حوادث الدراجات النارية تودي بحياة أطفال ونساء في إدلب
تسبب سوء الطرقات وقلة الوعي وإهمال القواعد المرورية من قبل السائقين، والسرعة الزائدة وعدم اتباع إجراءات السلامة، بالتزامن مع الازدحام السكاني الشديد بزيادة عدد الحوادث المرورية التي باتت شبه يومية.
هديل العمر
إدلب ـ تزداد الحوادث الناتجة عن الدراجات النارية في إدلب مودية بحياة أطفال ونساء لعدة أسباب، على رأسها التجمع السكاني الكبير في إدلب جراء عمليات النزوح المتكررة، إضافة إلى شبكة الطرق المدمرة بسبب القصف المستمر، وفقدان الشاخصات المرورية وتمكن شريحة واسعة من صغار السن وغير المؤهلين من قيادة الدراجات النارية، إذ لا توجد ضوابط للقيادة في المنطقة.
استأصلت فاطمة البري (27) عاماً كليتها أثر تعرضها لحادث مؤلم أثناء سيرها على إحدى الأرصفة لتخرج إحدى الدراجات النارية عن الطريق الرئيسي وتدهسها مسببة لها كوارث صحية، وليتبين أن السائق هو طفل لم يتجاوز عمره العشر سنوات.
وقالت أنه مضى على الحادث أكثر من شهرين لكن تبعات الإصابة بدت أنها ستلازمها مدى الحياة، خاصة وأنها فقدت جزء من جسدها وتعرضت الأجزاء الأخرى لضرر كبير.
وأضافت أنها تعاني فضلاً عن استئصال كليتها تبعات كسر في الحوض ورضوض في القدمين واليدين والرأس، دون أن تحصل على أي تعويض مادي أو معنوي من أهل الطفل السائق الذين يعانون الفقر المدقع.
فاطمة البري لا تضع اللوم على الطفل وإنما على العائلة أولاً وهشاشة أنظمة المرور في المنطقة التي وصل بها الاستهتار بأرواح الناس حد كارثي، إذ لا تنظيم ولا قواعد ولا إشارات مرورية ولا حتى طرقات مؤهلة للسير فيها ثانياً.
وإن كانت فاطمة البري قد نجت من الحادثة وخرجت من براثنها باستئصال وكسور ورضوض، فإن الحادث التي تعرضت له ابنة فاديا الكرمو (46) عاماً أثناء اصطحابها معها إلى وظيفتها في مدينة بنش غرب إدلب قد أودى بحياتها.
وعن تفاصيل الحادثة قالت فاديا الكرمو متأثرة لما حدث مع ابنتها لين البالغة من العمر خمس سنوات "كانت أصغر أطفالي فقدتها بلمحة بصر دون أن أتمكن من حمايتها"، مبينةً أن دراجة نارية مسرعة، يقودها شاب طائش دهس ابنتها وهي تمسك بيدها وتسير معها على جانب الرصيف، لم تدرك فاديا كيف حدث ذلك، وكل ما شاهدته أن ابنتها ملقاة على بعد أمتار منها جثة هامدة.
لم تستطع الطفلة النجاة بعد إصابتها بنزيف داخلي أودى بحياتها بعد دقائق معدودة من الحادثة، في حين مازالت الأم مصدومة مما حدث معها، وتحمل المسؤولية ليس فقط للشاب الذي صدم ابنتها وفر هارباً وإنما أيضاً على الجهات المعنية التي لم تنصف ابنتها وتلقي القبض على الشاب المستهتر وتقدمه للعدالة حتى الآن رغم مضي أكثر من سنة على الحادثة التي افقدتها فلذة كبدها.
أما سارة الصبوح (28) عاماً، فتبدو أنها أحسن حظاً من سابقتها حين كانت في طريقها إلى السوق لشراء بعض الحاجيات بصحبة طفلها يزن البالغ من العمر ثلاث سنوات حين صدمتها دراجة نارية، أدت لإصابة في يدها وكسر في قدم صغيرها، جراء السرعة الزائدة التي كانت تسير بها الدراجة، مشيرة إلى أن الحادث أثر عليها وعلى طفلها بشكل كبير وترك تبعات ليست جسدية وحسب وإنما نفسية أيضاً وخوف مستمر من الخروج والسير في شوارع.
وقالت الناشطة المجتمعية صفاء الأحمد، إن الحوادث المرورية وخاصة المتعلقة بالدراجات النارية باتت شبه يومية، بسبب سوء الطرقات وقلة الوعي وإهمال القواعد المرورية من قبل السائقين، والسرعة الزائدة ورداءة الطرقات، وقيادة الأطفال للدراجات النارية، وعدم اتباع إجراءات السلامة، وعدم التأكد من الحالة الفنية للمركبات وفحصها بشكل دوري، بالتزامن مع الازدحام السكاني الشديد.
وأكدت على ضرورة نشر رسائل التوعية بين المدنيين حول السلامة المرورية، وتركيب الشاخصات المرورية في العديد من الطرقات، وفي المنعطفات الخطرة للتقليل من حوادث السير وأضرارها.
وأوضحت أن عملية الوقاية من حوادث السير هي مهمة مجتمعية متكاملة، بالالتزام بقواعد المرور، وأولويات السير، ومنع الأهالي أطفالهم من قيادة الدراجات النارية، وعدم السير في الاتجاهات المعاكسة والممنوعة وأحادية الاتجاه، ما سيساهم بشكل كبير بالحد من حوادث السير وإيقاع ضحايا من المدنيين.
وأوصت بأهمية توزيع الدوريات المرورية، والسيارات الضابطة على جميع الدوارات والتقاطعات والشوارع المزدحمة ضمن الأسواق، والعمل على تنظيم حركة السير، ومنع الازدحام المروري، وإرشاد السائقين وتحذيرهم من السير بالاتجاهات المعاكسة، والسير أو الوقوف العشوائي في الأسواق.
وطالبت بالعمل على اتخاذ تدابير قمعية صارمة لضبط المخالفات الخطرة المسببة للأذى وحوادث السير، كقيادة الدراجات النارية بتهور، ومصادرة الدراجات النارية التي يقودها أطفال صغار دون سن 16 عاماً.