أمل أبو عيسى تضع حجر الديك في إطار التطور الخدمي

بهدف النهوض بمستوى وعي المرأة وفتح الآفاق المغلقة أمامها، تحدت أمل أبو عيسى الكثير من الصعوبات والعوائق في سبيل تمهيد الطريق أمام النساء.

رفيف اسليم

غزة ـ استطاعت أمل أبو عيسى العمل على إعادة الحياة لقرية حجر الديك التابعة لقطاع غزة، التي كانت تفتقر لكثير من الخدمات كالطرق والمواصلات والصرف الصحي بالإضافة للرعاية الطبية والقانونية والتعليم.

تعتبر حجر الديك قرية زراعية حدودية وهذا ما يعرضها لخطر تجريف أراضيها بفعل الاجتياحات التي تقوم بها إسرائيل، وعلى الرغم من هذا الوضع تمكنت أمل أبو عيسى من توفير الكثير من الخدمات، وقالت "بدأ الأمر منذ 25 عاماً عندما عملت كمنسقة مشروع في جمعية سنابل لتثقيف وتوعية المرأة الريفية ووكلت إليّ منطقة حجر الديك، حينها لم أكترث لتلك المهمة ظناً مني أنني سأقوم بدوري ومن ثم أرحل أسوة ببقية القرى الحدودية المهمشة التي عملت بها من قبل، لكن ما حدث كان خلافاً لذلك".

وأكدت أمل أبو عيسى أنها تحملت مسؤولية هذه القرية من اللحظة الأولى التي وطئت بها قدمها على أرض هذه القرية، خاصة أن الدخول إليها استغرق 25 دقيقة وربما أكثر مروراً بأراضي وعرة وأخرى مليئة بالكثبان الرملية وطرق غير مستوية، إلى أن استطاعت الوصول لمركز القرية حتى تلتقي بسكانها.

وأضافت أنه لم يكن من السهل على سكان القرية استقبال امرأة والتعاون معها، فكان أول من قابلها هم من الرجال فقط، وقد كانت مطالبهم أن يتم إنشاء رياض أطفال كخطوة أولى، لافتة إلى أنها أسست تلك الروضة على حسابها الخاص حرصاً منها على تعلم الأطفال ولبناء جسور الثقة بينها وبين أهل القرية الذين أصبحوا يتعاونوا معها في إرسال زوجاتهم وبناتهم لحضور جلسات التثقيف.

ولفتت أمل أبو عيسى أن الخطوة التالية التي اتجهت إليها بعد رياض الأطفال هي المطالبة بإيجاد بلدية لتعبيد الطرق، وتمت الاستجابة لمناشداتها بعد مدة طويلة كما تم بناء مدرسة، وبذلك حلت مشاكل العديد من الطلبة الذين يغرقون في وادي غزة خلال فصل الشتاء بفعل الطريق الغير أمن عليهم، والذي يستغرق ما يزيد عن الساعة سيراً على الأقدام للالتحاق بمدارس المحافظات الأخرى.

كما تطرقت لدورها في إنشاء الوحدة الصحية في القرية وسعيها لتطويرها نظراً لاقتصار الدوام فيها على ساعات محددة من النهار مع وجود أدوية علاجية تختص بالمسكنات فقط، كل هذه الخدمات التي قدمتها أمل أبو عيسى كانت في إطار وعيها تجاه حاجة المجتمع والمرأة لهذه الخدمات.

وأشارت إلى أنها تمكنت من تأسيس جمعية الآمال الخيرية في عام 2000، لتستطيع تقديم خدماتها بشكل رسمي، ساعية إلى تحسين العلاقات الاجتماعية بين السكان ورفع مستوى الثقافة، وكذلك دعم المشاريع متناهية الصغر للأسر التي تعيلها النساء، وتحويلهن لمراكز مختصة كي يتلقين الدعم القانوني.

وأوضحت أن الحياة في الريف تفرض على المرأة أن تكون قوية، فتجد غالبية الأسر تعيلها النساء من خلال قيامهن بالأعمال الزراعية وتربية المواشي ورعيها، بهدف تلبية متطلبات الحياة.

وبما أن الجمعية بدائية في عملها فهي تستفيد من خدمات المؤسسات الكبرى، ولا تحصل على تمويل مباشر، الأمر الذي يدفعها دوماً لبذل جهد مضاعف كي تحصل على تمويل يساعدها على تطوير الخدمات التي تقدمها الجمعية، مضيفة أنه بات من الصعب اليوم أن تقفل الجمعية بابها أمام مئات النساء اللواتي يقصدنها لطلب المساعدة بمختلف أنواعها، هذا ما أكدت عليه خلال حديثها.

وتطرقت إلى أن الخدمات المقدمة عملت على رفع الوعي ودعم تعليم الفتيات في القرية، بالإضافة لوضع حد لظاهرة التسرب المدرسي وخفض نسب العنف بشكل ملحوظ، وتحجيم ظاهرة الزواج المبكر إلا أن تلك الأمور لا يمكن توقيف العمل عليها ولو لأشهر وإلا عادت لنقطة الصفر وهذا ما لا تفكر به، خاصة بعد الإنجازات التي حققتها.

ولفتت إلى أن القرية تصبح شبه مدمرة عندما تقوم إسرائيل بالهجوم على قطاع غزة، وأكدت أنه في عام 2014 دمرت الجمعية بالكامل واضطرت لنقلها إلى مدارس الأونروا في المحافظات القريبة، وقالت "لا يمكن تخيل سوء الأوضاع خلال العدوان، فالجرحى في كل مكان ولا يمكن للإسعاف الوصل قبل نصف ساعة على الأقل، بالإضافة لعدم وجود طبيب مناوب في ذلك الوقت.

وأكدت أن الأمر ما زال يحتاج منها المزيد من الجهد للقضاء على النظرة الذكورية التي كادت أن تسلب منها قيادة الجمعية بحجة أن تولي الرجل لهذا لمنصب سيخدم أهل القرية بشكل أفضل، لكنها لم تتنازل عن حقها وبقيت تترأسها كونها الأقدر والأجدر على فهم احتياجات النساء في المنطقة.