غزة... لاستعادة الخصوصية المفقودة والأمان امرأة تحول سيارتها لمنزل
يتم تجاهل حقوق واحتياجات النساء والفتيات في غزة، ويصبح الوصول إلى أبسط المقومات المعيشية صعب، مما يزيد من تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي والنفسي لهن في المخيمات ومراكز الإيواء.
نغم كراجة
غزة ـ حولت ماجدة قديح سيارتها الخاصة إلى منزل يؤويها ويوفر لها بعض الخصوصية، في ظل استمرار الحرب التي تعصف بقطاع غزة، والتي تسببت بمعاناة آلاف النساء والفتيات في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء.
منذ ستة أشهر والحرب مستمرة في قطاع غزة مما دفع الكثير من النساء لخلق بعض الوسائل التي توفر لهن الحماية والخصوصية، حيث دفعت الأوضاع الصعبة ماجدة قديح البالغة من العمر 55 عاماً إلى النزوح بعد خسارتها لمنزلها في عبسان الكبيرة، ولجوئها إلى مكان إيواء في تل السلطان برفح.
وعن رحلة نزوحها قالت "في السابع من تشرين الأول 2023 استيقظت على الواقع العسكري المرعب الذي حلّ في أرجاء قطاع غزة، أجبرتنا القوات الإسرائيلية على إخلاء منازلنا، فاضطررت للنزوح إلى مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس وعشت هناك أصعب ثلاث أشهر حيث البرد القارس والمكان الغير ملائم، وتأزمت الأوضاع الأمنية مجدداً واضطررت للتوجه إلى جامعة الأقصى تحت وابل من القصف والتهديدات".
وأضافت "بعد قضاء قرابة شهر في جامعة الأقصى، داخل سيارتي الخاصة، لم تنتهِ رحلة النزوح الشاقة هناك، اجبرني اشتداد المعارك والقصف والاشتباكات للتوجه نحو مدينة رفح، دون معرفة وجهتي المحددة، وأذكر حينها أنني خرجت وسط أعداد من الجثث والجرحى ملقاة على الأرض وسط الفوضى والدمار الذي خلفته المناورات البرية والجوية".
ولفتت إلى أنها تعيش بمفردها بعيدة عن أبنائها المغتربين، وتجد صعوبة في نقل أمتعتها الشخصية والضرورية خلال فترة النزوح، وتعاني كأي امرأة من آثار الحرب والسياسة القمعية التي تستهدف النساء بشكل مباشر، ومن بين التحديات التي تواجهها هو الإرهاق الجسدي والنفسي بسبب النوم داخل السيارة طيلة أشهر الحرب الستة.
وأكدت أنها تحاول استغلال وقت الجلوس الطويل بقراءة الروايات والكتب للتخفيف من حدة الظروف الصعبة التي تواجهها، لافتةً إلى أنها تقوم بالطهي والنوم واستقبال الزوار دخل سيارتها بسبب النقص الحاد في عدد الخيام، مشيرةً إلى أنها واجهت انتقادات كثيرة حول فكرة أن امرأة تنام وتعيش داخل سيارة "الأمر لم يكن سهلاً في البداية لكنني اخترت البقاء داخل سيارتي في حال وقوع أي قصف أو اشتباكات مفاجأة".
وأضافت أن المرأة في غزة تحاول تحدي الظروف التي حلت عليها بكل قوة وإصرار وتتحمل معاناة لا تُطاق، وتواجه جرائم وويلات الحرب بكل عزيمة وإرادة "فعلى الرغم من العنف والظلم الذي تعيشه النساء، تبقى المرأة الفلسطينية ذات قوة وعزيمة وإرادة شامخة قوية كالصخور في وجه الأمواج".
ولفتت ماجدة قديح إلى أن النساء والفتيات تتعرضن لمخاطر الاعتداء الجسدي والجنسي وسط الكثافة السكانية والتجمهر في بقعة جغرافية محدودة للغاية بعد قرار القوات الإسرائيلية بإخلاء المناطق، إلى جانب ذلك شهدت هذه الحرب الشرسة زيادة في حالات العنف الأسري والاستغلال، ومعظم النساء تجدن أنفسهن مضطرات للعيش في ظروف غير إنسانية، حيث تفتقر المخيمات ومراكز الإيواء إلى البنية التحتية الكافية لتلبية احتياجاتهن الأساسية، ولا تتوفر الخدمات الصحية بشكل كافي، مما يجعلهن عرضة للأمراض والإصابات دون وجود رعاية صحية مناسبة.
بالإضافة إلى ذلك تعيش النساء والفتيات في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء تحت ظروف قاسية تفتقر إلى الأمان والرعاية الكافية، مما يجعلهن عرضة للعديد من التحديات والصعوبات التي تؤثر على حياتهن ومستقبلهن.
وأوضحت "تواجه النساء تحديات عديدة تتعلق بفقدان الخصوصية وتضييق حركتهن وعيشهن في بيئة ملوثة وغير لائقة، حيث تعشن ظروف مأساوية داخل خيام مكتظة بالسكان تفتقر تماماً إلى الأمان، مما يسلبهن خصوصيتهن، كما أن هذه الظروف تفرض قيوداً على حركتهن، مما يحد من حريتهن وقدرتهن على التنقل والتحرك داخل المخيمات والمراكز".
ونوهت إلى أن "جميع النساء في غزة تعشن أوضاع سوداوية ما بين الخوف والارهاق وتدبير شؤونهن وسط الظروف القهرية، اُنتهكت خصوصية المرأة على الملأ وحرمت من ممارسة حقوقها وحياتها الطبيعية كبقية النساء، لا أعرف ما الذنب الذي ارتكبته النساء ليدفعن هذه الفاتورة الباهظة".
وأكدت أن "وضع النساء والفتيات في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء في قطاع غزة مأساوي ويتطلب تدخلًا عاجلاً وفعالاً، لتوفير الحماية والرعاية اللازمة وتحسين ظروفهن المعيشية ومنحهن حقوقهن الشرعية التي كفلتها القوانين الدولية".
وفي ختام حديثها دعت ماجدة قديح المؤسسات الدولية المعنية بالمرأة، لتحمل مسؤولياتها تجاه النساء في غزة وتقديم سبل الدعم لهن، بالإضافة إلى ضرورة تبني إجراءات لمتابعة أوضاع المطلقات والأرامل، مطالبة هيئة الأمم المتحدة ومحكمة العدل بالتعاون وإصدار أحكام صارمة تلزم الأطراف بإيقاف إطلاق النار على الفور.
وتعكس قصة ماجدة قديح معاناة النساء والفتيات في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء، حيث تواجهن الكثير من التحديات والصعوبات في ظل الحرب المستمرة والظروف القاسية دون تدخل دولي وتطبيق عادل للقوانين والبروتوكولات، كما تجدن أنفسهن في مواجهة تحديات متعددة بدءاً من فقدان المأوى والسكن الآمن، وصولاً إلى نقص الإمدادات الأساسية من مياه وطعام ودواء.