على خط النار... نساء تتحدين القصف وترفضن النزوح

تتعرض القرى والبلدات القريبة من خطوط التماس بين حكومة دمشق والمعارضة، لحملات قصف عنيفة ومركزة بين الحين والآخر، وتسببت بمقتل وجرح المئات من المدنيين في عموم المنطقة، لمنع الاستقرار، وبقاء المنطقة في حالة تهديد مستمر.

هديل العمر  

إدلب ـ بين أحياء هجرت منذ سنوات وبدت خالية وقرى أجبر سكانها على النزوح جراء القصف المتواصل، هناك نساء وعوائل اختارت البقاء مكرهة قرب خط النار، متحدية القصف الذي يطال المنطقة بين الحين والأخر.

قالت سمية اليوسف (42) عاماً أنها فضلت البقاء مع عائلتها المؤلفة من زوجها وأبنائها الخمسة في قرية البارة جنوب إدلب رغم المخاطرة، فهي من وجهة نظرها أفضل بكثير من ويلات النزوح والتشرد.

وأوضحت أنها تحاول أن تعيش حياتها الطبيعية بعدما تأقلمت على مواجهة الموت اليومي وسماع أصوات الرصاص والقصف الذي ينهال على القرية هنا وهناك، منذ ما يقارب 6 سنوات متواصلة.

ومع أن الشظايا أحدثت جرحاً غائراً في جبهة ابن سمية اليوسف ونجا من موت محتم فهي لم تغادر القرية ، لا نستطيع العيش داخل خيمة دون مصدر رزق يؤمن لنا حتى قوت يومنا "أرزاقنا وبيوتنا هنا ، لن نغادر".

أما الستينية حياة الجبالي فهي تقطن أطراف الحي المحمي في قرية الفطيرة إحدى قرى جبل الزاوية جنوب إدلب، وقلما تخرج من منزلها بل تلجأ إلى تخزين الطعام والماء لعدم مقدرتها على مغادرة الحي لكبر سنها.

وقالت إنها تعرضت للشظايا والقصف مرات عديدة لكنها كانت تنجو في كل مرة، مع بعض الدمار الجزئي في منزلها.

تواجه حياة الجبالي مخاطر عدة، حيث أنه لا يكاد يمر يومان أو ثلاثة دون سقوط ضحية جراء القصف بكثافة، غير أنها ترفض المغادرة وتفضل الموت في منزلها "ليس لي مكان آخر أذهب إليه، ولا أستطيع تحمل أعباء النزوح، أفضل البقاء والموت في منزلي".

ليس الكبار فقط يعيشون على خط النار محاولين عيش حياتهم الطبيعية دون الاكتراث لأصوات القنابل وأزيز الرصاص الذي يملأ الأفق بل الأطفال أيضاً، وعوضاً عن الحلم والأمل والطموح والتحديات والتدريبات والمنافسات، يعيش الأطفال في مختلف الفئات العمرية في تلك المناطق أجواء الحروب والدمار وأصوات القنابل والقذائف، وكل ما يتوفر لهم هو اللعب بالشظايا وبقايا صواريخ منفجرة.

لم تكن حياة الأمل الوحيدة للطفل لؤي الصبوح البالغ من العمر عشر سنوات إلا البقاء على قيد الحياة، وطموحه لا يتجاوز التمتع في نوم هادئ لليلة أو أكثر، والتحديات ماثلة في الاستمرار في حياة ينوء عن حملها الكبار، ومواصلة التعلم والضحك واللعب والعيش رغم كل شيء.

وقال لؤي الصبوح معبراً عن مدى بؤس وقسوة الحياة في تلك البلدة الواقعة على خط النار جنوب إدلب، وقلة الأطفال المماثلين له في السن، وعدم وجود أماكن للترفيه أو اللهو والتسلية "حتى المدرسة تفتقر للغاية للإمكانيات، ودائماً ما يكرس الوقت فيها للتنبيه من أخطار القنابل أو الألغام أو كيفية تفادي الإصابات أو الجروح".

كثيراً ما يبدو الطفل لؤي الصبوح الذي يعيش مع جده وجدته بعد أن توفي أهله في إحدى حملات القصف على القرية ليس كطفل، بل كناضج يعين جدته فيما يتعلق بشؤون المنزل وغيرها غير مكترث لأجواء القصف، وتارة ينبجس الطفل البريء بداخله، فيذهب للعب واللهو مع من يجده من أطفال في حيه الصغير أو مع قطته الصغيرة.