حالات اغتصاب وجثث ملقية على الطرقات... سودانيات تنددن بالانتهاكات في الفاشر

نددت نساء سودانيات بالانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع بحق النساء في بلادهن منذ اندلاع النزاع عام 2023 والتي ارتفعت وتيرتها خلال الأيام الماضية في مدينة الفاشر، مطالبة المجتمع الدولي بتصنيف الدعم السريع "جماعة إرهابية" وتنفيذ أقصى العقوبات عليها.

آية إبراهيم

السودان ـ مشاهد فظيعة وجثث لا تزال ملقية على الطرقات ووسط المزارع وفيديوهات منتشرة لأفراد من قوات الدعم السريع على مواقع التواصل الافتراضي وهم يتلذذون بقتل النساء في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غرب البلاد منذ سيطرة الدعم السريع عليها الأيام الماضية، حيث يأتي ذلك وسط دعوات متجددة لمناهضة العنف ضد المرأة.

عبّرت غادة عثمان، المسؤولة بمجلس الثقافة والإعلام، عن بالغ حزنها إزاء الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق النساء في مدينة الفاشر، والتي شملت القتل والتعذيب والتشريد، وقد غلبتها الدموع وهي تتحدث عن المشاهد المؤلمة التي رأتها في الصور ومقاطع الفيديو المنتشرة على منصات التواصل الافتراضي، والتي وثّقت حجم المأساة والمعاناة التي تعيشها النساء هناك.

ونددت بالانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق النساء في مدينة الفاشر، مطالبة بإنزال أقصى العقوبات بحق المسؤولين عنها "نتألم لما حدث، لا أستطيع مشاهدة ما تعرضت له النساء في الفاشر، إنه أمر صعب للغاية. تمنيت لو استطعت تقديم المساعدة"، مؤكدة أن التعاطف مع نساء دارفور واسع، وأن الجميع يقف إلى جانبهن ويشعر بآلامهن، معربة عن أملها في أن ينتهي النزاع قريباً ويحل السلام في السودان.

خلال اقتحام الدعم السريع للفاشر قُتلت وفقدت شخصيات نسائية بارزة، بينها المراسلة الحربية آسيا خليفة التي لايزال مصيرها مجهول ما بين الحديث عن مقتلها وفقد التواصل معها حيث عرفت بشجاعتها وهي تنقل المعارك من داخل مدينة الفاشر منذ فرض قوات الدعم السريع حصار عليها في أيار/مايو 2024، إضافة لمقتل النائبة السابقة سهام حسن حسب الله، التي تعتبر أصغر برلمانية في تاريخ السودان وكانت معروفة بنشاطها في قضايا المرأة والشباب.

 

الانتهاكات التي ترتكب لا يمكن تبريرها

بدورها نددت روعة بربراوي، مديرة مركز تدريب الموارد البشرية، بالانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بحق النساء في مدينة الفاشر، ووصفتها بأنها جريمة تمس الإنسانية جمعاء، وتفوق في قسوتها ما شهدته المجتمعات حول العالم، قائلة بأسى بالغ "نحن نتألم بشكل غير محتمل"، متسائلة عن الدوافع التي تقف وراء هذه الممارسات الوحشية، مؤكدة أن ما حدث لا يمكن تبريره أو تجاهله، وأنه يمثل وصمة في جبين الإنسانية.

ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل والنظر بعين الإنسانية إلى ما يجري في مدينة الفاشر، والوقوف على أوضاع المتضررين من النساء والأسر، والتحقيق في الانتهاكات التي تعرضوا لها على يد قوات الدعم السريع "هناك وجع وصدمات متتالية، النفس البشرية لا تستوعب ذلك. أصبحنا نهرب مما يحدث لأنه مؤلم".

وأكدت روعة بربراوي أن من فقد حياته قد رحل، لكن من بقي وشهد تلك الانتهاكات يعيش وسط ألم متحرك لا يمكن استيعابه بسهولة، مشددة على أن هؤلاء الضحايا بحاجة ماسة إلى التأهيل والدعم النفسي والاجتماعي، مشيرة إلى أن حجم الأزمة يفوق التوقعات ويتطلب تضافر الجهود من جميع الجهات، محلية ودولية، لتخفيف المعاناة واستعادة الكرامة الإنسانية.

ومنذ سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، تتهمها منظمات دولية وأممية بارتكاب مجازر وانتهاكات ضد المدنيين من اعتقالات تهجير وإعدامات ميدانية، وذلك أثناء اقتحامها للمدينة التي ظلت تحاصرها لأكثر من عام، كما أدانت دول عربية الانتهاكات التي وقعت خلال هجمات الدعم السريع على مدينة الفاشر وسط دعوات لهدنة إنسانية فورية.

 

"تصنيفهم جماعة إرهابية"

من جانبها أدانت آمنة محمد، المسؤولة في المقاومة الشعبية، الانتهاكات التي تمارسها قوات الدعم السريع بحق النساء في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور منذ سيطرتها على المدينة، مؤكدة أن صمود النساء هناك يعكس قوة المرأة في دارفور، مشيرة إلى أنهن قدمن درساً عظيماً في الوطنية والكرامة، وأثبتن أنهن قادرات على مواجهة المحن بثبات وإرادة لا تلين.

ولفتت إلى أن ما جرى من قتل واغتصاب وتشريد في مدينة الفاشر لا يمت بصلة إلى قيم وأخلاق السودانيين، مؤكدة أن هذه الأفعال الوحشية دخيلة على المجتمع السوداني، ولا تمثله بأي شكل من الأشكال "تتعرض المرأة لأبشع أشكال الانتهاكات ما حدث لها لم يحدث من قبل في العالم"، مشددة على أن المجتمع الدولي قد أدان هذه الجرائم، ما يعكس فداحة ما ارتُكب بحق النساء والأطفال "هذه الانتهاكات تستوجب تحركاً عاجلاً لإنصاف الضحايا ومحاسبة الجناة".

ولفتت إلى أن قوات الدعم السريع ينشرون صور وفيديوهات تعذيبهم للنساء وأنهم يريدون بذلك كسر المرأة، مطالبة المجتمع الدولي بتصنيف الدعم السريع "جماعة إرهابية" وألا يكون لها مكان في السودان، وقالت إن المرأة في دارفور أصبحت رمز للسودان لما تحملته من انتهاكات بشعة.

وبحسب تقارير من الفاشر، فإن قوات الدعم السريع شنّت حملة رعب في المدينة، وارتكبت فظائع كبيرة بينها إعدام أكثر من 2000 مدني، ووردت تقارير عن انتهاكات متعددة مدعومة بصور من الأقمار الاصطناعية، كما كشفت لجنة حماية الصحفيين الدولية في تقرير لها عن تعرض ثلاثة صحفيات على الأقل لعمليات اغتصاب على يد قوات الدعم السريع، إضافة إلى اختفاء 13صحفياً وصحفية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.