آسيا إسماعيل تؤكد على ضرورة انخراط النساء ضمن المقاومة في حال حدوث أي هجوم تركي
أكدت آسيا إسماعيل إحدى وجوه الثورة في شمال وشرق سوريا على ضرورة انخراط النساء ضمن المقاومة في حال حدوث أي هجوم تركي على منبج.
سيلفا الإبراهيم
منبج ـ صعد الاحتلال التركي من هجماته على مناطق شمال وشرق سوريا لتهيئة المنطقة لهجوم واسع كان قد هدد به قبل أيام، فما هو السيناريو المنتظر؟ وكيف على نساء المنطقة لعب دورهن في التصدي لأي هجوم محتمل لمنع إعادة مشهد احتلال عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي؟
للإجابة عن هذه الاسئلة التقت وكالتنا مع آسيا إسماعيل إحدى وجوه الثورة في شمال وشرق سوريا، وهي نازحة من رأس العين/سري كانيه، وعضو في تجمع نساء زنوبيا.
تجربة مقاومة 2012
عادت بنا آسيا إسماعيل إلى بداية ثورة روج آفا بشمال وشرق سوريا، والحرب الشعبية في مدينة رأس العين/سري كانيه، ضد مرتزقة جبهة النصرة وما يسمى بالجيش الحر وداعش.
تقول آسيا إسماعيل صاحبة تجربة الحرب الأولى في رأس العين/سري كانيه (2011-2012) " من خلال الكثير من التجارب اكتسبنا الخبرة في مقاومة سري كانيه في عام 2012، وضحينا بالكثير لكننا انتصرنا بالمقابل. الحرب التي اندلعت آنذاك لم تكن سهلة لأنهم هاجمونا بكل وحشية لنحو 4 أشهر، لكن تنظيمنا لأنفسنا كان رادعاً لتلك الهجمات".
وأوضحت "تقاسمنا المهام وكل منا كان يعمل بكل مجهوده ليكون أهلاً للمسؤولية الملاقاة على عاتقه لنفشل معاً الهجمات التي تستهدفنا، فالنساء لعبن دوراً اساسياً في التصدي لهذا الحرب، من خلال العمل على مساعدة المصابين، وإعداد الطعام، وحمل السلاح بعد أن تدرب عدد منهن على ذلك، فكل شيء كان منظماً"، مؤكدةً أنه "بهذه الطريقة تكاتفنا معاً وكنا الحصن المنيع لإفشال هجمات العدو علينا".
وشددت على أن "المقاومة التي وحدت بين الشعب والمقاتلين، أعطت المعنويات والطاقة للمقاتلين/ات والجرحى".
النساء محبات للسلام
عن ضرورة مقاومة النساء للهجمات قالت "يشهد التاريخ على أن النساء وعبر التاريخ محبات للسلام وصانعات له، فالأم تخشى على أبنائها من الموت أو الإصابة بأي أذى، لكننا ومن أجل الحماية حملنا السلاح ونظمنا أنفسنا في الحماية الجوهرية (قوات حماية المجتمع/المرأة)، وقد لعبت النساء دوراً هاماً في القضاء على الكثير من المرتزقة الذين حاولوا التسلل إلى مناطقنا بادعاء أنهم مدنيين، وبفضل هذه المقاومة والتكاتف بنينا إدارتنا الذاتية وحركاتنا النسائية وعممنا الأمان في مدينتنا بنضالنا وتكاتفنا وإيماننا بإرادتنا".
كما لفتت إلى اجتياح تركيا لرأس العين/سري كانيه في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019 "في الحرب الأخيرة استخدمت تركيا كل أساليبها الوحشية، فأمطرتنا بالقصف العشوائي ما دفعنا لترك منازلنا والاتجاه صوب المناطق الآمنة، ورغم ذلك لم يتخلى الشعب عن أرضه لكن الأهالي خرجوا بناء على طلب وحدات حماية الشعب ـ المرأة حفاظاً على أرواح المدنيين، لأن تركيا لم تتوانى عن استهدافهم، وقد ارتكبت المجازر بحقهم، ومنها ضرب القافلة المدنية التي قدمت من مدن إقليم الجزيرة دعماً لمقاومة أهالي سري كانيه، وكري سبي".
المقاومة قرار
حول التهديدات التركية على المنطقة بينت آسيا إسماعيل أن تركيا تستهدف الجميع حتى المسالمين منهم، مخاطبةً أهالي المنطقة بالقول "تركيا ستلاحقنا أينما ذهبنا سواء إلى العراق أو حتى دمشق، فيما إذا بقيت داخل مدينتك رافضاً لمخططات الاحتلال التركي ومساندة لقواتك العسكرية ستصنع نصراً عظيماً لمدينتك، فالحياة والموت يعيشهما الإنسان مرة واحدة، لذا إما الحياة بكرامة أو الموت الكريم، فالموت وأنت تحمل اسم شهيد خيراً من عمر طويل من الذل".
