هند العايدي امرأة تركت عالم "البزنس" لخدمة المشردين
تعتبر هند العايدي رئيسة جمعية جود، من النساء المغربيات اللواتي انخرطنَّ في العمل الجمعوي، حيث تمكنت في وقت قصير من وضع اسمها في هذا المجال
حنان حارت
المغرب ـ ، إذ منذ ولوجها لهذا العالم عرفت برباطة جأشها ودفاعها عن الأشخاص المشردين، واستطاعت أن تفرض نفسها، وتكسب احترام هذه الفئة التي تتفاعل بشكل كبير مع المبادرات التي تطلقها جمعيتها.
جاءت هند العايدي إلى العمل الجمعوي من عالم الأعمال "البزنس"، فهي عملت لسنوات كسيدة أعمال، حيث كانت تمتلك شركة لإنتاج العلامات الإشهارية، لكن في لحظة من اللحظات ورغم النجاح الذي حققه مشروعها، وجدت نفسها تتخلى عن عالمها هذا لتلج إلى العمل الجمعوي، من باب مساعدة الأشخاص المشردين وكلها ثقة وإصرار وعزيمة على النجاح، فما هو الدافع الذي جعلها تترك عالم الأعمال وتتوغل في العمل الجمعوي؟
بدأت علاقة هند العايدي مع المشردين سنة 2009، كما تقول لوكالتنا وكالة أنباء المرأة "قبل سنوات كنت قد خضعت لعملية جراحية، وبعد شفائي قررت والدتي تقديم وجبة لعدة أشخاص يعيشون في الشارع".
وتضيف أن والدتها كلفتها بتقديم الطعام للمشردين الذين فرضت عليهم الظروف العيش بدون مأوى، وعندما بادرت بتنفيذ طلب والدتها وقفت على واقع آخر لم تكن تعرف عنه شيئاً، حيث ظلت صورة أحد المشردين تطاردها.
ومنذ ذلك الحين بدأت تبحث عن طريقة لمساعدة هذه الفئة، "في سنة 2015 تم انتخابي لشغل منصب رئيس جمعية الدائرة النسوية الدار البيضاء، وكان ملزماً لكل أعضاء الجمعية اقتراح عمل خيري، وبناءً على ذلك اقترحت نشاطاً يتعلق بإطعام 100 شخص من المشردين، ووجدت الفكرة إعجاب الحضور وتفاعل معها الكل، وهكذا بدأت أكتسب الخبرة في العمل الجمعوي التطوعي، وعرفت معاني وقيم الإصرار الدائم، إذ وجدت نفسي وباقي أعضاء الجمعية على موعد مع تحمل المسؤولية الجسيمة لخدمة المشردين".
وتضيف إن هذا الأمر لم يكن كافياً بالنسبة لها، بل كانت لها عدة أفكار ومبادرات لتقديمها من أجل مساعدة المشردين، ولم يكن أمامها غير تأسيس جمعية سنة 2016، أطلقت عليها اسم جود.
وتهدف الجمعية، كما تشرح إلى حفظ كرامة المشردين ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع، "كلما كان هؤلاء نظيفين تمكنا من التواصل مع مشغلين من أجل الحصول على عمل يغنيهم عن السؤال".
عادة ما تبدأ المبادرات التي تقوم بها الجمعية في الليل حيث يكون اللقاء بالمشردين، ويستمر عمل هند العايدي وباقي الأعضاء المتطوعين طوال الليل، رغم برودة الطقس التي تزداد مع حُلكة الليل، فمع كل ذلك يستمر حماسهم في تقديم الخدمات للمشردين؛ من تقديم الطعام الساخن إلى الملابس النظيفة، والعلاجات والإسعافات لبعض الأشخاص الذين يعانون من جروح أو أمراض.
لم تقف المبادرات التي تخصصها هند العايدي للفئات الهشة في الشارع عند تقديم الطعام والأدوية، وإنما يتعداها ذلك إلى تقديم خدمة الاستحمام، حيث أن الجمعية جاءت بفكرة الحمام المتنقل، والذي يستفيد منه الأشخاص الراغبين في الاستحمام، تقول هند العايدي عن هذه المبادرة إنها خدمة جديدة لهؤلاء، مشيرةً إلى أن الجمعية تمكنت في ظرف خمس سنوات تقريباً من فتح فروع في خمس مدن مغربية وهي مدينة الدار البيضاء، ومراكش، والجديدة، والرباط وطنجة.
وتوضح أن الجمعية استطاعت انتشال 401 من الأشخاص من الشارع، وتم توفير مساكن لهم، وإدماجهم في المجتمع عن طريق إيجاد عمل، وهم اليوم يعيشون حياة طبيعية.
وأكدت أن العمل الجمعوي ليس بالأمر الهين ويتطلب رؤية وخطة عمل واضحة، "في الحقيقة العمل الجمعوي مكنني من الإطلاع عن كثب على مجموعة من النساء والأطفال والشباب الذين يحتاجون للمساعدة، كما تعرفت عن قرب على المعاناة الكبيرة اليومية لهذه الفئة من المجتمع وأشرفت على الإنصات لهم وتوجيههم توجيهاً سليماً".
وجمعت الفاعلة الجمعوية ورئيسة جمعية جود هند العايدي، ما بين العمل وتربية الأولاد والإعداد للبرامج والترتيبات الخاصة بالجمعية، بطموح وإصرار كبيرين، وفي ختام حديثها دعت كل النساء إلى خوض تجربة العمل الجمعوي الهادف الذي يخدم المجتمع والأفراد، وأن يعملنَّ على الاستثمار الأمثل لوقتهنَّ فيما ينفع مجتمعاتهنَّ على نحو أفضل.