الطريق إلى حرية النساء يبدأ بتواجدهن ضمن الكومين
استطاعت المرأة في مدينة منبج بشمال وشرق سوريا من خلال الكومين، استعادة دورها وتنظيم مجتمعها وتمثيل قراراتهم وآراءهم، وتجد الحلول المناسبة لقضايا النساء ومشاكلهن.
سيبيلييا الإبراهيم
منبج ـ قام مكتب تجمع نساء زنوبيا في شمال وشرق سوريا، منذُ قرابة شهر بافتتاح دار للمرأة في المخيم الشرقي الجديد في مدينة منبج بشمال وشرق سوريا، وتفعيل دور النساء في الكومين، بهدف حل القضايا والمشاكل ضمن المخيم ومساندة النساء في ظل الظروف الصعبة التي تعشنها وتفعيل دورهن داخل المخيم.
يعد الكومين جوهر الأمة الديمقراطية، وتشكل المرأة عنصراً هاماً وفعالاً فيه وبوجودها تزدهر الأعمال، وينمو دور الكومينات في المجتمع بنمو دورها فيه، فالمرأة في ظل الإدارة الذاتية كان لها الدور الأبرز في جميع المؤسسات الديمقراطية.
والعمل ضمن الكومين تطوعي تسعى المرأة من خلاله إلى خدمة مجتمعها وأبناء شعبها، وتنظيم الحياة الاجتماعية ليكون المجتمع قادراً على إدارة نفسه عن طريق لجان مختصة في كافة المجالات، وله الصلاحيات المطلقة لأخذ القرارات التي تهم مصالح الحي أو القرية، وقد تمكنت النساء من تنظيم أنفسهن في الكومينات وإثبات قدرتهن على اتخاذ القرارات وكذلك الحصول على عدد كبير من حقوقهن، كما هو أحد الأماكن التي تتحقق فيه المساواة بين الجنسين.
تقول الإدارية في دار المرأة في المخيم الشرقي الجديد سوسن مسلم أنهم قاموا مؤخراً بافتتاح فرع لدار المرأة في المخيم الشرقي الجديد الذي يضم حوالي 700 عائلة وتقمن بزيارة النساء لتوعيتهن "خلال زيارتنا للمخيم لم نجد أي نساء ضمن تشكيلة الكومين في المخيم، فقمنا بتفعيل دور النساء في الكومين".
وأوضحت أنه "قبل افتتاح دار المرأة في المخيم، كانت النساء تخشين أن تنخرطن في مختلف المجالات، لذا خلال لقاءنا بهن أثناء زياراتنا لهن، تم توعيتهن وتعريفهن بدورهن وحقوقهن ومدى أهمية مشاركتهن في إدارة الكومين في المخيم".
وأشارت إلى أنه "لقد رأينا أن هناك حاجة ماسة لأن تأخذ النساء أدوارهن داخل الكومينات، وبتفعيل دورهن بدأنا برحلة إثبات دور المرأة وحصولها على حقوقها المسلوبة وفتح المجال أمام النساء للتعبير عن آرائهن والمطالبة بحقوقهن، فوجود المرأة داخل الكومين يعطي القوة لكافة النساء في المخيم".
ولفتت إلى أن الكومين يعتبر العمود الفقري للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا فهي شكل مصغر عن الإدارة الذاتية "ستثبت النساء وجودهن داخل المخيم بانضمامهن إلى الكومين وستساهمن في تنظيم الحي، كما ستشاركن في إدارة دار المرأة في المخيم".
ووجهت سوسن مسلم في ختام حديثها رسالة لكافة النساء القاطنات في المخيم، تدعو فيها أن تأخذن دورهن وتناضلن للوصول لحقوقهن المسلوبة وإثبات قدرتهن في إدارة المجتمع لتحقيق المساواة.
يساهم الكومين في حل القضايا المجتمعية
تقول عريفة أحمد النازحة من مدينة مسكنة الواقعة جنوب منبج منذُ ستة سنوات إثر المعارك التي دارت في المنطقة، وهي إحدى النساء اللواتي تطوعن للعمل في الكومين "تهدمت منازلنا من الحرب والطائرات فنزحنا إلى منبج، قبل تطبيق فكرة الكومين في المخيم لم يكن هناك تنظيم فإذا حدثت أي مشكلة في الحي الذي نقطن فيه كنا نتجه لإدارة المخيم إذا لم تحل تتحول لدار المرأة أو مجلس العدالة، لكن بعد تشكيل الكومين في المخيم وتفعيل دور المرأة فيه تلجأ النساء مباشرة إلى الكومين لطرح مشاكلهن حيث بات الوضع منظم أكثر مما سبق".
