بذرائع عديدة... إغلاق مشاريع صغيرة لنساء في إدلب

في الوقت الذي تبحث فيه المعيلات عن فرصة عمل في إدلب، تعمل مرتزقة "هيئة تحرير الشام" على إغلاق مشاريع صغيرة للعديد منهن.

هديل العمر

إدلب ـ تتسلط مرتزقة "هيئة تحرير الشام" على كافة تفاصيل الحياة في مناطق سيطرتها في إدلب، عبر فرض الضرائب والأتاوات والتراخيص الصادرة عن مؤسساتها.

قالت نساء التقت بهن وكالتنا في إدلب إن مرتزقة "هيئة تحرير الشام" تفرض أحكامها ومعتقداتها من خلال التضييق على عمل النساء بكافة المجالات وبذرائع عديدة تتعلق "بالحشمة والاختلاط" واستخراج الرخص ودفع الضرائب والأتاوات.

وبعد أسبوعين من عملها في دروس خاصة في المنزل، أغلقت الأجهزة الأمنية التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" مشروع رؤى حمود البالغة من العمر 28 عاماً، بحجة عدم استخراج التراخيص اللازمة لمزاولة المهنة خارج القطاع العام.

وقالت رؤى حمود إنها وبعد يأسها من تأمين وظيفة ضمن اختصاصها في اللغة الإنجليزية، لجأت لافتتاح مشروع خاص بدروس خاصة بالقرب من المخيم الذي تقطنه، حيث لاقت إقبالاً واستحساناً كبيراً من السكان والأهالي.

وأضافت أن مشروعها الخاص وفر على ذوي الطلاب الكثير من العناء والتكاليف من خلال دفعهم لرسوم شهرية رمزية لا تتجاوز 40 ليرة تركية شهرياً، وهو ما فسر الإقبال الشديد على المشروع الذي تصفه "بالخيري" أكثر من كونه مشروع خاص.

ولكن فرحتها بمشروعها لم تكتمل حين سارع مرتزقة "هيئة تحرير الشام" إلى إغلاق مشروعها، بعد العديد من التهديدات بمصادرة المعدات والمقاعد الدراسية في حال افتتاح المشروع التعليمي دون تراخيص رسمية صادرة عن دوائره ومؤسساته.

وأشارت إلى أن عملية ترخيص المشروع تحتاج إلى مبالغ مالية تصفها بـ "الكبيرة" وضرائب سنوية تفوق قدرتها وطاقتها، ما بدد آمالها في استكمال مشروعها الذي افتتحته بعد وفاة زوجها، للإنفاق على نفسها وأطفالها الثلاثة.

ولم تكن حنان الإبراهيم البالغة من العمر 32 عاماً اسم مستعار لنازحة مقيمة في مدينة إدلب، أفضل حالاً من سابقتها حين أجبرت هي أيضاً على إغلاق صالون التجميل الخاص بها بحجة "التبرج والاختلاط".

وقالت إنها افتتحت صالون تجميل يهدف لتعليم النساء مهنة قص وتصفيف الشعر مجاناً، في مبادرة فردية هي الأولى من نوعها في المدينة.

وأضافت أن نساء يتبعن لجهاز الحسبة في "هيئة تحرير الشام" أخبرنها بقرار إغلاق الصالون الذي "يشجع على الفسق والتبرج" بالإضافة لاعتقال زوجها الذي يساعدها في تأمين احتياجات الصالون من أدوات ومستلزمات تجميلية بذريعة "الاختلاط".

وأشارت إلى أنها تعلمت مهنة تصفيف الشعر من خلال دورة تدريبية مهنية أطلقتها إحدى مراكز تمكين المرأة في إدلب، في حين باتت الآن دون عمل بعد توقيعها على تعهد خطي بعدم مزاولة المهنة، مقابل إطلاق سراح زوجها.

ولا تخفي نيتها في العمل داخل منزلها وبشكل سري وغير معلن، مخافة أن تطالها أحكام "هيئة تحرير الشام" وقوانينها التي تضيق الخناق على الرجال والنساء على حد سواء.

وأضافت أن المعتقدات والأفكار الدينية التي تسعى لفرضها على النساء بالقوة في إدلب، تتشابه إلى حد كبير مع ممارسات (داعش).

ومن جانبها قالت صفاء سلطان البالغة من العمر 29 عاماً، وهي ناشطة نسوية مقيمة في إدلب، إن إغلاق مثل هذه المشاريع التي توفر فرص عمل بديلة للنساء يعد انتهاكاً وجرماً ولا ينتمي للقوانين والأنظمة بصلة.

وأضافت أن هذه المشاريع وفرت فرص عمل للعديد من النساء اللواتي تقطعت بهن السبل بعد أن باءت جميع محاولاتهن لإيجاد عمل ملائم بالفشل، حيث وفرت لهن هذه المشاريع حياة كريمة بعيدة عن العوز والطلب.

وأشارت إلى ضرورة دعم هذه المشاريع والتعريف بأهميتها وفاعليتها على المرأة والمجتمع، لا أن يتم التضييق عليها بذرائع وحجج تهدف لإقصاء دور المرأة العاملة والمعيلة في المجتمع المحلي في إدلب.

وأكدت على ضرورة تحمل الجهات النسوية والحقوقية مسؤولياتها في إدلب، لدعم مشاريع النساء اجتماعياً وحماية هذه المشاريع من تسلط سلطات الأمر الواقع في المنطقة.