في ظل الحرب المستمرة... نساء غزة تفتقرن لأدنى مقومات الحياة
تعاني القاطنات في مدينة غزة المحاصرة منذ أشهر من أزمة خانقة تتمثل في عدم توفر الملابس والأحذية ومواد التنظيف وغيرها من الاحتياجات الأساسية بعد تدمير البنية التحتية للمدينة وفرض الحصار عليها.
رفيف اسليم
غزة ـ تفتقر الأسواق في قطاع غزة منذ أشهر إلى المعقمات ومواد وأدوات النظافة الشخصية في ظل العوائق أمام دخول الإمدادات إلى غزة، ويشتكي الأهالي من عدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم من ملابس وأحذية إضافة إلى مواد التنظيف التي تسبب غيابها في إصابتهم بالأمراض المعدية.
بعد حوالي إحدى عشر شهراً من الهجوم المستمر على قطاع غزة، الذي دمر غالبية المحال التجارية التي تبتاع منها النساء حاجياتهن الشخصية، وقصف البيوت وحرق الباقي منها، ومنع إدخال البضائع بشكل قاطع، أصبحت قاطنات المدينة المحاصرة تعانين أزمة خانقة من عدم توفر الملابس والأحذية ومواد التنظيف بأنواعها وغيرها من المقتنيات في الأسواق المحلية.
وحول ذلك قالت سميرة أبو الكأس، أنها كانت تقطن في منطقة الشجاعية شرق قطاع غزة التي هدمت القوات الإسرائيلية غالبية المباني فيها، وخلال آخر اجتياح أحرقت المتبقي منها، فلم يتبقى لنساء تلك المنطقة سوى بعض الألبسة التي احتفظت بها في حقيبة الطوارئ قبل النزوح الإجباري تحت نيران الموت.
ولفتت إلى أن لديها سبعة فتيات ولا يوجد من يعيلهن، وكانت تقوم بالعمل في مصنع لمفروشات الأطفال الذي احترق أثناء الحرب بجميع ما يحتويه من ماكينات، نتيجة وجود الإسفنج بكميات كبيرة الذي كان العامل الأساسي لأن تبقى النيران مشتعلة فيه لعدة أيام.
وأشارت إلى أن طول أمد الحرب هو ما سبب لها ولغالبية النساء تلك المشكلة، فالحرب بدأت في الصيف وأكملت حتى الشتاء لتقضي طوال مدته بالملابس الخفيفة الأمر الذي جعلها وعائلتها عرضة للكثير من الأمراض التي لا يوجد حتى دواء لعلاجها، ومن ثم عاد إليهن الصيف لكن بملابس رثة مرقعة إثر مرات الغسيل المتكررة التي أتلفت النسيج وجعلته غير صالح للارتداء.
وأوضحت أنها عانت الأمر ذاته بالنسبة للأحذية، فهي كما جميع نساء مدينة غزة تعمل طوال الوقت إما في إعداد الطعام أو البحث عن المياه والحطب أو إعالة الأطفال، مما يعني اهترائها بوقت أسرع، في المقابل هناك عجز حقيقي في أسواق الأحذية وما إن توافرت تجد ثمنها ارتفع لثلاث وأربعة أضعاف، خاصةً أن تلك البضائع لا تتوافر ضمن المعونات التي تدخل قطاع غزة.
ولفتت إلى أن معاناتها وغيرها من النساء لا تنتهي عند هذا الحد فهناك عجز في مواد التنظيف كالشامبو وسائل غسل اليدين والجسم وغيرها من المنظفات، فنجبر لغسل الملابس بالماء وفرك الصحون ببعض الرمال، عدا عن الامتناع عن الاستحمام لفترات طويلة مما سبب لهن العديد من الأمراض، وحالة من الضيق تشعرن بها بسبب التلوث الذي يحيط بهن من كل حدب وعدم مقدرتهن على فعل شيء.
ونوهت إلى أنه في بداية الهجوم كانت مواد التنظيف متوافرة بسعر زهيد فكانت دوماً ما تبتاع بعض منها لسد احتياجاتها اليومية، لكن في يوم وليلة اختفت تلك المواد من السوق وأصبحت باهظة الثمن مما جعلها بحاجة ماسة لتوافر تلك المواد ولو عبر المعونات التي تصل إلى القطاع.
ولم تكن معاناة الشابة نغين العرقان، أقل من سابقتها فقد نزحت من بيتها منذ بداية الحرب ووضعت مولودها في ظروف صعبة، لتصدم بعد الولادة بعدم إيجاد ما يرتديه رضيعها، محاولة تدبر أمورها حتى اليوم، لكن بعد أن كبر الطفل وأصبح عمره يقارب العام ازدادت احتياجاته فلم يعد يحتاج للملابس فقط بل للأحذية وحفاضات الأطفال والحليب وما يسد به جوعه ليتوقف عن الصراخ المستمر إثر الجوع.
وشكت نغين العرقان وهي أم لأربعة أطفال من غلاء الأسعار في السوق المحلي فبعد تكرار مرات النزوح اهترت تلك الأحذية مما اضطرها إلى تخييطها بالإبرة والخيط مراراً وتكراراً، لافتةً أن هناك حاجة ملحة لتوفر المنظفات والصابون، كون تنظيف الملابس بالماء وحده وتركها لتعقم بالشمس لا يفي بالغرض بل تبقى متسخة، كما أن ما قامت بتخزينه من منظفات في بداية أشهر الهجوم نفذ بالفعل.
وشددت على أن هناك العديد من الاحتياجات الأساسية التي استغنت عنها النساء خاصة زوجات أرباب الحرف، فلم تعدن تستخدمن الفرشاة ومعجون الأسنان، كما استغنت عن مشط الشعر لكل فرد واكتفت بواحد لجميع أفراد عائلتها، مشيرةً إلى هناك نقص حاد في الفوط الصحية والملابس الداخلية التي قد اهترأت بفعل مرات الغسيل المتكررة.
وتأمل أن تنتهي هذه الحرب ويتمكن زوجها من العودة لحرفته حتى تستطيع شراء مستلزمات أطفالها بنفسها بدلاً من انتظار المعونات التي قد لا تأتي ولتنتهي من الركض طوال اليوم تحت أشعة الشمس الحارقة لإعداد طبق طعام أو جلب المياه، والعودة لحياتها الطبيعية حيث بيت تجد فيه حاجياتها متوفرة أسوة بكافة نساء العالم.