خادمات في عمر الطفولة... ضغوط نفسية بسبب الأعباء المنزلية
انتحرت فتاة تبلغ من العمر 18 عام في منطقة الخانكة لتهرب من أعباء تنظيف المنزل في عيد الفطر ومازالت الكثير من الفتيات في مصر يرينَّ أن الموت أفضل من الخدمة الشاقة لأسر ترى أن الفتاة خلقت لتخدم رجال عائلاتها
نيرمين طارق
القاهرة ـ ، بل يمتد الأمر لخدمة الأقارب فتتحول فتاة في مرحلة الطفولة لخادمة تعمل يومياً دون مقابل.
تقول شهد محمود (15) عاماً من شبرا الخيمة "أنا الابنة الوحيدة ولي ثلاث أشقاء ذكور أكبر مني، ومطلوب بشكل يومي غسل الأطباق بعد كل وجبة وتنظيف غرفة أشقائي وغسل ملابسهم، وعندما طلبت مساعدتهم كان رد أمي أن الخدمة دور الفتاة، وأنها تمنت أن تنجب فتاة بعد ثلاث ذكور حتى تخدمها"، وتضيف "شعرت أن الهدف من وجودي في الحياة هو الخدمة وأنني لست أكثر من خادمة في منزل أسرتي".
وتقول هبة عبد الحميد (17) عاماً من فيصل "الخدمة لم تعد مقتصرة على خدمة أبي وأمي وأشقائي الذكور، فنحن نعيش في بيت عائلة مع جدي وبعد زواج عمتي تحولت لخادمة لجدي وجدتي وعمي الذي لم يتزوج بعد، ويطلب مني أن أقوم بكي ملابسه والاعتراض ليس حق فجدتي مسنة، وأمي تقوم بالطبخ يومياً، وغسل الأطباق ومسح السلم وكي ملابس أبي وعمي وجدي أصبحت مسؤوليتي"، وتضيف "أحياناً اتمارض حتى أهرب من الأعباء المنزلية ويوم الجمعة الذي ينتظره الجميع للراحة تطلب مني جدتي غسل الملابس وتنظيف سطح المنزل من روث المواشي التي يشتريها جدي".
أما مريم موسي (20) عاماً من العمرانية فتقول "والدي قال لي إن كان ذهابي للجامعة سيكون له تأثير سلبي على خدمة جدي وجدتي فسيمنعني من الذهاب؛ لإن جدتي مريضة وبحاجة لرعاية وخدمة ووالدتي خدمتها لسنوات طويلة عندما كنت طفلة، وجاء الوقت لترتاح أمي وأقوم أنا بمهمتها"، وتضيف "قال لي أكثر من مرة إنه سيحاسب على جدي وجدتي ولكن أنا ابنته ويجب أن أطيعه، وكثيراً ما تمنيت الموت فلا أعرف معنى الراحة، فبعد المحاضرات مباشرة أعود للخدمة في شقتنا وشقة جدي فنحن نعيش في بيت عائلة وليس لي بنات عم فعمي الكبير لديه أربع ذكور وعمي الأصغر لديه ثلاث لذلك فالخدمة مسؤوليتي بمفردي".
وتقول سارة مصطفى (19) عاماً من الزاوية الحمراء "أنا لست معترضة على الخدمة ولكن لماذا لا يشارك أخي ولا يساعد بأي شكل فهو لا يقوم بحمل الطبق الذي يأكل فيه فكيف سيقوم بتحمل مسؤولية أسرة فيما بعد، ولماذا يقضي كل أوقات فراغه في المقاهي والشارع ثم يعود ليطلب مني أن أعد له فنجان القهوة ولا يجوز الاعتراض فهو الولد"، وتتساءل "ماذا يفعل هذا الولد للأسرة؟ لا يفعل شيء ويحصل على مصروف ومعاملة بعد تخرجه من الجامعة لإنه لا يعمل، ويحصل أيضاً على معاملة خاصة من الأب والأم والجدة لمجرد أنه ذكر".
أما فرح سليمان (18) عاماً من المرج فتقول "العيد الماضي طلبت من أبي أن يسمح لي بالخروج مع صديقاتي فرفض وقال لي أن هناك ضيوف من أهله في المنوفية والضيوف بحاجة لخدمة فقضيت العيد في المطبخ مع أمي لإعداد الطعام، وقبل العيد قمت بغسل السجاد ومسح الأرضيات، وعندما طلبت الإستعانة بعاملة لمساعدتي رفض أبي وقال لن يدخل غريب منزلنا رغم أن الكهربائي يدخل لإصلاح المصابيح، وكذلك النجار والسباك ولكن الهدف هو توفير النفقات لإن هناك فتاة يجب أن تخدم".
وتقول مها أيمن (22) عاماً من المطرية "طلب من أخي أن يأخذ السجاد إلى المغسلة بسيارته فرفض، وقال لي لن أحمل السجاد على كتفي فقمت بغسله بمفردي"، وتضيف "العيد الماضي وبعد الغسل تعرضت لنزلة برد شديدة، وبينما كنت نائمة؛ بسبب ارتفاع حرارتي طلبت مني أمي أن أعد العصائر والحلويات للضيوف وقالت لي أن النساء في الريف يقمنَّ بحلب الأبقار وصنع الجبن خلال حملهنَّ فنزلة البرد ليست عذراً".
وعن الضغوط التي تتعرض لها الفتيات في البيوت المصرية تقول خبيرة التنمية البشرية الدكتورة بسمة سليم "الثقافة المصرية تحمل النساء العديد من المهام الصعبة فالمرأة في الريف تذهب إلى الحقل لمساعدة زوجها ولكن لا يحق لها أن تشاركه في إيراد المحصول وكذلك داخل البيوت، فتقوم الأم بتربية الولد على عدم فعل أي شيء ولهذا السبب ارتفعت نسبة الطلاق وأصبحت المحاكم مليئة بنساء تطالب بنفقة لأطفالها لأن هذا الرجل الذي لا ينفق على أطفاله كان الشاب الذي تقوم أخته بغسل ملابسه وتنظيف حجرته فهو إعتاد أن يجد المرأة تفعل كل شيء وهو يشاهد أو يعطي الأوامر".
وتضيف "تتعرض الأم التي تحاول أن تعلم ابنها خدمة نفسه للتنمر والسخرية من السيدات في عائلتها لأن المرأة المصرية تستسلم للثقافة على الرغم من أن هذه الثقافة عرضتها للظلم، فالأم التي تجبر ابنتها على خدمة شقيقها لمجرد إنه ولد كانت تعاني في بيت أسرتها من الضغوط النفسية بسبب خدمة اشقائها الذكور ولكن ليس لديها الشجاعة الكافية لبذل أي مجهود لتغيير أو محاربة تلك الثقافة".
وتقول بأن "الحل هو التوعية من خلال المناهج الدراسية للأطفال منذ الصغر بضرورة مساعدة الأم والأخت، وتوعية الأمهات أن خدمة الولد لنفسه منذ الصغر هو نوع من التدريب على تحمل المسؤولية".