دعمنا بطرق مختلفة. فقد ذهبنا إلى عفرين في قوافل 4 مرات خلال شهرين وأظهرنا دعمنا لهم. لست أنا فقط بل كل العائلة وكل شعبنا شارك في ذلك. فمنذ 2012 وحتى الآن شاركت حسب إمكاناتي في هذه المقاومة دون تردد، وكأم سأقوم بما يطلب مني بدون تفكير. طبعاً ربيت أسرتي على حب قضية الشعب الكردي. وقد ارتقى ابني الكبير باهوز إلى مرتبة الشهادة، وانضمت جيندا الى صفوف وحدات المرأة الحرة وفي عام 2018 انضم ابني صالح الذي حمل اسم شقيقه وكان يُعرف باسم باهوز الصغير إلى صفوف الكريلا. وقبل شهرين ودّع باهوز الصغير هذه الحياة في مقاومة زاب ومتينه ضد الاحتلال التركي. لقد ارتقى باهوز الصغير إلى مرتبة باهوز الكبير".

 

"لقد هزمنا عدونا"

وختمت جنار صالح حديثها بالقول "كأم أعاهد أنني سأحارب مع مقاتلينا حتى النهاية ولن نستسلم للاحتلال. أعاهد أن أسلك طريق باهوز الكبير وباهوز الصغير وطريق كل الأبطال. فهجمات الدولة التركية والتهديدات ليست من اليوم أو الأمس، إنها تحاول هزيمتنا منذ أكثر من 10 سنوات. وابتداءً من مناطق الدفاع المشروع وصولاً إلى هنا وفي كل مكان في كردستان وضد الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية واستخدام الأسلحة الكيماوية، لقد استطعنا فعلاً هزيمة عدونا وتدمير قوته. نحن أقوى من قبل، ولدينا تجارب جديدة. سندافع عن أرضنا حتى النهاية، وقد عُرف من قبل بأن تل تمر مدينة الشهداء، وإذا تطلب الأمر سنقدم الشهداء مرة أخرى ولن نتخلى عنها. يجب على الجميع الوفاء لدماء أبنائهم".

 

https://1128498596.rsc.cdn77.org/video/20-07-2022-dayikan-li-k%C3%AAleka-servanan-di-dema-ser-de-dike.mp4