وأضافت "على الشعب أن يأخذ من تجربة سري كانيه مثالاً ويحمي نفسه ويحافظ على أرضه وألا يتخلى عنها، فمدينة منبج هي مدينة الثورة التي قلبت الموازين رأساً على عقب بعد أن دحرت مرتزقة داعش، في مدينة منبج علينا أن نخلع نعالنا ونمشي عليها حفاة لأن في كل شبر من ترابها روي بدم شهيد من بناتها وأبنائها".
متسائلةً "كيف ستسمح لنا ضمائرنا أن تدخل إليها تركيا وتدنسها، هذه المدينة عانت الكثير فبناتها خطفهن مرتزقة داعش وعلقت رؤوس أبنائها في الساحة، ولذلك على شعب منبج ألا ينسى أيام ظلام داعش، وألا يقبل بتكرار ذلك على يد الاحتلال التركي فعلى الأهالي أن يجعلوا من أوجاعهم السابقة قوة ويقاوموا".
وبينت أن "المرأة هي أكثر من عانى من ظلم داعش لذلك عليها أن تقف ضد الاحتلال وأن تكون في صدارة المقاومة، بأي شكل من الأشكال التمريض أو إعداد الطعام أو حمل السلاح"، مؤكدةً على ضرورة اعتماد النساء على إرادتهن "إن لم تمنح ذاتك القوة لا يمكن أن يناصرك أحد فإذا أردت أرضك حرة عليك أن تعتمد على إرادتك وليس على دولة أو قوى خارجية".
"أردوغان يسعى لإبادة الكرد وتقسيم سوريا"
وعن أطماع الدولة التركية في سوريا لفتت آسيا إسماعيل إلى أن "اردوغان لا يود إبادة الكرد فحسب بل يود تقسيم سوريا أيضاً، ولو استطاع لاحتلت بلاده سوريا من حلب وحتى دمشق، ومن ديرك حتى البوكمال وصولاً إلى الأراضي العراقية لتستكمل مخططاتها في إقليم كردستان".
وأشارت إلى أن خطة المنطقة الأمنة بعمق 30 كم ليست سوى حجج واهية لشرعنة وجودها في المنطقة، "لا يكفي اردوغان الولايات والمدن التركية والجبال والأنهار فيها فحلمه إحياء الأمجاد العثمانية".
وعن مدى الوعي الذي تحلت به شعوب المنطقة والشعب الكردي تجاه المؤامرات التركية قالت "الشعب لم يعد كما كان قبل قرن من الزمن، فقد أصبح صاحب قضية وفكر حر، ويمتلك قوة عسكرية تلقى الدعم منه، وبات العالم واعياً للمقاومة التي يبديها أهالي شمال وشرق سوريا، لذلك فاجتياح المنطقة ليس بالأمر السهل، ونهاية أردوغان ستكون في سوريا".
وانتقدت آسيا إسماعيل موقف النظام السوري حيال السياسة التركية والدول الغربية في سوريا "موقف النظام السوري مخجل، فلو قبلت بالحوار مع الإدارة الذاتية لما استطاعت تركيا احتلال جزء من أراضينا ولما استغلت روسيا وأمريكا الثغرات والخلافات بيننا ورفعت أعلامها فوق أراضينا".
"الاتحاد هو الرادع الأساسي للاحتلال"
وعن أهمية الوحدة السائدة بين شعوب المنطقة أكدت أن "جميع شعوب شمال وشرق سوريا متحدة في وجه الهجمات التركية، لأن جميع شعوب المنطقة لديها تجربة مع تاريخ تركيا الدموي، فلم يسلم أي شعب من شرها، فالشعوب لم تلتئم جروحها بعد، ولذلك فهي لن تقبل بعودة أحفاد العثمانيين".
وأضافت "الاتحاد يمكن أن نراه على صعيد تجمع نساء زنوبيا في منبج فالنساء منخرطات بالعمل فيه من مختلف مكوناتهن وقضيتهن واحدة وهي الدفاع عن النساء، فما بالك بالإدارة الذاتية والمؤسسات العسكرية التي تضم جميع أبناء وبنات شعوب المنطقة".
وعن الخلافات السائدة بين الأحزاب والحركات السياسية الكردية قالت آسيا إسماعيل "يؤلمني أن تكون هذه الخلافات سائدة بين الأحزاب السياسية، فعلى هذه الأحزاب وقادتها أن يكونوا يداً واحدة أمام الاحتلال التركي، وألا يحرقوا أحلام الشعب بنار مصالحهم الشخصية، لأن النار ستلتهم الجميع فنحن كرد ومصيرنا واحد".
واختتمت عضو تجمع نساء زنوبيا آسيا إسماعيل حديثها بالتأكيد على أنه "كما حررنا جميع المناطق من داعش معاً سنستطيع حمايتها، لذا ينبغي أن يكون أمان الشعوب قبل كل شيء، على الجميع أن يتحدوا ويقووا علاقاتهم الخارجية وعلى النظام أن يجلس على طاولة الحوار لأن سوريا اكتفت من الحرب من القتل والتشرد والنزوح".