بين الواقع والمأمول... استياء واقع الأرامل في غزة

استياء الأوضاع العامة للأرامل في غزة بسبب القيود المجتمعية الأبوية، وعدم وجود حماية قانونية كافية بما يضمن حقوقهن وتعزيز صمودهن، واعتبارهن وصمة عار في المجتمع.

نغم كراجة

غزة ـ باتت ممارسات الممنهجة وثقافة المجتمع المجحفة تشكل العبء الأكبر على الأرامل في غزة، وألقت بظلال سلبية عليهن مما أدى إلى تفاقم الفجوات والضغوطات في حياتهن العامة وتعرضهن للعنف والقمع.

حول واقع الأرامل في غزة قالت الباحثة والأخصائية الاجتماعية علا حلس "تتعرض الأرامل إلى العنف الشديد والقمع والاضطهاد حيث تحرم من حقوقها الأساسية بعد ترملها كحرية التنقل والميراث والتعبير عن الرأي ومحاسبتها على كل فعل وقول مما يزيد الضغوطات والأعباء النفسية وهذا ما وجدناه بعد الاحصائيات والأدلة التي جمعناها من الأرامل".

وأشارت إلى أن المجتمع يفرض على الأرملة أن تكون وصمة عار، وعليها أن تقبل الأوامر والخضوع لسيطرة المحيط من حولها دون إبداء اعتراضها ورفضها لما يقع عليه تبعاً للهيمنة الأبوية والثقافة المجتمعية السائدة.

وأوضحت أن "الأرملة هي معيلة أسرتها في شتى الجوانب الحياتية خاصةً الجانب الاقتصادي والاجتماعي، وتعتبر معاناتهن مضاعفة بسبب التحديات التي تواجهن، ومن أكثرها تلك القيود المجتمعية الأبوية التي تفرض عليها زيادة التدخلات والمضايقات وتشويه سمعتها، إلى جانب تعرضها للتنمر واتهامها على خلفية الشرف، كما أن الترمل لا يمثل للأرملة خسائر بشرية فقط بل معنوية ونفسية ممثلة بأمراض عقلية".

وأضافت "لقد صممنا برنامج إرشادي يستند إلى استراتيجيات التنظيم الانفعالي لتحسين الصمود النفسي للأرامل المعنفات في غزة، نظراً لتعرضهن للضغوطات والتخبطات وعدم تكيفهن في الحياة، لذلك قررنا أن نحسن واقعهن وتعريفهن بآليات الصمود النفسي وكيفية تقبل المواقف والتعامل مع الأزمات واختراع البدائل للمشاكل التي تواجهن".

وأكدت على أن "الكثير من الأرامل أقبلن على هذا البرنامج وتم التعامل مع قضاياهن ومشاكلهن من خلال منحهن قوة ذاتية للمواجهة ومتابعة حالاتهن كل فترة".

وتعرب عن أسفها بالعنف الشديد الواقع على النساء الأرامل خاصة اللواتي تجبرن على الزواج من شقيق زوجها بحجة التحفظ على الأبناء وسترتها، دون الحصول على الموافقة الصريحة منها تحت حكم العادات والتقاليد، كذلك حرمانها من الوصاية على أبنائها والتدخل فيما تحصله من مساعدات اجتماعية وإجبارها على تسليم الأموال للعائلة، وفي حال مخالفتها للشروط والأوامر تقذف بأبشع الادعاءات والاتهامات الدنيئة بدافع الانتقام والتهديد وتحرم من وصاية الأبناء وحضانتهم.

وطالبت بضرورة تعزيز صمود النساء الأرامل في فلسطين، وتمكينهن اقتصادياً واجتماعياً باعتبارهن المعيل الأساسي والرئيسي لأسرهن، وتكثيف الجهود في توعيتهن بحقوقهن المسلوبة، وتحفيز دورهن الفاعل في صناعة القرار حتى لا تصبحن عرضة للتغول المجتمعي والأعراف المجحفة التي أصبحت تُبيدهن وتطمس وجودهن.

ومن جانبها قالت (و. م) البالغة من العمر 42 عاماً "ترملت منذ خمس سنوات ومنذ ذلك الوقت وأنا أتعرض للمضايقات والتدخلات في حرية التنقل من قبل عائلة الزوج وادعائي بتهمات تمس الشرف، كما طالبني زوج ابنتي بميراثها من البيت ومنعها من زيارتي إلا حين تسليمها حصتها من الإرث مما تراكمت علي الأعباء النفسية واستياء حالتي الصحية من شدة التفكير لكن جلسات التوعية والدعم النفسي كان لها الدور في تحسن أوضاعي وحل مشاكلي".

بينما عانت (ي. ح) البالغة من العم 38 عاماً من العنف بكافة أشكاله وقالت "استغل والد زوجي وفاة ولده بسرقة ذهبي وأموالي بعدما أوهمني بأنه سيبني بيتاً لي ولأولادي، ومن المؤسف أنني كنت أعطيه راتب الشؤون الاجتماعية والمساعدات لمدة عام كامل، لاكتشف أنه كاذب فطالبت بوصاية الأبناء حتى أستقر لكنه هاجمني ليحصل على جزء من المال كما أنكر تحصيله للذهب".

وأشارت إلى أنه إساء لأخلاقها واتهمها بالشرف مع أحد أقاربها، ونشر هذا الخبر مع المحيط الذي تقطن به "صدقت عائلتي الادعاءات المزعومة علي من قبل والد زوجي، ومنعوني من الخروج وحرية التنقل والدفاع عن نفسي، وبعد فترة من الزمن لجأت للتدخل القانوني وقمت برفع قضية تعدي على الشرف وتشويه السمعة حتى استرداد حقوقي وكرامتي أمام المجتمع".