اليوم الدولي للمرأة الريفية مناسبة للإشادة بتقدم النساء الريفيات
شغلت المرأة الريفية نسبة 43% من القوة العاملة الزراعية، وهذه النسبة دليل على قدرتها في إنجاز الأعمال الزراعية ودورها في تعزيز التنمية الزراعية والريفية وتحسين الأمن الغذائي والقضاء على الفقر في الأرياف واعتبارها إحدى عجلات الإنتاج
مركز الأخبار ـ .
للاعتراف بما تضطلع به النساء الريفيات بمن فيهن نساء الشعوب الأصلية، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2007 الخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر يوماً دولياً للمرأة الريفية، ويعد هذا اليوم مناسبة للاحتفاء بالإنجاز المحرز في سياق تحقيق المساواة بين الجنسين ودعم المرأة، وفرصة للتمعن بالتقدم الكبير والأعمال المذهلة التي قامت بها بالنساء.
معوقات وعراقيل جمة في طريق المرأة الريفية
المرأة الريفية هي المرأة التي تعمل في الريف وتعتمد على المواد الطبيعية والزراعة وتملك القدرة على إدارة الموارد الطبيعية، فهي تشارك في كافة الأنماط الاقتصادية في المجتمع الريفي مثل الرعي والصيد والزراعة وكذلك الصناعة.
وبما أن سكان الريف مسؤولين عن إنتاج الكثير من المواد الغذائية فبالتالي هم المسؤولين الأساسيين عن الأمن الغذائي، وأنه بضمان وصول المرأة الريفية إلى الموارد الإنتاجية الزراعية يسهم في خفض معدلات الجوع والفقر في جميع أنحاء العالم، مما يجعلها عنصر مهم لنجاح أعمال التنمية المستدامة 2030.
إلا أنها تعاني أكثر من غيرها بسبب الفقر وعدم المساواة في الحصول على الموارد الإنتاجية والخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية، وعلى الرغم من كونها مزارعة منتجة أو صاحبة مشاريع كنظيرها الرجل، إلا أنها تحصل على الأراضي والائتمانيات والمدخلات الزراعية بأقل قدر ممكن، وكذلك الأسواق وسلاسل الأغذية الزراعية ذات القيمة العالية وتواجه قيوداً في الانخراط بالأنشطة الاقتصادية، كما أنها تحصل على أسعار أقل مقابل محاصيلها.
أما على الصعيد العالمي كشفت المؤشرات المتعلقة بنوع الجنس والتنمية أن المرأة الريفية تعاني أكثر من الرجل مما تعيشه من فقر وإقصاء وتأثر بتبعيات آثار الكوارث البيئية وتغير المناخ بشكل غير متناسب.
وزاد تفاقم هذه المعاناة في ظل الأوبئة في المناطق الريفية، حيث تواجه المرأة الريفية صاحبة الدور المهم في الزراعة احتمال كبير في عدم حصولها على خدمات صحية أو أدوية أو حتى لقاحات، ويمكن للأعراف الاجتماعية المقيدة والعادات النمطية الجنسانية أن تحد من قدرة المرأة الريفية على الوصول إلى الخدمات الصحية.
كما تعاني كثير من النساء الريفيات من العزلة وغياب التقنيات الضرورية لتحسين أعمالهن، وأدى فيروس كورونا إلى حرمان المرأة من حقوقها في الأرض والموارد في معظم البلدان، حيث تتعرض النساء الأرامل المصابات بالوباء لخطر الحرمان من الميراث، وكذلك يتعرض أمن حيازة المرأة للأراضي للتهديد مع عودة المهاجرين العاطلين عن العمل إلى الريف وبالتالي يزداد الضغط على الأراضي والموارد، كل ذلك يؤدي إلى تفاقم الفجوة بين الجنسين.
ونظراً لكل ما سبق تم اختيار موضوع اليوم الدولي للمرأة الريفية للعام الماضي ليكون "بناء قدرة المرأة الريفية على الصمود في أعقاب جائحة كورونا للتعريف بكفاح النساء الريفيات وباحتياجاتهن وبدورهن المهم والرئيسي في مجتمعاتنا".
