غياب الدواء المجاني عن المراكز الصحية يرهق نازحات إدلب
في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في إدلب، أكدت النازحات أنهن تلجأن للمراكز الصحية بغية الحصول على الدواء المجاني لهن ولأولادهن وسط عجزهن عن تأمين الأدوية من الصيدليات.
هديل العمر
إدلب ـ يعاني المرضى في إدلب من أزمة نقص الدواء وغلاء أسعارها، ففي الوقت الذي تستقبل فيه الصيدليات العديد من الباحثين عن أدوية مفقودة يومياً، يعزف آخرين عن شراء الأدوية لغلاء ثمنها مؤخراً، وخاصةً بعد انهيار قيمة الليرة التركية أمام ارتفاع أسعار الدولار الأمريكي.
تحاول ربيعة المحمد (33) عاماً الحصول على دواء مضاد التهاب من المركز الصحي المجاني الواقع قرب المخيم الذي تقيم فيه على الحدود السورية التركية لطفلتها البالغة من العمر خمس سنوات، وتقول "ابنتي دائمة المرض فهي تشكو من التهاب قصبات متكرر لا يكاد يفارقها، غير أنني عاجزة عن شراء الأدوية لها باستمرار".
وتشير إلى أن أسعار الأدوية التي باتت تثقل كاهلهم تمنعهم من الحصول عليها، وخاصةً أدوية الالتهاب، فيما لا يتوفر أي دخل للعائلة بعد إصابة زوجها في الحرب الدائرة في البلاد، ما تسبب له بإعاقة في قدمه اليسرى مدى الحياة منعته من مزاولة أي عمل أو مهنة.
وتقول ربيعة المحمد "أتردد إلى المركز الصحي كل مدة لأحصل على الدواء المجاني الذي نادراً ما يتواجد في المركز، وإن تواجد سرعان ما تنفذ الكمية لقلتها أمام زيادة الطلب عليها من قبل المرضى المقيمين في المخيم".
بينما تعاني فتحية البرهوم وهي في العقد السابع من عمرها، من أمراض متعددة، فهي لم تعد قادرة على شراء أصنافاً من الأدوية المتعلقة بالضغط والسكري والمضادات الحيوية التي أخذت تنقطع تدريجياً من المركز الصحي المجاني المتواجد في مخيم أطمة الذي تقيم فيه منذ نزوحها عن بلدتها تلمنس جنوب إدلب.
وتقول فتحية البرهوم أن الآلام لا تفارقها، وهي تنتظر الموت كل ليلة، بعد عجزها عن تأمين أدويتها التي لا يتوفر معها ربع ثمنها.
من جانبها تنتقد براءة العلي (37) عاماً رداءة الأدوية المجانية التي توزع للمرضى من قبل المراكز الصحية الواقعة في المخيمات، فتقول "أغلب الأدوية أما تركية المنشأ المعروفة بقلة فاعليتها، أو أدوية منتهية الصلاحية وتكون ضررها أكثر من نفعها".
وتؤكد أن الأدوية التي حصلت عليها تسببت في سوء حالة ابنها البالغ من العمر سبع سنوات الذي يعاني من التهاب المجاري البولية، بعد منحه دواء منتهي الصلاحية من قبل المركز الصحي الواقع في مخيمهم، ما اضطرها لإيقاف الدواء على الفور.
وتوضح أن "الصيدليات لم تعد ترحم الفقراء، يضاعفون أسعار الأدوية كل مدة قصيرة بذريعة ارتفاع سعر الدولار الأمريكي الذي ما إن يرتفع بشكل طفيف حتى تزداد أسعار الأدوية أضعافاً مضاعفة دون حسيب أو رقيب".
ومن جهة أخرى تبرر الصيدلانية عروبة الأكرم (42) عاماً غلاء الأدوية بالفارق الكبير في الأسعار بين الدواء المحلي الذي لم يعد يصلهم من مناطق النظام إلا عن طريق التهريب، وبين الدواء المستورد الذي يفوق بأسعاره المحلي بأضعاف، كما أن أسعار الأدوية التركية ارتفعت بنسبة ٥٠٪، بسبب انخفاض قيمة الليرة التركية، بينما الأدوية المرتبطة بسعر الدولار فيرتفع سعرها بشكل يومي بحسب سعر الصرف.
وبين فقر النازحات وغلاء الأدوية، تبقى مشكلة تأمين الدواء في تصاعد أمام عجز مديرية الصحة في إدلب عن تأمين الأدوية المجانية لشريحة واسعة من المرضى أغلبهم من النساء والأطفال القابعين في مخيمات تخلو من أدنى مقومات الحياة.