أطفال أيتام ونساء تحت الأشجار... هكذا بدت إدلب بعد الزلزال
الغياب شبه تام للاهتمام والمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الإغاثية في المناطق المنكوبة، دفع عشرات النساء والأطفال للعيش والسكن ضمن ظروف قاسية، نتيجة تضرر أبنيتهم السكنية وانهيار معظمها.
هديل العمر
إدلب ـ تعيش عشرات العوائل المتضررة من الزلزال المدمر، أوضاعاً غاية في الصعوبة، نتيجة حالة التشرد وعدم الاستقرار التي فرضت عليهم، والتي أدت لسكنهم تحت الأشجار وبين الأراضي الزراعية والأحراش الجبلية.
منذ أكثر من عشرة أيام، تفترش ريم فطراوي (33عاماً) وهي نازحة مقيمة في مدينة سلقين غرب إدلب، الأرض هي وأطفالها الثلاثة، بعد تصدع منزلهم وانهياره بشكل جزئي وعدم صلاحيته للسكن.
تقول ريم فطراوي إنه بعد تصدع منزلها اضطرت للهرب بأطفالها إلى مناطق أكثر أمناً من توابع الزلزال والهزات الارتدادية، لتلجأ للسكن بين الأراضي الزراعية، في ظل عدم قدرتها على تأمين مأوى بديل يضمن لها حياة مستقرة وعيش آمن.
وأوضحت أنها لم تتلقى أي مساعدات إنسانية، سوى بعض الوجبات السريعة عندما كانت في إحدى مراكز الإيواء، والذي تم إغلاقه بعد نحو أسبوع من الكارثة، ما أدى لتشردها وعيشها في مناطق غير قابلة للسكن.
وأشارت إلى أنها لا تستطيع استئجار منزل بديل، نتيجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية المزرية التي تعيشها قبل الكارثة المأساوية، بسبب افتقارها للمعيل بعد وفاة زوجها بحادث سير أواخر العام الماضي.
لم تكن غزل الصافي (38 عاماً) وهي من سكان قرية التلول غرب إدلب، أفضل حالاً من سابقتها، حين نزحت مع زوجها وأطفالها إلى المرتفعات الجبلية بعد تعرض منزلها وقريتها للغمر بسبب فيضان نهر العاصي.
"لا يوجد مكان نذهب إليه" بهذه الكلمات تعبر غزل عن حزنها وألمها لما آل بها الحال من نزوح وتشرد، وسط ظروف تفتقر إلى أدنى مستويات الحياة، في إشارة منها إلى حجم المعاناة التي تعيشها منذ وقوع الكارثة المأساوية.
تقول غزل الصافي إنها نزحت برفقة عشرات العوائل الأخرى نتيجة انهيار أجزاء واسعة من الضفة الشرقية لنهر العاصي، نتيجة تأثرها بالزلزال، وهو ما أدى لتغير مسار النهر الذي غمر أجزاء واسعة من القرية.
وأضافت أن النازحين المتأثرين من الفيضانات لم يتم مساعدتهم حتى اللحظة، لافتةً إلى أن معظم أهالي القرية خرجوا بملابسهم فقط، ولم يتلقوا أي مساعدات، وهو ما أدى لأن تكون الأوضاع الإنسانية في المنطقة غاية في الصعوبة.
من جانب آخر، لم تقتصر الكارثة على العائلات والنساء فقط، حيث خلف الزلزال عشرات الأطفال الأيتام الذين فقدوا والديهم وذويهم تحت ركام وأنقاض المباني المدمرة، ليعيشوا حالة من التشرد والضياع في ظل غياب الجهات التي تدعم هذه الفئة المهمشة.
تعيش الطفلة رغد عبد المنعم (14عاماً) وهي نازحة من ريف دمشق، وشقيقيها في إحدى مراكز الإيواء المكتظة في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب، بعد وفاة والديهم وإنقاذهم من تحت الأنقاض والركام.
"ما بعرف وين بدنا نروح، ما عنا أقرباء هون" تقول رغد عبد المنعم بعينين دامعتين وبصوت تخنقه العبرات، في إشارة منها إلى حالة الضياع والتشرد، بعد أن فقدت حنان والديها، ووجدت نفسها المسؤولة الوحيدة عن شقيقها الصغيرين.
تستذكر تفاصيل الحادثة المؤلمة فتقول " كنت نائمة، استيقظت على أصوات عالية ومخيفة، لم أرى سوى الغبار والجدران المدمرة، وجدت أمي بجانبي ولكنها دون حراك، أخرجتنا بعدها فرق الإنقاذ، ووضعتنا في مركز إيواء جماعي".
وأضافت أنها الآن تحصل على وجبات الطعام من خلال المساعدات التي توزع على النازحين المتواجدين في المأوى الجماعي.
ولا تخفي الطفلة قلقها من الأيام القادمة، خاصة وأنه لا يوجد لديها أي أقرباء أو معارف في المنطقة، وهو ما سيؤدي إلى تشردها مع إخوتها في حال لم تقدم لها الجهات المختصة الدعم والرعاية والاهتمام.