بنجشير ومحاولات النساء التغلب على ألعاب السلطة السياسية

تقول محبوبة وحيد يني، إحدى نساء مقاطعة بنجشير "خلال هذه السنوات الـ 45، لم تعمل أي حكومة لصالح الشعب، ففي بنجشير العديد من المناجم، كما أن مدينتنا تمتلك أفضل وأغلى أنواع الزمرد لكننا نعيش في الفقر والبؤس".

بهران لهيب

بنجشير - مقاطعة بنجشير هي إحدى المقاطعات الشمالية في أفغانستان، تواجه الاضطرابات منذ أربعة عقود، وربطت العديد من الدول بنجشير باسم أحمد شاه مسعود فالتعذيب الذي مارسه ضد هؤلاء الناس لا يُنسى، فلا توجد مرافق صحية وتعليم وطرق سهلة.

قبل انقلاب 1978 انتفض أحمد شاه مسعود وقلب الدين حكتيار مع مجموعات من عدة أشخاص بدعم من حكومة باكستان والولايات المتحدة، ضد السلطة تحت شعار "انتفاضة الشعب"، لكنهم واجهوا معارضة قوية من أهل مناطقهم، قمعوا الشعب وبالمقابل تم طردهم من المنطقة بانقلاب، من جهة أخرى أخذت المنظمات الأصولية الأخرى الأموال والأسلحة من باكستان وإيران وأمريكا والمملكة العربية السعودية، كما أن اسم أحمد شاه مسعود الذي حارب السوفييت مدرج في قائمة الإرهاب ويقول عنه شهود عيان "في ذلك الوقت وقع معاهدة مع حكومة الروس المزيفة بأنهم لن يرسلوا قوات إلى بنجشير أبداً في ظل مثابرته".

خلال الحرب ضد روسيا، قام بتدمير جميع القوى الديمقراطية بقيادة شخص يدعى بهلوان أحمد جان في مؤامرة، إلى جانب باكستان، ساعدته أيضاً أمريكا والمملكة العربية السعودية وفرنسا وإسرائيل، كما لعب رضا دقتي، أحد المصورين والمخرجين المشهورين من أصل إيراني، دوراً في جعل أحمد شاه مسعود بطلاً حيث لم يظهره أبداً في أفلامه الوثائقية المتعلقة بالجريمة بمظهر سيء، ولم يعكس قتل وتعذيب المثقفين في ظل حكمه.

وفي عام 1991، تولى أحمد شاه مسعود الذي تلطخت يداه بدماء 65 ألف مواطن من كابول، الحكم وكثر اللصوص، وحالات الاغتصاب، وارتكب مجزرة "مناطق الشيعة والهزارة في كابول" ونهبت بيوت الناس واغتصبت النساء.

في عام 1996، عندما دخلت طالبان أفغانستان لأول مرة، خلال السنوات الخمس من حكمها، هاجمت بشكل متكرر المناطق الشمالية من كابول ومقاطعة بارون، وأحرقت أراضي الناس ومنازلهم، ولم تتمكن بعد من الاستيلاء على بنجشير كما حدث أثناء حكم الحكومة العميلة لروسيا، ويقول السكان المحليون إنه عقد صفقة مع طالبان، وأنه لا توجد مشكلة أينما ذهبوا تحت حكمهم، طالما أنهم لا يقتربون من بنجشير، وقد دفع أموالاً لعدد من قادة طالبان. حتى قُتل أحمد شاه مسعود في عملية انتحارية بمؤامرة أقاربه عام 2001. ولم يكن أحمد شاه مسعود يتمتع بشعبية بين أهل بنجشير ولا في كابول وفي جميع أنحاء أفغانستان، الذين أعلنوه بطلاً قومياً. وأثناء إقرار الدستور الأفغاني في عهد حامد كرزاي حاولوا إعلانه بطلاً قومياً، لكنه لم يحصل على أكثر من صوت أو صوتين.

قالت بيبي جسور البالغة من العمر 60 عاماً "طالبان قتلت أطفالنا والمراهقين انتقاماً من أحمد شاه مسعود. بعد يوم أو يومين، سقطت ولايات أخرى في بنجشير في أيدي طالبان. أبناؤنا كانوا يعملون في الأرض أو في محلاتهم. فجمعوهم وقتلوهم بتهمة حيازة الأسلحة. بعض العائلات التي كان لديها مكان للاختباء في كابول غادرت وقد غادر أبنائي الثلاثة، الذين كانوا جميعهم معلمين في مدرسة قريتنا، ولكثرة عددهم يُعتقد أنه تم تعيين واحد أو اثنين من طالبان للسيطرة على كل شخص من أهالي المقاطعة، وكان هناك العديد من النساء يتجولن مرتديات النقاب".

فيما قالت محبوبة وحيد "خلال هذه الأعوام الخمسة والأربعين، لم تعمل أي حكومة من أجل الشعب، لقد كانوا يفكرون فقط في كيفية إثراء أنفسهم، ويوجد في بنجشير العديد من المناجم، بالإضافة إلى أنها تحتوي على أفضل وأغلى أنواع الزمرد. لكننا نعيش في فقر وبؤس، وقد اضطر شبابنا لمغادرة البلاد من أجل إنقاذ حياتهم، مثل كل أفغانستان، ليكونوا في مأمن من المجزرة". مشيرةً إلى أنه "أنا متأكدة أن سيادتهم، مثل أي شخص آخر، ستتدمر قريبا لأنهم يعتمدون على دول أخرى. لكن هذه المرة تقع على عاتق الشعب الأفغاني مسؤولية التكاتف لتدمير حكومته وتشكيل حكومة تهتم بمصالح الشعب".