'أريد أن أحقق حلمي وأحارب من خلال علمي'

لا يزال يتعرض طلاب وطالبات الجامعات في إيران وشرق كردستان للقمع والتهديد والفصل، ويزداد الضغط أكثر خاصةً على هؤلاء الذين ينتمون إلى عائلات السجناء السياسيين ومن تم إعدامهم.

بشرى كرماشاني

مركز الأخبار ـ منذ أكثر من أربعة عقود تعيش عائلات السجناء السياسيين ومن تم إعدامهم في إيران وشرق كردستان، تحت ضغط الحكومة الإيرانية، ومع اندلاع الانتفاضة الشعبية على إثر مقتل جينا أميني ازداد الضغط على الطلبة الجامعيين المنتمين لتلك العائلات.

تحولت المدارس والجامعات التي يجب أن تخلق بيئة آمنة للطلاب إلى مراكز احتجاز في إيران، كما أن الجو الأمني المشدد حرم الطلاب والطالبات من حريتهم وحقهم في تلقي التعليم في جوٍ آمن.

 

"أريد أن أخدم شعبي بالطريقة التي اخترتها"

حول الضغوطات وتهديدات الحكومة الإيرانية، تقول "فاريبا. أ" وهي طالبة في كلية رازي كرماشان للهندسة بجوانرود، "في الستينيات تعرض عمي الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 22 عاماً، وعضواً في أحد الأحزاب في شرق كردستان، وتم الإفشاء عنه من قبل أحد أصدقائه، وفي رحلة له إلى خارج المدينة تم إلقاء القبض عليه، وإعدامه بعد شهر دون إبلاغ الأسرة".

وأضافت "بعد إعدام عمي تمت مراقبة والدي الذي كان موظفاً في مجال التعليم. وبحسب ما قالته عائلتي فإنه في ذلك الوقت لم تكن هناك هواتف محمولة، حيث كانوا يستخدمون الهواتف المنزلية التي كانت مراقبة من قبل الحكومة، وبسبب هذه الضغوط ذهب أحد أعمامي الذي سُجن وتعرض للتعذيب عدة مرات، إلى أوروبا مع زوجته وأطفاله بعد إطلاق سراحه، والآن مع كل احتجاج يحدث في شرق كردستان وإيران، يتم استجواب عائلتنا، أنا طالبة هندسة كمبيوتر، ولأنني أهتم بدراستي لم أدخل السياسة، أريد أن أخدم شعبي بالطريقة التي اخترتها، ومن حقي أن أحقق ما أريده وأتمناه".

وحول كيف يمكن للمرء أن يسكت عن الجرائم المرتكبة من قبل الحكومة ويعيش حياة طبيعية بغض النظر عما يحدث تقول "موت جينا أميني وجميع المناضلين من أجل الحرية يؤلمني جداً. ولكني لا أريد أن تتعفن أحلامي في السجن، فالجميع أحرار في اختيار كيفية خدمة بلادهم، وأنا اخترت أن أكون مع عائلتي وأصدقائي وزملائي، وأن أدرس وأنجح في حياتي، الناس يفكرون بشكل مختلف وهذا لا يعني عدم المبالاة بما يجري في المجتمع".

وتابعت "لقد كان زواجي قبل بضع سنوات فاشلاً وفق المجتمع، ولكن كانت بالنسبة لي تجربة لاتخاذ خطوات فعالة للعيش بشكل أفضل، وهذا لم يمنعني من الاستمرار في حياتي. فقد تابعت دراستي بعد الطلاق من جديد وأنا حالياً في سنتي الثالثة في الجامعة، ولكن الحكومة تحاول حرماني من حقي في استكمال دراستي وتحقيق أحلامي، من استدعائي للإدلاء بإفادتي، في الحقيقة كانت السنة الثالثة للجامعة هي الأسوأ بالنسبة لي لأنه بعد الثورة التي بدأت العام الماضي اشتد الضغط الأمني ​​على الطلبة، ولأنني من أسرة سياسية يتم استدعائي إلى مكتب أمن الجامعة كل يوم بذرائع مختلفة".

وأشارت إلى أن "أخذوا مني هاتفي المحمول عدة مرات وفتشوا صفحاتي الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسألوني إن كنت وعائلتي على تواصل مع عمي أم لا، وفي كل مرة كنت أتجنب الرد عليهم بالقول إنه لا شأن لي بالسياسة كل ما يهمني هي دراستي، أنا حتى لا أملك رقم وعنوان عائلة عمي في هاتفي المحمول، لأنني رأيت وسمعت كيف كانوا يستجوبون عائلتي".

وأوضحت أنه تم استدعائها إلى مكتب أمن الجامعة مرة أخرى قبل نهاية امتحانات الفصل الدراسي "لقد تعرضت في آخر مرة تم استدعائي فيها إلى مكتب الأمن للاستجواب والتهديد بمنعي من تقديم الامتحانات إذا ما شاركت وتواصلت مع أي شخص سياسي أو دعمت احتجاجات الطلبة، في الواقع يسعون من خلال هذه التهديدات للضغط على الطلاب والطالبات ومنعهم من الدراسة وإبعادهم عما يجري في البلاد ويهدد الحكومة".

وفي ختام حديثها أكدت فريبا. أ، على إنه بالرغم من عدم مشاركتها في الاحتجاجات، إلا أن هويتها وأرضها مهمان بالنسبة لها "هل من الممكن أن تكون كردياً وغير مبالً بأرضك التي احتلها المستعمرون؟ وهل بالإمكان عدم إبداء أي ردة فعل تجاه ما يتعرض له الأهالي ظلماً؟ في الواقع لا، لكني أريد أن أحقق ما أريد وأحارب من خلال قلمي ودراستي، حتى وإن استدعاني مكتب الأمن مائة مرة فلن يتمكنوا من إيقافي عن تحقيق هدفي".