فوضى وانتهاكات على مرٌّ عاميين... هذا ما تشهده سري كانيه وكري سبي منذ احتلالهما
في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019 شنت دولة الاحتلال التركي هجوماً على مدينتي رأس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي بالتواطؤ مع ما يسمى بالجيش الوطني الحر
سيبيلييا الإبراهيم
منبج ـ .
منذُ تحرير مناطق شمال وشرق سوريا وتركيا تسعى لإحياء داعش الذي اندحر منذ ربيع عام 2019، بعد أن انهت قوات سوريا الديمقراطية تواجده في آخر معاقله بالباغوز، فبعد أشهر قليلة شنت تركيا هجوماً برياً وجوياً على رأس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي ومنذ ذلك الحين وتشهد المدينتين انتهاكات وجرائم بحق المدنيين العزل الذين رفضوا النزوح عن أرضهم.
عن سياسة التغيير الديموغرافي ومحاولة تتريك المنطقة تحدثت لوكالتنا نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة المدنية الديمقراطية في منبج وريفها نورا الحامد.
تشهد المنطقتين خطف ونهب وسلب وتغيير ديمغرافي
بعد احتلال رأس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019، صدرت العديد من التقارير الحقوقية كتقرير المركز السوري لحقوق الإنسان الذي أكد استخدام تركيا للأسلحة المحرمة دولياً، ويحتفظ المرصد السوري لحقوق الإنسان بنسخة منه لتقديمها للجهات الدولية الفاعلة للتحقيق مع تركيا بشأن استخدام السلاح الكيماوي.
قالت نورا الحامد حول ما يعايشه أهالي مدينتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي المحتلتين خلال العامين المنصرمين "منذ الاحتلال ترتكب تركيا ومرتزقتها أبشع الجرائم بحق الإنسانية، ففي بداية هجومها استخدمت الأسلحة الكيماوية كالفوسفور الأبيض، إضافة للقتل الجماعي بحق أهالي المدينتين، وتنفيذ الاغتيالات بحق الشخصيات المعروفة ومن بينهم السياسية هفرين خلف".
وقالت منظمة العفو الدولية ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا بأنّهما جمعتا أدلة تشير إلى أنّ القوات التركية والمجموعات المسلحة المدعومة منها قد "أبدت تجاهلاً مخزياً للحياة المدنية، وارتكبت انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، بما في ذلك القتل المتعمّد والهجمات غير القانونية التي أدّت لقتل وجرح المدنيين"، وهو ما يمكن وصفه بـ جريمة الإبادة، كما وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش قيام الجماعات المرتزقة بارتكاب جرائم حرب وقتل المدنيين وإعدامهم.
وأشارت نورا الحامد إلى استخدام تركيا كافة الوسائل لمحاربة أهالي المناطق المحتلة مهما كانت وأولها الأسلحة المحرمة دولياً، وسياسة التغيير الديموغرافي من خلال تهجير السكان الأصليين وتوطين عائلات المرتزقة "هُجر أغلب سكان هاتين المدينتين قسراً، كما قامت تركيا ومرتزقتها بتغيير ديموغرافية المنطقة من خلال جلب سكان المناطق الأخرى، وتوطينهم في منازل المهجرين، أما العوائل التي بقيت في المدينة فتعرضت لأشد أنواع المعاناة والمعاملة السيئة من خطف ونهب وسلب وقوانين جائرة تفرض عليهم".
واغتيلت الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف في 12تشرين الأول/أكتوبر على يد مرتزقة الاحتلال التركي، في كمين حينما كانت في سيارة عملها على الطريق الدولي M4 وتم التمثيل بجثمانها. وحينها وصف مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اغتيالها بـ "جريمة حرب محتملة".
التهميش بحق المكونات والأديان
بحسب مذكرة للأمُم المتّحدة صدرت عام 2020 عن أوضاع المناطق المحتلة "عفرين ورأس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي"، فإن الكرد الإيزيديين يواجهون اضطهاداً مزدوجاً فيتم تدمير مزاراتهم وتهجيرهم وتم تفريغ قرى إيزيدية في عفرين وريف رأس العين/سري كانيه من سكانها.
وقالت نورا الحامد حول تهميش المكونات والأديان المتواجدة في المدينتين، "النسيج المجتمعي غني في مدينتي رأس العين وتل أبيض حيث يعيش الكرد والعرب والمسيحيين وكذلك الإيزيديين، وهذا ما استغلته تركيا ومرتزقتها لإشعال الفتنة"، وأضافت "كذلك استهدفت الكنائس، والعوائل الإيزيدية التي تعرض أفرادها للتعذيب بسبب ديانتهم".
