فواتير باهظة والكهرباء حُلم أهالي تعز
يواجه سكان مدينة تعز اليمنية صعوبات جمة بسبب انقطاع الكهرباء الذي يؤثر سلباً على حقوقهم في الصحة وغيرها من الحقوق الأساسية المتعلقة بالمستوى المعيشي.
رانيا عبد الله
اليمن ـ في السنوات التسع التي تلت بدء النزاع في اليمن تراجع مستوى الخدمات التي يحصل عليها الأهالي خاصة الكهرباء، الأمر الذي أجبرهم على الرضوخ للبدائل التي لم تغطي احتياجاتهم بل زادت الوضع سوءاً.
"منذ بداية الصراع نعاني من انقطاع الكهرباء، وارتفاع أسعار فواتير الكهرباء التجارية بشكل كبير، أدويتنا تحتاج لمبردات، لكن بسبب عدم توفر الكهرباء تُتلف ونظراً لذلك اضطررنا للاشتراك بالكهرباء التجارية، أو نقوم بشراء الثلج يومياً خلال فصل الصيف"، كان ذلك جزءً من حديث نورة عبده محمد البالغة من العمر 63 عاماً من مدينة تعز.
فمنذ اليوم الأول للصراع في تعز عام 2015 انقطعت الكهرباء، وحاول الناس التأقلم مع هذا الوضع وإيجاد حلول بديلة كالطاقة الشمسية التي لا تفي بالغرض بشكلٍ كلي، بينما اتجه البعض للاشتراك بخدمة الكهرباء التجارية التي تكون مكلفة، والكهرباء إحدى الاحتياجات المهمة لكن تتحول إلى رفاهية يشعر الناس أن وجودها أصبح كالحلم، هذا ما يعانيه المدنيين في تعز، فحلم عودة الكهرباء حديث الجميع ومحل اهتمامهم.
ومطلع عام 2019 كان هناك مطالب شعبية تدعوا الجهات المختصة بتغذية المدينة بالكهرباء، واستمرت هذه المطالب عبر هاشتاغات حتى عام 2022 وقد توسعت لتصبح حملة إعلامية واسعة عبر وسائل الإعلام، وتم تفعيل عدة مسارات لمبادرة تحت عنوان "تعز طافي" كان الهاشتاغ الرئيسي "تعز طافي والكهرباء العامة مطلب شعبي"، ووسم "اشتلصي اشتلصي بتكاتف الجميع".
وقد تم الاجتماع مع السلطة المحلية للخروج بخطوات فعلية تحقق مطالب المدنيين، وهي تسليم محطة الكهرباء بعد توقفها بسبب الحرب الدائرة في المدينة، ثم مرحلة الصيانة للمولدات وتوفير قطع الغيار، وقد تمت عملية الصيانة بقطع الغيار المتواجدة بمخازن المحطة، كما تم القيام ببعض عمليات الصيانة في العديد من الأحياء، وكمرحلة أولى بدأ التجهيز لإعادة الكهرباء لـ 10 أحياء والخط الجاهز 10 أحياء، والاحتياج الحالي هو لمادة الديزل بكميات كبيرة لتشغيل المولدات.
وبالنسبة للحملة فقد تم تحديد ثلاثة مسارات لها لأول صيانة وتشغيل المحطة الواقعة تحت سيطرة الحكومة الحالية، أما المسار الثاني متابعة السلطة المحلية بالتواصل مع رئيس مجلس القيادة، والثالث كسر احتكار المحطات التجارية حيث كان الهدف تخفيض سعر الكيلو واط في المحطات التجارية، لكن لم يتم تحقيق هذا الهدف إذ ما زالت المحطات التجارية تفرض على المواطنين مبالغ كبيرة مقابل الحصول على خدمة الكهرباء.
وعن الآثار المترتبة لانقطاع الكهرباء تقول وردة قادر الأصبحي أن "انقطاع الكهرباء في مدينة تعز تسببت بمشكلة كبيرة للمدنيين، وفاقم من معاناة المرضى في المستشفيات خصوصاً مرضى الفشل الكلوي، وأيضاً حاضنات الأطفال فانقطاع الكهرباء عنها يعني انقطاع الحياة، والكهرباء التجارية ليست بديل أفضل بسبب ارتفاع فواتير السداد بشكل مبالغ فيه، حيث يعجز المدنيين عن تسديدها".
أما عن الحملة التي تم إطلاقها من قبل مجموعة من الناشطين في المدنية، قالت ""شتلصي شتلصي" مبادرة رائعة ونحن بانتظار تحقيق نتائجها التي من الممكن أن تخفف من معاناة المدنيين، ونأمل عودة الكهرباء للتخفيف من الأعباء التي تحملها الأهالي بسبب الكهرباء التجارية منذ 9 سنوات".
من جهتها تقول المحامية معين العبيدي "منذ بداية الصراع انقطعت الكهرباء في تعز، لذلك اضطر الناس للبحث عن بدائل فكانت الطاقة الشمسية أبرزها إلا أنها لا تغطي كافة الاحتياجات سوى للإضاءة حيث أنها تعجز عن تشغيل الأجهزة الكهربائية كالمبردات، وبسبب الصراع كانت الخسائر كبيرة بالنسبة للناس فقد تأثرت المستشفيات والعيادات والمحال التجارية خاصة تلك التي تحوي على مواد تحتاج لبقائها في درجة حرارة منخفضة لا تؤمنها سوى الثلاجات"، مؤكدةً أن "هناك مرضى يعانون من مرض السكر وكذلك الفشل الكلوي هم بحاجة للتيار الكهربائي المستمر حتى تبقى الأجهزة التي يستخدمونها في العلاج قيد العمل، إلا أن انقطاع الكهرباء فاقم من معاناتهم وأجبرهم للجوء للبدائل التي كانت غير متوفرة في بداية فترة الصراع كالكهرباء الخاصة أو التجارية ولم تكن الحل المناسب أيضاً، بل أصبحت مشكلة كبيرة".
وأضافت "والمعضلة الأخرى تقاعس مؤسسة الكهرباء التي لم تحاول البحث عن حل لهذه الكارثة عندما بدأت الحياة والأمور بالاستقرار قليلاً، في ذلك الوقت كان هناك حلول سريعة لإعادة الكهرباء إلا أنها فضلت البحث عن العراقيل، لتصبح الكهرباء التجارية هي البديل ولصرف أنظار الأهالي عن حقهم في الكهرباء وتأجير شبكتها من قبل السلطة المحلية للقطاع الخاص، هذا التواطؤ أجبر المدنيين على دفع فواتير باهظة إلا أن الغالبية لا يقوون على تسديدها".
وأكدت معين العبيد أن الفساد القائم في السلطة من قبل أشخاص يحصلون على مبالغ مالية كبيرة من أصحاب المحطات التجارية، وانقطاع التيار الكهربائي يصب في صالحهم، إلا أن مبادراتنا التي انطلقت منذ ثلاث سنوات للمطالبة بعودة الكهرباء وتفعيل دور المؤسسة العامة ما تزال مستمرة.