التمييز والفقر يفاقمان ظاهرة زواج القاصرات في إيران

التمييز بين الجنسين والفقر في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة أبرز الأسباب الكامنة وراء ارتفاع نسب زواج القاصرات في إيران وشرق كردستان، كما أوضحت إحدى المختصات في القضايا الاجتماعية.

جوان كرمي

كرماشان ـ تعود قضية زواج القاصرات في إيران وشرق كردستان من وقت لآخر إلى الواجهة، إثر ارتفاع نسبها خاصةً في الأرياف.

وفقاً لتقارير مركز الإحصاء الإيراني، فقد تم تسجيل زواج أكثر عن 20 ألف فتاة دون سن الخامسة عشرة خلال الستة أشهر الأولى من عام 2022، وأصبحت 1058 منهن أمهات، في الوقت الذي يتوقع فيه أن يكون العدد الفعلي أكبر بكثير.

تظهر الاستطلاعات السنوية لمنظمة التسجيل المدني الإيرانية أنه في العقد الماضي، أنجبت أكثر من 15 ألف فتاة دون سن الخامسة عشرة في إيران، وتزوجت أكثر من مليون فتاة دون سن الـ 18 عاماً.

للتعرف على التداعيات والتأثيرات السلبية الناجمة عن زواج القاصرات في إيران، كان لوكالتنا حوار مع المختصة بالقضايا الاجتماعية (س. م).

 

ما الآثار والمخاطر الاجتماعية الناجمة عن زواج القاصرات على الفتيات وكذلك المجتمع والطفل؟

هناك العديد من المخاطر التي تحدق بالفتيات اللواتي يتم تزويجهن قبل بلوغهن الثامنة عشرة عاماً، كالحرمان من الطفولة والتسرب المدرسي والعمل المنزلي القسري، والحمل والولادة في سن مبكرة، وعدم الحصول على وظائف، بالإضافة إلى تأنيث الفقر، كما أن هؤلاء الفتيات القاصرات تفتقرن إلى الخبرة الكافية لتربية الأطفال، وهو ما سيؤدي إلى خلق مشكلة اجتماعية خطيرة وتشكل خطراً على مستقبل الأطفال.

فالفتيات القاصرات اللواتي تعتبرن طفلات، لا تستطعن تربية أطفالهن من الناحية الجسدية والقدرة والعقلية والنفسية، لصغر سنهن وقلة خبراتهن الحياتية فهن لسن متهيئات جسدياً وعقلياً ونفسياً، لذا فأن الأطفال المولودين لأم لا تزال هي تعتبر طفلة يعانون من ضعف في التعليم، كما أنها تتعرض لضغوطات من قبل عائلة الزوج لافتقارها لمهارات الأمومة، وبالتالي فإن هؤلاء الأطفال عندما يكبرون سيفتقرون للمهارات الاجتماعية وهو ما سيؤثر سلباً على المجتمع.

 

فيما يتعلق بالحقوق الإنجابية والجنسية كيف تقيمون مستوى التعليم في إيران وشرق كردستان؟

نظراً لشيخوخة السكان وتعرض الهرم السكاني للخطر في إيران، يتم تنفيذ سياسات تتعلق بالتثقيف الجنسي والخصوبة على نطاق واسع من خلال الندوات والمراكز الصحية، لكنها كانت ولا تزال تتماشى مع أفكار السلطات الحاكمة التي تسعى لزيادة عدد السكان، أنا شخصياً انخرطت في أنشطة اجتماعية في ضواحي مدينة سنه بشرق كردستان منذ عدة سنوات وشاهدت عن كثب نشاط المنظمات والمؤسسات لزيادة خصوبة المرأة بأي ثمن. علاوة على ذلك العديد من النساء تعانين من وضع اقتصادي متدهور، والمسؤولين عن التعليم لم يفكروا في هذا الوضع وشددوا على الحمل غير المشروط.

 

هل يعتبر إساءة معاملة الأطفال والزواج المبكر على أنه شكل من أشكال العنف؟

نعم، زواج الأطفال هو بالتأكيد عنف، فالفتيات تجبرن على الإنجاب قسراً، والتسرب من المدرسة أي الحرمان من حقهن في التعليم، كما أنهن تتعرضن للعنف المنزلي، أي أنه يساء معلمتهن بشكل كبير. لكن واحدة من أكثر هذه الانتهاكات التي لا يمكن إصلاحها هي تجربة الحمل والولادة في مرحلة الطفولة، فمع ولادة الطفل، لن يكون هناك سبيل للتعويض والعودة، وبذلك يتم انتهاك حقوق الطفل، واتخاذ قرارات تتعلق بحياتهن عوضاً عنهن.

 

ما الأسباب الكامنة وراء ارتفاع عدد حالات زواج القاصرات في إيران؟

أعتبر التمييز بين الجنسين والفقر من أكبر الأسباب لزيادة عدد حالات زواج القاصرات، فالعديد من العائلات التي تضم عدد كبير من الأفراد تعتبر أن الفتيات عبء عليهم خاصة اللذين يعانون من وضع اقتصادي متدهور في الأرياف، وفي الآونة الأخيرة بسبب زيادة التضخم وانخفاض الرعاية الاجتماعية للمجتمع، ازداد عدد زواج القاصرات في المدن، فبالنظر إلى معدل التضخم المرتفع وانخفاض القوة الشرائية، وانخفاض الدخل، تسعى الأسر لتخفيف تكلفة المعيشة من خلال تزويج فتياتها في سن مبكرة.