بدلاً من المحاسبة... الحكومة المؤقتة في سوريا تكافئ قتلة النساء وتشرع جرائهم
تستمر منظومة الحكم بسوريا في تكريس منطق الإفلات من العقاب، وتعزيزه عبر تمكين القتلة من السلطة، وتأكد ذلك من تعيين مرتزق تلطخت يداه بدماء الأبرياء في وزارة الدفاع الجديدة.

مركز الأخبار ـ عينت وزارة دفاع الحكومة المؤقتة في دمشق بشكل غير معلن، الاثنين 5 أيار/مايو المرتزق أحمد الهايس المعروف بـ "حاتم أبو شقرا"، في منصب عسكري مهم، ليصبح قيادي في الفرقة 86.
هذه الخطوة أثارت استياءً واسعاً بسبب تلطخ يده بدماء السوريين، وارتكابه لجرائم حرب، ومن بينها الإعدام الميداني الذي نفذه بحق الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف وسائقها فرهاد رمضان في تشرين الأول/أكتوبر 2019، كما قام بإجراء إعدامات جماعية بحق مئات المعتقلين، في أحد سجون حلب عام 2018.
حاتم أبو شقرا، أسمه الحقيقي أحمد إحسان فياض الهايس، هو أحد متزعمي مرتزقة "أحرار الشرقية"، التي أدرجته الخزانة الأمريكية عام 2021، على قائمة العقوبات بسبب الانتهاكات التي ارتكبتها بحق المدنيين في إقليم شمال وشرق سوريا من قتل وتعذيب وإعدامات ميدانية، وكما تُفيد الوزارة أن "أحرار الشرقية" قامت بدمج عناصر سابقة في داعش ضمن صفوفها.
مكافأة القاتل وتشريع جرائمه
واستنكرت إدارية مؤتمر ستار في مدينة قامشلو ابتسام الحسين قرار تعين أبو شقرا واصفة إياه بـ "القاتل" معتبرةً أن قرارات الحكومة المؤقتة "انتهاكات! وتتزايد هذه الممارسات يوماً بعد يوم، وتتجلى بشكل واضح في القرارات الأخيرة التي تعكس تجاهلاً صارخاً للمساءلة والعدالة، وكان أخرها تعيين حاتم أبو شقرا قائداً للفرقة 86 وهو القرار الذي أثار موجة غضب في الأوساط المحلية والدولية".
وبينت أن "حاتم أبو شقرا متورط بارتكاب آلاف المجازر والجرائم، فضلاً عن تورطه بجريمة اغتيال الأمينة العامة لحزب سوريا المستقبل الشهيدة هفرين خلف التي عرفت برسالة السلام وأخوة الشعوب"، معتبرةً أن تعيين شخص بهذه السيرة الإجرامية في موقع عسكري حساس يعد بمثابة مكافأة للقاتل وتشريع لجرائمه، وهو دليل إضافي على استمرار منظومة الحكم في تكريس منطق الإفلات من العقاب، بل وتعزيزه عبر تمكين القتلة من السلطة".
وأكدت ابتسام الحسين أن "من قتل النساء والأطفال وساهم في تمزيق النسيج الاجتماعي السوري لا يمكن أن يكون جزءاً من مستقبل البلاد، والمجتمع المحلي في مناطقنا، فنحن كشعب وطوائف ومكونات لن نقبل بهذا القرار"، داعيةً الطوائف والمجتمعات السورية إلى الوقوف صفاً واحداً في وجه هذه الانتهاكات، مطالبةً بتمثيل السوريين والسوريات من أصحاب الضمير والنضال من أجل العدالة، في مراكز القرار بدلاً من مكافأة القتلة والمجرمين.
"القرار يمثل إهانة لدماء المناضلات"
كذلك قالت الإدارية في تجمع نساء زنوبيا بمدينة هجين في مقاطعة دير الزور صفاء الأحمد أن نساء دير الزور أعلن رفضهن التام، واستنكارهن لتعيين حاتم أبو شقرا، المتهم باغتيال السياسية الكردية هفرين خلف، في منصب قيادي حساس كقائد للفرقة 86 في المنطقة.
وأضافت "هذا القرار يمثل إهانة لدماء المناضلات، ويبعث برسالة خطيرة لكل من يناضل من أجل العدالة وحقوق الإنسان"، متسائلةً "كيف يمكن تسليم زمام الأمن والاستقرار لشخص متورط في جريمة اغتيال سياسية تمثل رمزاً للسلام والتعايش؟".
وأشارت إلى أن هذا التعيين يعكس ترسيخاً لثقافة الإفلات من العقاب وتجاهلاً صارخاً لتضحيات النساء، خاصة أولئك اللواتي واجهن العنف والتطرف سعياً لمستقبل أكثر أمناً وعدالة للجميع، مطالبةً بإلغاء القرار فوراً، وفتح تحقيق عادل وشفاف في الجرائم المرتكبة بحق الناشطات السياسيات، وعلى رأسهن هفرين خلف، لوضع حد لسياسات الإقصاء والترهيب.