وأكدت أن "هناك تهميش للجانب التعليمي والصحي فأغلقت المدارس أما تلك التي استمرت بعملها ففرض عليها تدريس اللغة التركية، وهو ما يعتبر محاولة تتريك للمناطق المحتلة".
وكشفت إحصائية للجنة التدريب في إقليم الجزيرة أن عدد المدارس في رأس العين/سري كانيه بلغ 150 مدرسة قبل الاحتلال، جميعها تحولت لنقاط عسكرية للمرتزقة.
"تهدف تركيا لإعادة أمجاد الدولة العثمانية"
في عام 1920 أعلن عن "الميثاق الملي"، والذي هو بمثابة وثيقة ترسم الحدود الجديدة لتركيا، وتشمل مناطق شمال سوريا والعراق إضافة لتراقيا الغربية في اليونان وجزر بحر إيجه وجزيرة قبرص وغيرها.
ترى نورا الحامد أن تركيا تعمل لتنفيذ الميثاق الملي مستغلة الحرب في سوريا "تحاول تركيا من خلال التعدي على الجوار إعادة أمجاد الدولة العثمانية، وزيادة مساحة الدولة التركية على حساب الشعب السوري فدائماً كان الهوس موجود لدى أردوغان بالتوسع". وتتوضح مساعي تركيا لتطبيق الميثاق الملي على أرض الواقع من خلال ما تقوم به في المناطق المحتلة من توطين المرتزقة وعوائلهم ومنح الجنسية لعدد كبير منهم، إضافة لتعليم اللغة التركية وكذلك التعامل بالليرة التركية وهو ما يمهد لتتريك المنطقة، كما قالت.
"اتهام قسد بالإرهاب ذريعة للاحتلال"
وأكدت نورا الحامد أن تركيا ولتبرر الاعتداءات التي قامت بها على سوريا ادعت مراراً أنها تحارب الإرهاب، متسائلة أين كانت تركيا عندما كان الإرهاب يسيطر على المنطقة؟
وأضافت "مارس داعش كافة أشكال الظلم والاستبداد والقتل في المناطق التي سيطر عليها، وعندما حررت قوات سوريا الديمقراطية المنطقة وأعادت الحياة إلى أهلها، بدأ الداعم الأول لداعش بالتدخل المباشر، واتهم قسد بالإرهاب".
وبينت أن قوات سوريا الديمقراطية التي تأسست في تشرين الأول/أكتوبر 2016 "مجموعة من أبناء شمال وشرق سوريا، وهدفها الأول والأخير هو تحرير المنطقة وإقامة مشروع الأمة الديمقراطية الذي يعمل على تعزيز ثقافة كل مكون ليأخذ دوره في بناء المجتمع".
وشددت على أن قوات سوريا الديمقراطية "تحارب مفاهيم العنف والحرب والانتهاكات وتقوم على مبدأ الإنسانية وأخوة الشعوب وحماية جميع المكونات وتعمل على أمن المنطقة ليعيش جميع أفرادها بحرية".
وأشارت إلى أن تركيا ترفض التكاتف بين مختلف المكونات في شمال وشرق سوريا، معتبرةً أن ذلك يضر بمصالحها في المنطقة "تركيا تحاول إجهاض أي مشروع لتأسيس قوى فاعلة في سوريا، وعندما فشلت في ذلك بشمال وشرق سوريا بدأت تصدر اتهامات بأن هذه القوات إرهابية".
"على المجتمع الدولي أن يكون له دور فاعل في ردع تركيا"
أكدت نورا الحامد أن المجتمع الدولي لم يأخذ أي موقف جاد خلال تدخل تركيا للمنطقة، "نطالب الدول الفاعلة كروسيا وأمريكا بأن يمارسوا ضغوطاً على تركيا للانسحاب من مناطق شمال وشرق سوريا، وأن يلعب المجتمع الدولي الدور المنوط به لحماية المدنيين الذين يعانون من الانتهاكات".
وبينت أن هناك عدة مظاهرات خرجت رفضاً للاحتلال وطالبت بخروج المرتزقة من المنطقة "خرجت ردود فعل رافضة للاحتلال التركي ومرتزقته منذ أن بدأ الهجوم على رأس العين وتل أبيض ولا زال الأهالي يرفضون الاحتلال ويطالبون بخروج المرتزقة، ويرفضون التعامل بالليرة التركية".
واختمت نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة المدنية الديمقراطية في منبج وريفها نورا الحامد حديثها بالتأكيد على ضرورة انسحاب الاحتلال وإعادة الأمن والأمان للمناطق المحتلة.