جينو درخشان

سنه ـ العنف المنزلي هو الشكل الأكثر شيوعاً بين أشكال العنف ضد المرأة في الأسرة، ظاهرة تتعرض فيها المرأة للعنف من قبل الجنس الآخر بسبب هويتها وجنسها.

أي نوع من الفعل أو السلوك المحتمل الذي يؤدي إلى الأذى الجسدي أو الجنسي أو النفسي أو الحرمان والعذاب، يسمى العنف ضد المرأة، والأطفال الذين تعرضت أمهاتهم للإيذاء الجسدي من قبل آبائهم هم أكثر عرضة لخطر نقل السلوكيات العنيفة إلى الجيل القادم.

إن قضية العنف ضد المرأة ليست جديدة بل مستمرة منذ زمن طويل ويعتبر نوعاً من التحدي الفكري والعملي العميق في المجتمع الذي تؤثر عليه عوامل واسعة مثل الثقافة، والاعتقاد الخاطئ والفقر والبطالة، والأهم من ذلك، الترويج للنظام الأبوي وهو الذي أدى إلى ظهوره.

 

"لقد أمضيت حياتي كلها بناءً على إرادة الآخرين"

تروي نسرين. ر البالغة من العمر 37 عاماً تجارب حياتها المؤلمة بالقول "يغيرون اسمه ويسمونه الحب أو يطلقون عليه الحماس ومسميات عديدة لكن الاسم الحقيقي هو العنف الذي يستهدف جميع تفاصيل حياة المرأة منذ ولادتها وحتى وفاتها. على الرغم من أن الجميع ينادونني بالأم المخلصة، إلا أنني دائماً ما أكون غاضبة من الداخل. أرى أنني لم أفعل شيئاً لنفسي، لقد أمضيت حياتي كلها بناءً على إرادة الآخرين. لقد ماتت حياتي منذ الطفولة ولم أتمكن من العثور على نفسي مرة أخرى. عندما تعرضت لأول عنف من زوجي بعد عائلتي، تأزمت حالتي النفسية بشكل كبير لدرجة أنني دخلت المستشفى لمدة يومين وعندما قررت الانفصال عن زوجي أجبرتني عائلتي على تحمل الظروف القاسية وقالوا 'إذا عدت، سيكون الوضع أسوأ من هذا' الآن مع طفلين، الانفصال صعب جداً بالنسبة لي. لا أستطيع أن أترك أطفالي بمفردهم في هذا الجو المتوتر. تقدمت بطلب الطلاق مرة واحدة لكن أهلي منعوني من تكراره وقالوا 'لديك طفلان وقد انتهت الحياة بالنسبة لك، عليك أن تعيشي من أجل أطفالك'".

 

"أريد دائماً محاربة هذا العنف"

آفاق. ش البالغة من العمر 39 عاماً، هي امرأة أخرى تعرضت للعنف المنزلي، وتقول "أنا متزوجة منذ 15 عاماً وموظفة في ديوان حكومي، ورغم أنني مستقلة إلا أن زوجي يسخر مني دائماً، يسخر من كل ما أفعله؛ وجهي، وطريقة كلامي، وطريقة ارتدائي للملابس، وطريقة طهي، وما إلى ذلك، أصبحت موضوع ضحك الأصدقاء والعائلة فلقد دمر ثقتي بنفسي في بعض الأحيان يأتي إلى مكان عملي بحجة، ويتحدث معي بطريقة مهينة أمام الموظفين على شكل نكتة وضحك. إن أعمال العنف اللامحدود هذه تظهر أيضاً في علاقتنا الجنسية، هذه هي الأشياء التي أجدها عنيفة جداً أريد دائماً محاربتها وموجهتها".

 

"لن أستسلم أبداً لإرادتهم وسأقاتل"

فيما تقول شادى. ر البالغة من العمر 24 عاماً عن أختها التي كانت ضحية إساءة معاملة الأطفال "كنا شقيقتين، وفي سن مبكرة أرادوا إجباري على الزواج، لكنني وقفت أمام مطالب وإصرار الأسرة وقلت إنني أريد الدراسة ولكن تزوجت أختي الصغرى قبلي، وكان عمرها 15 عاماً فقط، وكنا لا نزال نلعب معاً، وبعيداً عن عيني أبي وأخي، كانت أختي تبكي وتقول لي إنها لا تعرف ما هو الزواج ولا تريد أن تصبح بائسة".

وأضافت "لقد أصبحنا ضحايا هذه الثقافة الأبوية. انتحرت أختي بعد عام من زواجها، على الرغم من أن والدي وأخي يذرفون الدموع عليها، إلا أنني لم أعد أكن لهما مشاعر المحبة لقد كانا السبب في وفاة أختي. هذه الضربة القوية جعلتني أذهب إلى سنه وأبتعد عنهم بحجة الجامعة، ومع أنهم حاولوا السيطرة عليّ بذريعة أنني تلاعبت بسمعتهم بذهابي إلى الجامعة إلا أنني لن أخضع أبداً لإرادتهم وسأقاتل وأريد أن أوقف هذه الحلقة المفرغة من العنف من جهتي".

وأردفت "الرجل في صورة الحكومة والشرطة والقانون والأب والأخ والزوج، فجميعهم ممثلون لهذه الثقافة، وهناك العديد من الآليات التي تمنح الحق للرجال، وتضفي الشرعية على العنف، وتوفر الأسباب لاستمراره، ففي القانون المدني الإيراني، لا يحق للمرأة مغادرة المنزل المشترك إلا إذا أثبتت الخطر على حياتها أو شرفها بشاهد صالح في المحكمة وتعتبر المادة 1105 من نفس القانون رئاسة الأسرة إحدى "الخصائص الحصرية" للرجل وتؤكد المادة 1108 على أنه إذا امتنعت المرأة عن القيام بواجباتها تجاه زوجها، فلا تستحق النفقة".

وأضافت "تنص المادة 1114 من القانون المدني على أنه يجب على المرأة أن تسكن في منزل يحدده الزوج، ليس لها الحق في اختيار السكن ولا توجد في القوانين الحالية آلية لحماية النساء اللاتي تعرضن للعنف أو التهديد، في كثير من الحالات، تتعرض المرأة للضرب أو الطعن، وحتى بعد تقديم الشكوى إلى الجهات المختصة أو العلاج، تجبر على العودة إلى نفس المنزل الذي يتواجد فيه المعنف".

وبسبب هذه الثغرات القانونية، لا يوجد للعنف المنزلي عنوان جنائي منفصل في القانوني الإيراني ولا يوجد تعريف له في أي من القوانين الحالية، كما أن المشرع لا يفرق بين العنف والاعتداء والإحصائيات المقدمة من مراكز الصراع والعنف الأسري الرسمية تعتمد على الحالات المرفوعة في هذه المراكز ولا تمثل الإحصائيات الفعلية لإجمالي الصراعات وحالات العنف الأسري. وإلى أن يتم تفكيك ثقافة السلطة الأبوية، التي تنتج بطبيعتها العنف والموت والتعذيب، ستبقى تتعرض النساء للقتل والعنف والتعذيب.