"يجب تحويل المجرمين للمحاكم الدولية"
ومن مدينة الرقة عبرت منسقية المرأة لإقليم شمال وشرق سوريا عدالة عمر عن استيائها حيال تعيين وترقية من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري والمرأة بدلاً من معاقبتهم على جرائمهم.
ولفتت إلى نوايا الحكومة المؤقتة تجاه إقليم شمال وشرق سوريا والتي توضحت من تعيين أبو شقرا في كل من الرقة والطبقة ودير الزور "لقد عرف بسجله الإجرامي وارتكابه العديد من المجازر مؤخراً في الساحل السوري، إضافة إلى الانتهاكات بحق النساء ومن بنيهن اغتيال الشهيدة هفرين خلف والتمثيل بجثمانها، وتعد هذه الجرائم خرق للقوانين والمواثيق الدولية وهذه الجرائم حرب ضد النساء".
وأكدت على رفض القرار جملة وتفصيلاً "نعبر عن رفضنا التام لمثل هذا القرار فللأسف الشديد بدل أن تتم محاسبة هؤلاء المجرمين ونيل جزائهم يفلتون من العقاب وتتم ترقيتهم لمناصب قيادية في سوريا". مطالبةً القضاء السوري والمجتمع الدولي ومن يدعي حقوق الانسان للقيام بـ "الواجب الأخلاقي تجاه الشعب السوري وتحويل هؤلاء المجرمين للمحاكم الدولية ومحاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم حرب ضد الإنسان والمرأة".
وعاهدت برفع وتيرة النضال أكثر في وجه كافة الأنظمة الاستبدادية والتي تسعى لقمع ثورة حرية المرأة "سنقف صفاً واحداً في وسنستمر على خطى شهيداتنا وعلى درب الشهيدة هفرين خلف ونبذل قصارى جهدنا في إكمال مسيرتها في تحقيق السلام في بسوريا، وبناء سوريا ديمقراطية تعدية لامركزية".
الحكومة المؤقتة تتشكل ممن تلطخت أيديهم بدماء السوريين
فيما قارنت عضوة منسقية مؤتمر ستار في مدينة الحسكة خالدة بوطي بين حكومتي النظام السابق والمؤقتة معتبرةً أن ممارسات الأخيرة "أبشع مما ارتكبه نظام الأسد"، موضحةً ذلك بالقول أن "الحكومتين ارتكبتا المجازر بحق السوريين فالبعث اختصر جميع جرائمه وعمليات القتل والخطف والتعذيب بسجن صيدنايا، بينما المؤقتة اختصرت جرائمها بذهنيتها الطائفية وبالمجازر التي ارتكبها بحق العلويين، والدروز".
وتأسفت على أن "سوريا الحالية ليست سوريا التي كان يطمح لها الشعب، لأن الحرية والديمقراطية والتغيير كان مطلبه الأساسي، ولكننا نرى كيف الأحرار يُقتَلون على يد مرتزقة شُرِعت جرائمهم بتعينهم في مواقع صنع القرار وقيادة البلاد بدلاً من محاسبتهم وتسليمهم للعدالة والمحكمة الدولية".
ولفتت إلى أن "الحكومة التي شكلها أحمد الشرع (الجولاني) جميع أفرادها ملطخة أيديهم بدماء السوريين، وهذه الحكومة بأعضائها ودستورها غير مقبولة في المجتمع السوري، وحتى المواثيق الدولية لا توافق على هذه النماذج لإدارة بلاد، لأنه ببساطة، لا يمكن لمجموعة مرتزقة إدارة بلاد، والمجتمع بذاته لا يثق بهم وتاريخ هؤلاء المرتزقة حافل بالمجازر والقتل، كحاتم أبو شقرا الذي يعتبر إرهابياً ومطلوب للعدالة والمحاكم الدولية".
وذكرت بالإعدام الميداني الذي نفذه أبو شقرا بحق السياسية هفرين خلف، وهذه الجريمة وثقت بفيديوهات تم تداولها على مواقع التواصل الافتراضي "هذه جريمة حرب ولا تغتفر، هذه الممارسات لا تختلف عن فكر داعش".
وأكدت أن "بقاء المرتزقة دون عقاب يفسح لهم المجال لارتكاب المزيد من الجرائم، فحاتم أبو شقرا ليس الإرهابي الوحيد الذي عين قيادياً من قبل الحكومة المؤقتة فهناك محمد الجاسم أبو عمشة أيضاً الذي عين قيادياً للفرقة 25 في حماة وقد تلطخت يداه بدماء السوريين وارتكب جرائم حرب وانتهاكات بحق شعب عفرين، ومؤخراً بحق الطائفة العلوية، حتى أحمد الشرع (الجولاني) الذي عين نفسه رئيساً للبلاد تاريخه معروف فلا هو ولا أعضاء حكومته مرحب بهم من قبل المجتمع السوري".
واعتبرت الحكومة الجديدة بأعضائها ودستورها مهزلة، مطالبةً بتغيير الأعضاء والدستور بما يتوافق مع تطلعات الشعب السوري، مناشدة المجتمع الدولي لمحاسبة جميع من تطلخ يداه بدماء السوريين، لأن بقائهم دون عقاب يفسح لهم المجال لارتكاب المزيد من الجرائم.