دورات محو الأمية فرصة لإحياء أحلام النازحات
رغم ظروف الحرب التي عاشتها النازحات لا يزال لديهن الأمل في تعلم القراءة والكتابة التي حرمتهن منها تقاليد المجتمع البالية.
سيلفا الإبراهيم
منبج ـ أحلام وآمال كبيرة تحييها دورات محو الأمية لدى النازحات اللواتي تحظين بفرصة التعليم التي وفرتها لهن لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل ولجنة التربية في مخيم منبج الشرقي بشمال وشرق سوريا.
افتتحت لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مدينة منبج وريفها بالتنسيق مع لجنة التربية والتعليم واتحاد المعلمين، تلبية لطلب أهالي المخيم دورات لمحو الأمية للنساء في مخيمي الشرقي والشرقي الجديد اللذان يبعدان عن مدينة منبج 15 كم في جنوب شرق قرية رسم الأخضر.
انشئ مخيمي الشرقي، والشرقي الجديد في عام 2017 أثناء استقبال مدينة منبج نازحي الريف الشرقي لمدينة حلب إبان المعارك الدائرة بين النظام السوري ومرتزقة داعش.
بدأت دورات محو الأمية في شهر تموز/يوليو الماضي، ويبلغ عدد النساء المنضمات من مخيم الشرقي الجديد 125 امرأة، والعدد ذاته من مخيم الشرقي، وتتراوح أعمارهن ما بين 13-57 عاماً، وحسب القائمين على هذه الدورات فإن المرحلة الأولى من التعليم ستستمر لـ 3 أشهر، ومن المحتمل الاستمرار في إعطاء المراحل الثانية والثالثة أيضاً، ونسبة إقبال النساء والتزامهن يتراوح ما بين 80 ـ 90 بالمئة.
أمل محمد (42) عاماً إحدى المتدربات وهي نازحة من دير الحافر في الريف الشرقي لمدينة حلب قصتها لا تختلف عن كثير من النساء في سوريا اللواتي حرمن من الدراسة إما بسبب العادات والتقاليد أو بسبب الظروف العائلية.
تتحسر أمل محمد على سنوات عمرها التي قضتها دون تعليم، وتقول "كنت الفتاة البكر من بين 9 أشقاء و4 شقيقات، أجبرت على ترك الدراسة في الصف الثاني الابتدائي لأهتم بأخواتي والمنزل، وبعد أن انتقلنا إلى الريف بدأنا العمل في الأراضي الزراعية، وعندما كنت أشاهد الفتيات من عمري تدرسن وتحملن حقائبهن اتحسر وأود أن أعيش تلك اللحظات التي حرمت منها، كان الأمر موجعاً بالنسبة لي وأنا لا أزال أتأمل الماضي الذي فاتني"، مضيفةً "كنت المضحية الوحيدة من أجل مستقبل إخوتي فتحملي للمسؤولية خفف العبء عنهم وأمكنهم من استكمال دراستهم".
بعد 35 عاماً تعود لتحمل القلم
وأشارت أمل محمد إلى أنه "عندما توجهنا إلى مدينة منبج رأيت المقاتلات، فالقوة التي كن تتحلين بها كانت كالصاعقة بالنسبة لي، فذلك المشهد أثر بي كثيراً وشجعني على المضي نحو أحلامي وتحقيقها، وكسر حاجز الخوف داخلي، بعد أن كان التعليم غصة في قلبي أعود إلى المقاعد المدرسية بعد 35 عاماً، لأستعيد ما فاتني خلال السنوات التي ضاعت مني".
وأضافت "طالما تثق المرأة بذاتها وأنها تسلك الطريق الصحيح عليها ألا تخشى شيئاً، فأفكار المجتمع دائماً تكسر المرأة منذ طفولتها وحتى تشيخ"، موضحةً "أود أن أتعلم لأكون معلمة لابني".
وبينت أمل محمد أن "جميع النساء ترغبن بالتعلم وتحقيق شيء في حياتهن، لكن دائماً المجتمع ما يكون العائق، فاليوم نشاهد النساء من كافة الأعمار يتوجهن للتعليم، وهذا ما يوضح مدى رغبتهن في التعلم، فالمرأة بإرادتها تكون كل شيء وبدون الإرادة لا تكون شيئاً".
دورات محو الأمية تعيد حلمها من جديد
كما تعود النازحة عوش العرب (47) عاماً وهي من قرى مسكنة بريف حلب الشرقي، بعد أربع وثلاثون عاماً إلى مقاعد الدراسة لتحيي حلم طفولتها وهي تعلم القراءة والكتابة على الأقل كما تقول "توجهت إلى الدراسة من جديد، فقد حرمت من حقي في التعليم بسبب عائلتي، أجبرني أبي على المكوث في المنزل لمساعدة والدتي في أعمال المنزل، وأيضاً لأنني تزوجت في سن مبكر عندما كنت أبلغ من العمر 16 عاماً".
وأضافت "لطالما رغبت باستكمال دراستي، أود أن أجيد القراءة والكتابة لأنها ضرورية بالنسبة لكل النساء لتعليم أبنائهن على الأقل، ولأن الفرصة فاتتني من قبل أريد تحقيق حلمي الآن".
وترى أن تزويج الفتيات في سن مبكر "من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الأهل بحق بناتهم، فعليهم في البداية تأمين مستقبلهن لكيلا يتحكم بهن المجتمع، فالزواج يأتي في المرحلة الثانية من حياتهن"، موضحةً "بناتي أيضاً لم يكملن دراستهن بسبب الحرب والنزوح التي عشناها".