باحثة في مجال علم الفطر الغامض تساهم باكتشافات علمية وعالمية
تتابع النساء هواياتهن باستمرارية وشمولية، ما يرسخ انجازاتهن الفريدة في مجالات عدة، ومنها مجال علم الفطر الغامض والذي لا يحظى بالاهتمام الكافي في لبنان والعالم.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ تثبت النساء يوماً بعد يوم جدارتهن في مجالات عدة، ولا سيما في مجال العلوم والأبحاث، وتسعين خلف شغفهن وهواياتهن بشكل مستمر، وفي مجالات فريدة من نوعها، وحققت الباحثة اللبنانية في مجال الفطر ساندرا سليمان نجاحاً كبيراً، حيث تمكنت من توثيق أنواعاً جديدة للفطر من الطبيعة اللبنانية، وتم اعتماد اكتشافاتها عالمياً.
قالت الباحثة في مجال الفطر ساندرا سليمان من بلدة القنطرة في عكار "درست في الجامعة اللبنانية بالفنار، وكان اختصاصي في مجال علوم الحياة والأرض، ونلت درجة الماجستير في مجال إدارة وحفظ الموارد الطبيعية، وكيفية التعرف على الكائنات المختلفة، وكان لدي الفضول للتعرف على عالم الفطر الغامض والمهمل كثيراً في مجال البحوث، وغير المدروس في لبنان وحول العالم، ومن هنا بدأت مسيرتي منذ عام 2018، والذي نلت على إثره درجة الماجستير، ولا زلت أتابع، ولكن مع الأزمات وغيرها من التحديات، قل نشاطي لكن الشغف لا يزال موجوداً".
ولفتت إلى أن ما دفعها إلى هذا الاختصاص هو حالات الوفاة العديدة من استهلاك الفطر في لبنان ومنها حالة عائلة لبنانية بكافة أفرادها، ووجدت أنه من واجبها متابعة الأبحاث في هذا المجال، ومحاولة التوعية حول أنواع الفطر السام والقابل للاستهلاك.
وأضافت "على الرغم من أن البحث في عام 2018 كان بسيطاً وخلال فترة قصيرة، لكنه قدم معلومات مهمة للبنان، واستطعنا التعرف على 62 نوعاً جديداً في البلاد لم يتم ذكرها من قبل، خاصة بسبب قلة الدراسات في هذا المجال حيث كان هناك دراستين سابقاً، أحدهما من خمسينيات القرن الماضي (1957) والثانية في عام 2000 ولم يتم نشرهما، والدراسة الثالثة لي في لبنان".
وأوضحت أنه من بين الأنواع الـ 62، هناك 8 أنواع جديدة عالمية وغير مصنفة، و4 أنواع فريدة من نوعها ولا يتم تناولها حتى في الكتب والمراجع إلا نادراً "تمكنا من نشر مقال عالمي في مجلة Mycottaxon العلمية المرموقة بهذا المجال، والتي اقتصرت على الأنواع في منطقتي بمحافظة عكار وفي ثلاث مناطق في المحافظة، شملت 105 عينات، وقد وضعت الدراسة لبنان على الخارطة العالمية العلمية في هذا المجال، كما أصبحت دراستنا مرجعاً في مجال التنوع البيولوجي في الشرق المتوسط لا سيما أنواع الفطر فيه".
وأشارت إلى أنه "من خلال الدارسة فتح باب كبير للبنان للتشبيك مع جامعيين في فرنسا، فقد ساعدونا بجهود كبيرة في مجال التسلسل الجيني DNA Sequencing الذي يعتبر كدراسة وتحليل لمستوى الجزيئيات أو التحليل الجزيئي وهذه التقنية غير موجودة، وإذا كانت موجودة فهي باهظة الثمن للغاية ولن نستطيع التكفل بها حينها، وقد ساعدنا الباحثون الفرنسيون للتأكد بصورة موثوقة تصل إلى 100% على الأنواع التي كنا نجدها، وبالمقارنة مع المرجعين اللذين كانا موجودين في لبنان، توصلنا إلى وجود هذه الأنواع الـ 62 والتي لم يتطرق إليها أحد من قبل".
وعن التحديات التي تواجهها في هذا المجال، قالت "قلة وجود الخبراء في مجال الفطر في لبنان والعالم العربي، هي أحد أهم الصعوبات، لكن الفضول والشغف وكذلك الواجب الإنساني دفعني لمتابعة هذا الاختصاص، لأشهد المتابعة والتشجيع وكذلك إقبال العديد من الجامعيين ولا سيما النساء منهن على متابعة هذا الاختصاص رغم صعوبته".
وأشارت ساندرا سليمان إلى نقطة مهمة وهي عدم معرفة جمع أنواع الفطر بالمقارنة مع النباتات البرية، فهناك أنواع خطيرة قد تسبب الوفاة أحياناً أو فشل في الأعضاء الحيوية، حيث يوجد أكثر من خمسة ملايين نوع من الفطريات في العالم، منها المجهري أي الذي لا يرى بالعين المجردة، ومنها من لها الثمار وهي عبارة عن رأس الفطر التي نراها بالعين المجردة، ويعيش الفطر طفيلياً على النباتات والكائنات المحيطة، ومنها الإنسان، كما وأنه يعيش في علاقة تكافلية مع الأنواع ويساهم بالتوازن البيولوجي في التربة والمياه والهواء.