بعين الفارات ومشاعر الشاهدات هذا هو حال عفرين المحتلة
اختلطت مشاعر الألم والفرح في لقائهم الأول بعد أكثر من ثلاث سنوات، وهم يتحسرون بالقول "ليتنا تمكنا من الخروج مع أهلنا"، ووجهوا رسالتهم لكل عفريني ألا يغرر بنداءات المرتزقة "إن وصلتم لأرض عفرين المحتلة لن ينفعكم الندم وستواجهون مصيراً مجهولاً وخطراً لا محال"
فيدان عبد الله
الشهباء - .
فر يوم السبت 21 آب/أغسطس 30 شخصاً من نساء وأطفال ورجال من عفرين المحتلة في شمال وشرق سوريا إلى مقاطعة الشهباء، بعدما يأسوا من أوضاع المنطقة وازدياد الانتهاكات وممارسات الاحتلال التركي ومرتزقته بحق المدنيين العزل.
نساءٍ ورجالٍ يذرفون الدموع، فرغم أن المعاناة واضحة على ملامحهم ووجوههم إلا أن فرحة اللقاء بأهاليهم والوصول إلى بر الأمان ظهرت واضحة جلية. هذه التفاصيل وغيرها من اللحظات المؤثرة كانت حاضرة في لقاء الفارين من عفرين بأهاليهم والمهجرين في مخيم سردم بمقاطعة الشهباء.
تحدث الفارين لوكالتنا عن أوضاع المدنيين في عفرين المحتلة حيث قالت رغداء إسماعيل الشيخ (41) عاماً بحسرة وندم "ليتنا استطعنا الخروج من عفرين حينما هجر جميع أهلها معاً إلا أننا لم نتمكن بسبب اشتداد القصف علينا، وعدم تمكننا من إخراج مصدر رزقنا الوحيد وهو المواشي".
وأضافت "تشهد مقاطعة عفرين الآن أوضاعٍ سيئة جداً وتزداد يوماً بعد آخر، من سرقة، ونصب واحتيال وأهم شيء فقدانها للأمان والاستقرار، مهما تحدثنا عن انتهاكاتها وجرائمها لن تنتهي حيث أننا كنا شاهدين على فظائع ارتكبها الغزو التركي بحق المدنيين".
وروت عدداً من الأحداث التي كانت شاهدة عليها "كنا نقطن في حي الأشرفية بمركز المقاطعة، شهدنا على حالات اختطاف تحدث في المنطقة يومياً، ويباح للمرتزقة والاحتلال التركي اختطاف واغتصاب فتيات عفرين، كنا نخاف لدرجة أننا لم نكن نتمكن من الصعود إلى سطح منزلنا ونقفل أبواب منزلناً بإحكام في الليل، هذا التوتر والقلق والضغط على أعصابنا سبب لنا الهلاك".
وذكرت رغداء إسماعيل الشيخ خلال حديثها أن زوجها اختطف على يد المرتزقة من وسط منزله وحبس لشهرين متواصلين في سجون الاحتلال التركي ليخرج بوضعٍ صحي صعب ومصاب بمرض الربو ويعاني من سعال مستمر لما تعرض له من تعذيب في السجن.
وعن ممارسات المرتزقة بحق العوائل التي بقيت في عفرين قالت "بين ليلةٍ وضحاها استيقظنا ورأينا أن مصدر رزقنا الوحيد وهو المواشي مسروق على يد مرتزقة الاحتلال التركي من بقر، وأغنام ودواجن"، وأضافت "كل يوم يداهمون المنزل ويسرقون تنكات الزيت أمام أعيننا ولا يمكننا النطق حتى بكلمة واحدة؛ لأننا على علم بأن مصيرنا سيكون الاختطاف أو القتل".
وعن وصولها إلى الشهباء بينت أنه "حينما وصلت إلى الشهباء شعرت لأول مرة بعد أكثر من 3 سنوات بأمان وراحة ولكني لم أنسى مدى تعلقي بعفرين وأهلي الذين مازالوا محاصرين فيها"، مشيرةً أن من يعود سيعاني ويندم لكن الندم لن ينفعهم وسيواجهون مصيراً مجهول وخطراً.
الجدير ذكره أن أكثرية هؤلاء الفارين من مقاطعة عفرين صوب الشهباء هم من المكون العربي من عشيرة "البوخميس" على وجه الخصوص، وهذا المشهد وحده يفسر أن الغزو التركي ومرتزقته يتعرضون للكبير والصغير للعربي والكردي دون تفرقة.
ديبة ياسين بكر (28) عاماً خرجت مع أطفالها الخمسة بينهم رضيع تقول "لا أنصح أحد بالعودة إلى عفرين وهي محتلة من قبل تركيا، حيث أن الأهالي يعانون ويواجهون الويلات من ممارسات وتجاوزات تركيا ومرتزقتها".
وأكدت أنهم عانوا وتعرضوا للكثير من المخاطر خلال رحلة نزوحهم التي طالت 14 يوماً بالقول "نخشى الخروج من المنزل نهاراً وليلاً حيث أن المرتزقة يتعرضون للنساء كما أن المنطقة تفتقد للأمان والاستقرار ومن الممكن نشوب خلافات واشتباكات بين المرتزقة أنفسهم في أي لحظة ويقع انفجار يودي بحياة من لا ذنب لهم".
بعيونٍ دامعة وحسرة قلب أنهت حديثها بالقول "أطلب من الأهالي إلا يعودوا لعفرين وهي تحت ظلم وانتهاكات الاحتلال التركي ومرتزقته وأن يصمموا على العودة وأرضهم محررة في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية".
تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال التركي ومرتزقته وخلال الفترة القصيرة المنصرمة سهلوا طرق العودة لعفرين مقابل الحصول على مبالغٍ مالية باهظة من خلال ما يسمى المجلس الوطني الكردي والادعاء بأن المدينة آمنة ومستقرة ولكن مع وصول الأهالي يتم اعتقالهم ويتعرضون للتعذيب بحجة التعامل مع الإدارة الذاتية ويفرضون عليهم مبالغٍ باهظة للإفراج عنهم وفي الآن ذاته يسهلون عملية الخروج من تركيا نحو أوروبا في خطوةٍ ساعية لتغيير ديموغرافية المنطقة وتهجير ما تبقى من العفرينيين.