'على المنظمات الدولية التدخل لمنع حدوث كوارث بشرية وبيئية جراء حبس مياه الفرات'

من حق الشعب السوري الحصول على حصته من مياه نهر الفرات وما يمارسه الاحتلال التركي مخالف للقوانين والمواثيق الدولية.

دلال رمضان

كوباني ـ أدى انخفاض منسوب مياه نهر الفرات في مناطق شمال وشرق سوريا إلى ظهور كوارث بشرية وبيئية وتراجع مساحات الأراضي الزراعية وجفاف المياه الجوفية والذي أثر بشكل سلبي على الحياة الاقتصادية في المنطقة.

منذ بداية نيسان/أبريل من العام المنصرم قل الوارد المائي لنهر الفرات لمستوى 4 أمتار ونصف شاقولي ونتيجة لذلك تأثرت السدود الثلاثة المقامة على النهر وهي سد تشرين وسد الفرات، وسد الحرية، مما يشكل خطراً على جميع نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وبذلك يعمل السد لمدة 6 ساعات فقط مما يقلل ساعات ضخ مياه الشرب أيضاً، وهذا ما يتسبب بقلة ساعات الكهرباء والمياه. 

وبدأت تركيا في 27 كانون الثاني/يناير عام 2021 بحبس مياه نهر الفرات عن الأراضي السورية ليصل بذلك منسوب المياه الواردة إلى أقل من 200 متر مكعب في الثانية، بينما تنص اتفاقية بين النظامين السوري والتركي على أن تحصل سوريا على ما لا يقل عن 500 متر مكعب في الثانية من مياه نهر الفرات.

وتراجع منسوب المياه في نهر الفرات أدى إلى خروج مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية عن الخدمة مما يهدد سبل معيشة نسبة كبيرة من أهالي شمال وشرق سوريا الذين يعتمدون على الزراعة، وتوقف العديد من محطات ضخ المياه الخاصة بالشرب أو الري في العديد من المناطق بسبب ابتعاد مجرى النهر عنها بالإضافة إلى جفاف المياه الجوفية وقلة المساحات الخضراء في المناطق المحيطة بالنهر وتقليل عدد ساعات الكهرباء وتأثيرها السلبي على البيئة.

وفي مقاطعة كوباني والقرى الشرقية لنهر الفرات يعتمد العديد من الأهالي في تدبير أمورهم الاقتصادية والمعيشية على الزراعة لذا تأثر انقطاع مياه نهر الفرات على الحياة الاقتصادية، الزراعية والبيئة بشكل عام.

تقول عليا أصلان العاملة في قسم سلامة الأغذية في هيئة البيئة بإقليم الفرات أن "انخفاض منسوب مياه نهر الفرات عن حصة سوريا حسب الاتفاقيات الدولية اعتداء تركي على أحد أهم حقوق الشعوب، أثر بشكل كبير على المنطقة من الناحية الاقتصادية، الزراعية والبيئة والصحة من انتشار الأمراض المعدية كالكوليرا مؤخراً والتي ظهرت بسبب انتشار التلوث في المياه، بالإضافة إلى تقليل المساحات الزراعية والخضراء في المناطق المحيطة بالنهر"، مضيفةً أن معظم أهالي المنطقة والقرى القريبة من النهر يعتمدون في معيشتهم على الزراعة والري من نهر الفرات "يواجه المزارعين تحديات في تأمين المياه الكافية لزراعة المحاصيل وسقاية بساتينهم والأشجار المثمرة التي يعتمدون عليها في تدبير أمورهم الاقتصادية".

وأوضحت أن الزراعة بشكل عام في إقليم الفرات تعتمد على الري من نهر الفرات "خلال عامين قل إنتاج المواسم الزراعية في المنطقة من القمح والشعير والخضروات بسبب نقص مياه نهر الفرات بالإضافة إلى قلة هطول الأمطار، لذا كان المزارعون يعتمدون على مياه الفرات بشكل خاص، كما جفت المياه الجوفية كالآبار بسبب حبس المياه"، مشيرةً إلى سياسة الاحتلال التركي تجاه شعوب المنطقة "الاحتلال التركي يحارب شعوب المنطقة بكافة الأساليب الوحشية من قتل وتهجير وفرض الحصار عليهم بالإضافة إلى قطع مياه الفرات الذي يشكل شريان الحياة في مناطق شمال وشرق سوريا".

وأكدت أن استمرار حبس المياه عن المنطقة سوف يؤدي إلى كارثة بشرية وبيئية "استمرار الاحتلال التركي بقطع مياه نهر الفرات سيؤدي لانتشار الأمراض وقلة مساحة الأراضي الزراعية والحراجية، وما لذلك من تأثير على الحيوانات أيضاً".

ودعت عليا أصلان المنظمات الدولية للضغط على الاحتلال التركي من أجل الالتزام بالاتفاقيات الدولية والاتفاقية التي تجمع الدول بشأن مياه نهر الفرات "على المنظمات الحقوقية والدولية التدخل السريع لحل مشكلة قطع المياه وردع تركيا عن سياستها العنصرية تجاه شعوب شمال وشرق سوريا، من حق الشعب السوري الحصول على حصته من مياه نهر الفرات وما يفعله مخالف للقوانين والمواثيق الدولية".

ومن جهتها قالت غزالة محو إحدى نساء المنطقة "بعد فشل الاحتلال التركي بشن عمليات عسكرية جديدة على المنطقة لجأ إلى أساليب أخرى لمحاربة الشعب السوري من خلال لقمة عيشه وقطع مياه نهر الفرات وبناء السدود الكبيرة وخرق القوانين والمواثيق الدولية، مما يؤثر بشكل كبير على حياتنا المعيشية من الزراعة والاقتصاد لأن قلة إنتاج الموسم الزراعي ستدفعنا للهجرة الداخلية والخارجية فمعظم شعوب مناطق شمال وشرق سوريا يعتمدون بشكل أساسي على الزراعة وتربية الحيوانات".

وبينت أنه إلى جانب الزراعة والاقتصاد أدى نقص مياه نهر الفرات إلى تقنين كبير في ساعات الكهرباء أيضاً "قلة الوارد المائي والذي لا يكفي للشرب والري انعكست على الواقع الحالي للكهرباء والزراعة واقتصاد المنطقة، وظهرت مشاكل فنية وكهربائية في محطات توليد الكهرباء وتوقف المعامل التي تعتمد على الكهرباء في عملها والمحلات الصناعية".

وقالت غزالة محو "في السنوات السابقة كان الموسم الزراعي وفير في كافة المناطقة القريبة من نهر الفرات، أما اليوم قل بشكل ملحوظ، وجفت مياه الآبار الجوفية وبالرغم من ذلك المنظمات الدولية ما زالت صامتة ولا يعنيها ما تمر به المنطقة من مآسي وكوراث يرتكبها الاحتلال التركي بحقنا".