الدعم الأممي لحقوق المرأة الريفية
لا يمكن لغبار التمييز بين الجنسين أن يخفي دور المرأة الريفية في ضمان استدامة الأسر والمجتمعات وتحسين سبل المعيشة في الريف، لذلك دعمت هيئة الأمم المتحدة للمرأة قيادة ومشاركة المرأة في صياغة القوانين والسياسات المتعلقة بكافة القضايا التي لها تأثير على حياتهن، فعلى الصعيد العالمي تعمل امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء في الزراعة فهي تقوم بجمع الكتلة الحيوية ومعالجة المواد الغذائية يدوياً.
فقد رأت الهيئة أن تمكين المرأة في العمل اللائق والعمالة المنتجة لا يسهم فقط في النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، بل يحد من الفقر ويعزز الأمن الغذائي كما يخفف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، كل ذلك قدمته منظمة العمل الدولية في إطار متكامل لتمكين المرأة الريفية، ودعمتها بمعايير العمل الدولية والحوار الاجتماعي والاعتراف بأن المرأة الريفية تلعب دوراً رئيسياً في العمل المناخي.
كما يعتبر الاستثمار في الزراعة أداة للقضاء على الفقر بالنسبة لكثير من النساء الريفيات ذوات الدخل المحدود، فهن يعتمدن بشكل كبير على الزراعة لكسب عيشهن وخلق فرص لتعليم أطفالهن وتزويد أسرهن بالغذاء والمال، وفي هذا السياق تم إنشاء مؤسسة الأغا خان لدعم المرأة الريفية شمال باكستان عام 1983، وتصل حالياً تدخلات التنمية الريفية التابعة للمؤسسة أكثر من ثمانية ملايين شخص يعيشون في المناطق النائية التي تعاني غالباً من التهميش وسط وجنوب آسيا وشرق وغرب إفريقيا.
كما تسعى اليونسكو لتعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، ففي عام 2018 احتفلت الأمم المتحدة بمناسبة اليوم الدولي للمرأة تحت شعار "حان الوقت: الناشطات من الريف والحضر يغيرن حياة المرأة"، حيث ركزت على حقوق ونشاط المرأة الريفية نظراً لتمثيلها إمكانات هائلة، ونظمت اليونيسكو في مقرها معرضاً بشأن "النساء الريفيات" بعنوان "على الهواء مع المرأة الريفية"، قام المعرض بتجهيزات متعددة الوسائط وعلى قطع صوتية ورقمية وفنية.
وأطلق المجلس القومي للمرأة في مصر عام 2018 مبادرة "واعية" لتعزيز قدرات النساء في البلاد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وذلك من خلال تمكينهن عن طريق المعارف والمهارات المتعلقة بمتطلبات القطاع الزراعي والمشروعات الحرفية، وكذلك تعزيز الأنشطة الاقتصادية للنساء الريفيات وتدريبهن وتأهيلهن وتشجيعهن للبدء بمشروعات زراعية مدرة للدخل، بالإضافة لتبني القيادات النسائية المتميزة على المستوى المحلي.
دور المرأة الريفية في التنمية
تعمل المرأة الريفية بصمت دون حماية من قبل القوانين والتشريعات ودون ضمانات اجتماعية، وتعد أحد عناصر نجاح أعمال التنمية المستدامة 2030، فضمان وصول المرأة الريفية إلى الموارد الإنتاجية الزراعية يسهم في خفض الجوع والفقر، كما أن دورها لا يتوقف كونها أم بل يتعداه للتفوق على الرجل في مهامه الإنتاجية، فهي تشكل أكثر من ربع مجموع سكان العالم و43% من القوى العاملة الزراعية.
وفي عام 2019 جاء اليوم الدولي للمرأة الريفية تحت شعار "دور المرأة والفتاة الريفية في بناء المرونة والصمود لمواجهة تغير المناخ"، وهدف لإبراز الدور الهام للنساء الريفيات في الحاجة الملحة للعالم في التصدي لتغير المناخ والكوارث البيئية.
وبحسب التقسيم النوعي للعمل بين الجنسين في الزراعة يشار إلى مساهمة المرأة الواضحة في جميع مراحلها، لكن يبرز دورها في العمليات اليدوية مثل الغربلة والتفريد والترقيع وتحضين النباتات وجمع بقايا المحصول وغيرها من العمليات، وقد تبلغ نسبة مساهمة المرأة في هذه العمليات أكثر من 70%.