وأشارت إلى أن انضمام النساء إلى إدارة الكومين في المخيم، أتاح للنساء إمكانية طرح مشاكلهن بشكل أفضل "إن المرأة تفهم أكثر وتشعر بها، وتستطيع أن تحل القضايا العالقة، كما أن المرأة باستطاعتها تنظيم الحي الذي تقيم فيه، فالكومين سيساهم كثيراً في عملية تنظيم المجتمع داخل المخيم".
وعن أهمية تفعيل دور الكومين بالشكل المطلوب في المخيم تقول إنها "خطوة رائعة وخاصةً دور النساء في المخيم، فالكومين شخص من الحي نفسه ويستطيع أن يصل بسهولة وسلاسة لكافة المشاكل ويحلها كونه فرد من الحي الذي يكون الكومين فيه، الشخص نفسه يكون صلة وصل بين الإدارة والشعب الذي يدير نفسه بنفسه"، مشيرةً إلى أن "النساء في الكومين تواجهن بعض المصاعب كونه فكرة جديدة عليهن، فهن لم تكن تدركن دورهن أو تنظمن الأحياء في السابق، بالإصرار والاستمرار ستتغير ذهنية المجتمع حيال المرأة".
تفعيل دور النساء في الكومين يساهم في توعيتهن
من جانبها تقول مريم العلي وهي أم لثلاثة بنات "لقد كنا بحاجة ماسة إلى إشراك المرأة في إدارة الكومين، فهي ستساهم في توعية النساء وتنظيمهن وحل قضاياهن بفكر المرأة".
وعن تجربتها في المشاركة بإدارة الكومين في المخيم توضح "في أغلب الأحيان إذا ما كنا خارج الخيم أو داخلها تقصدنا النساء وتطرحن مشاكلهن ومطالبهن حتى أن الرجال يقصدونا، فمن خلال الكومين سنصل لكافة أهالي المخيم، فمن خلال تطوعي للعمل في الكومين قمت بحل العديد من المشاكل بين أهالي الحي الذي أقيم فيه".
وعن فكرة تطوعها للعمل في كومين الحي الذي تقطن فيه، تقول مريم العلي "تشجعت للتطوع في الكومين لعله يكون طريق لإثبات وجودي كامرأة بكياني وجوهري، وكسب الثقة بالذات والإرادة فسابقاً كان دائماً هناك حاجز خوف بيني وبين المجتمع ولم أكن أستطيع أو أجرأ على مناقشة الرجال في الحي لكني الآن أقوم بحل المشاكل واستمع للجميع وأناقش الأهالي، لقد ازدادت ثقتي بنفسي كامرأة وباتت إرادتي أقوى وأصبحت أمنح القوة للنساء من حولي، وهذا ما كنت أصبو إليه".
وأما وليدة العلي ذات الـ 47 عاماً النازحة من دير حافر فعن عملها في الكومين تقول "جاءت فكرة انضمامي لكومين الحي الذي أقيم به من منطلق تقديم خدمة للأهالي من الناحية الخدمية والثقافية والصحية، وتأمين احتياجاتهم، بالإضافة إلى توعية وتطوير المجتمع، وحل القضايا العالقة".
وأوضحت أنه سابقاً كان هناك كومينات ضمن المخيم لكن لم تلعب المرأة دورها فيه، إلا أنه منذ حوالي شهر تم تفعيل دور النساء داخل المخيم "فكرة أن تأخذ النساء دورهن داخل المخيم مهمة للغاية".
وبدورها تساءلت ندوة محمد حول ماهية الاختلاف بين المرأة والرجل ودورها في المجتمع؟ لتقول "ليس هناك أي اختلاف بين الجنسين فكلاهما يمتلكان العقل ليفكروا ويديروا المجتمع، فمن خلال عملنا ضمن الكومين نطمح لإرساء المساواة ضمن المجتمع، ونعلم أن هناك العديد من المصاعب ستعترض طريقنا لكن هذا لن يكسر من عزيمتنا أو إرادتنا، سنستمر لغاية تحقيق المساواة والعدل والتنظيم ضمن المخيم".
وشددت على ضرورة إقدام النساء على السير نحو الحرية فالمرء هو من يشجع نفسه وهو من يستمد القوة من كيانه وبذلك لن تكسر عزيمته "يجب ألا تنتظر النساء يد العون من أحد، يجب أن تثبتن وجودهن وكيانهن بإصرارهن وإرادتهن، ونحن كنساء سنستمر بالنضال والمقاومة".