غزة... الحصار والقصف يفاقمان الأوضاع الاقتصادية للنساء
في ظل ما يعانيه قطاع غزة إزاء الهجمات الأخيرة عليه، تضطر النساء للقيام بأعمال تدر عليهن بالدخل الزهيد لتغطية الاحتياجات الأساسية لعوائلهن.
نغم كراجة
غزة ـ تعمل مها القصاص مسؤولة عن النظافة في أحد مراكز الإيواء بمدينة غزة، وتسعى من خلال عملها على سد احتياجاتها الضرورية وتوفير قوت أسرتها بسبب استمرار الهجمات والحصار على المدينة.
يعيش أهالي قطاع غزة أوضاع صعبة ومأساوية في ظل استمرار الحصار الخانق وسياسة التجويع والتهجير القسري وسط صمت إقليمي ودولي، ويعيش المدنيين أسوء الظروف نظراً لقلة المساعدات لذلك تضطر النساء للعمل في أي مجال كان.
آلاف العائلات النازحة تعيلها النساء اللواتي تحملن العبء الأكبر في تسيير المهام اليومية الأساسية من تدبير شؤون الأسرة وتوفير قوتها وتلبية احتياجاتها في وضع اقتصادي متردي للغاية، لذلك تضطررن للبحث عن أي عمل مهما كان شاق، فضلاً عن الوقوف لفترات طويلاً في الطوابير للحصول على المساعدات الإنسانية.
قالت مها القصاص البالغة من العمر 33 عاماً والتي اضطرت للعمل في تنظيف المراحيض العامة لدى إحدى مركز الإيواء، إن "النساء في قطاع غزة عشن جميع أشكال المعاناة تحت الحصار الذي تفرضه إسرائيل على المدينة، فالمعيشة باتت تفتقر لأدنى المقومات والخدمات الأساسية، وإسرائيل تتبع سياسة الحرمان من المياه والغذاء كسلاح ضد المدنيين، والمرأة هي المتضرر الأول جراء الصراعات والحروب المتوالية على البلاد وشاهدة على الدمار والاضطهاد".
وأوضحت أنها نزحت من منطقة غرب غزة إلى أحد مراكز الإيواء في معسكر الشاطئ نتيجة اشتداد الاشتباكات البرية بين قوات حماس وإسرائيل، والأشد ضراوة أنها اضطرت للنزوح مرة أخرى إلى حي الدرج بعد تعرض المعسكر للقصف "خرجت مع عائلتي نحمل أرواحنا على أكفنا مع راية بيضاء لإثبات أننا مدنيين ولا يتم استهدافنا، لقد نجونا بأعجوبة كبيرة".
وبينت أنها منذ بدأ الهجمات تسعى لتوفير متطلباتها وقوت عائلتها نظراً لسوء الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص العمل بسبب الحصار والقصف المستمر "لم أدع فرصة عمل إلا وانتهزتها بهدف توفير بعض الاحتياجات الأساسية لعائلتي ووجبة طعام لأبنائي في ظل انقطاع المساعدات الإنسانية وانعدام مقومات الحياة".
وأكدت مها القصاص أنها عانت الكثير خلال اللجوء ومن جهة أخرى للهيمنة الذكورية "واجهت صعوبة كبيرة في التنقل حيث كنت أخرج للعمل تحت قصف الطيران الحربي على الرغم من الخوف والقلق اللذان شعرت بهما، لكنني كنت أحاول عدم التفكير في ذلك حتى أتمكن من الحصول على غذاء لأطفالي" لافتة إلى أن غالبية نساء القطاع أصبحن تعملن في أي مجال أو مهنة فقط لسد احتياجات عوائلهن.
وأوضحت أنها تعرضت للعنف والاضطهاد بشكل مضاعف حيث أنها تعمل 6 ساعات يومياً مقابل أجر زهيد جداً "إنجاز أعمال النظافة تحتاج للكثير من الوقت والجهد وهذا الأجر لا يكفي لشراء كيلو دقيق أو حتى وجبة طعام بسبب غلاء الأسعار وقلة المواد الغذائية في الأسواق، والأمر الأكثر سوء أن زوجي يأخذ ما أحصل عليه من مال دون إعطائي ولو جزء بسيط منه لشراء بعض المستلزمات الأساسية" .
وأشارت إلى أن واقع النساء في غزة متدهور بصورة غير مسبوقة وسط صمت وغياب القوانين الدولية "في الوقت الذي تنعم فيه نساء العديد من الدول بالسلام والاستقرار تبحث المرأة الفلسطينية عن بدائل للحصول على المياه والغذاء وإيجاد القليل من المال لشراء ما يسد رمق أسرتها، كذلك تقف بصلابة وتحاول جاهدة وضع حلول للتعامل مع التحديات التي تواجهها في ظل الحصار والقصف وعادات المجتمع".
ودعت إلى ضرورة الالتفات العربي الدولي لأحوال وواقع النساء في قطاع غزة ومتابعة أوضاعهن بشكل مستمر وتحسين بيئتهن وتلبية متطلباتهن الأساسية وحمايتهن بحسب ما نصت عليه القوانين الدولية وحقوق الإنسان والمرأة .