'التعليم أحد الحلول الجذرية للأزمات التي تواجه الفتيات والنساء'

للجمعيات المدنية دور مهم في التعامل مع تعقيدات المجتمعات لما لها من أثر واضح في التغيير وثقة الأهالي بها تاريخية، لذلك تشكل أحد مفاتيح القرى النائية خاصة تلك الموجودة بالأقاليم المصرية.

أسماء فتحي

 القاهرة ـ معاناة الفتيات والنساء تمتد لتشمل جميع المدن خاصة تلك التي تبعد عن المركز ولا تصلها الخدمات بشكل مباشر وفي حاجة لوساطة لتمكينهن من المعرفة ونيل الحقوق ورد الانتهاكات، وهو الأمر الذي جعل للمجتمع المدني دور كبير ومؤثر وعلى وجه الخصوص الجمعيات المدنية.

تعمل الجمعيات على تمكين النساء في مختلف مناحي الحياة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية وأيضاً لها دور في محاربة الممارسات التي تنال من حقوقهن منها ختان الإناث وتزويج القاصرات والعنف بمختلف أشكاله، حيث كان لوكالتنا حوار مع فريدة عمر، مديرة إدارة التعليم والتعلم مدى الحياة في جمعية المرأة والمجتمع، التي أطلعتنا على أهم برامج عمل الجمعية، التي أوضحت أهم الأدوات التي تدعم النساء ودورها في إعادة الفتيات المتسربات من التعليم مرة أخرى للمسار لكون ذلك هام ومؤثر في التعاطي مع الأزمات التي تنال من الحقوق الإنسانية لهن، وكذلك الدور التوعوي والمعرفي المرتبط بآليات الإبلاغ والتقاضي، فضلاً عن مبادراتهم المستهدفة لضمان الاستدامة والاستمرارية.

 

ما هي أبرز برامج عمل جمعية المرأة والمجتمع؟

نعمل منذ نحو الـ 30 عام على تمكين النساء من خلال برامج مختلفة لتعزيز ورفع الوعي بالحقوق الصحية والاجتماعية وأيضاً التمكين الاقتصادي.

وفي ملف التمكين الاقتصادي لنا الكثير من الإسهامات في المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، كما أن لدينا برامج مخصصة للتعليم الأساسي كونه أحد أهم الأدوات التي تساعد النساء على النهوض بمستقبلهن والاعتماد على ذواتهن.

كما نعمل مع الفئة الأكثر فقراً من خلال مشروعات التمكين الاقتصادي وندعمهن في إنشاء مشروعاتهن، ولدينا أيضاً برنامج تمكين واستدامة، منها ما هو اقتصادي للمرأة مع أطفالها في مراحل التعليم الأساسي، ونقوم بعمل تدخلات صحية واقتصادية، كما أننا قمنا بإشراك الأبناء بأنشطة لنساعدهم على الخروج من الأزمات التي يعانون منها محاولين التقليل من تأثير واقع الأسرة الاقتصادي عليهم.

 

ماذا تفعل الجمعية لضمان الاستمرارية كون العديد من المؤسسات تعمل على مسألة التمكين ولكنها قصيرة الأمد؟

لدينا مبادرة نعمل عليها منذ عام 2015 تحمل اسم "تمكين واستدامة" لكوننا حريصين على استدامة المشاريع التمكينية التي نقوم بها للنساء والأمر لا يتوقف عند إعطاءها منحة مالية وتركها، بل نعمل وفق منهجية وسياسة واضحة في ذلك لضمان المواصلة وعدم التوقف في مرحلة ما.

ولدينا عدد من الشركاء الآخرين نعمل معهم على متابعة النساء والتأكد من قدرتهن على الاستمرارية وتذليل ما يصادفهن من تحديات، وعلى تواصل مستمر معهن حتى تتمكنن من تحقيق النجاح.

وفي مرحلة التفكير الأولي عند اختيار المشاريع عادة ما نبحث عن مشاريع تستطعن تطويرها مع الوقت وأنهن ستتمكن من إحداث النمو فيها، كما نساعدهن في مختلف التفاصيل وجزء منها التسويق والترويج لعملهن.

 

ما هو دور التمكين الاقتصادي والاجتماعي في مواجهة ما تتعرض له المرأة من عنف وانتهاكات؟

بالتأكيد لرفع الوعي والتمكين الاجتماعي والاقتصادي دور جوهري في التعامل مع جميع أشكال الانتهاكات التي تمارس على النساء وفي مقدمتها العنف بمختلف صوره.

فحينما تدرك المرأة حقوقها وواجباتها وسبل الوصول لها يساعدها الأمر في التخلص من ذلك، خاصة إن تم تمكينها من آليات الإبلاغ والوصول للعدالة حال تعرضها لأزمة.

والجمعية حريصة على ذلك، حيث نجد أن التمكين المعرفي والاقتصادي أدوات فعالة في التعامل مع الأزمات التي تواجه النساء ونشركهن في الأمر بشكل مستمر وهو ما يخلق نتائج مباشرة وفعالة معهن.

 

ما الأسباب التي أدت لتسرب الفتيات من التعليم؟

جمعية المرأة والمجتمع من أوائل الجمعيات التي أنشأت فصول لإعادة الفتيات المتسربات من التعليم مرة أخرى لمساعدتهن على الخروج من عنق الضغوط الاجتماعية وكذلك الاقتصادية.

وأسباب التسرب عديدة ومتنوعة منها انعدام وجود مدارس في قرى كاملة الأمر الذي يجعل الطفلات تقطعن عدة كيلومترات للوصول لأقرب مدرسة لهن وهو أمر لا يستمر كثيراً لأن الأسر سرعان ما تنعي الأمر بمنعهن من التعلم خوفاً عليهن من مخاطر الطرق وما قد تتعرضن له أثناء سيرهن في المسارات الغير آمنة لهن.

كما أن هناك بعد اقتصادي يتمثل في عدم قدرة بعض الأسر على الإنفاق من أجل استمرار فتياتها في التعلم نتيجة الضغوط الاقتصادية، بالإضافة إلى توجه البعض نحو تشغيل الطفلات في الزراعة أو أياً من المهن التي تعمل فيها العائلة.

ونحن أول جمعية أسست مدارس المجتمع في مدينة الجيزة ووصل عددها لنحو 164 مدرسة، لتأكدنا من دورها في الحد من التسرب من التعليم حيث تلتحق بها الطفلة من سن 8 أعوام وتستمر في تعليمها الأساسي.

 

كيف تعمل الجمعية على ملفات تزويج القاصرات وختان الإناث والعنف بشكل عام؟ وهل هناك برامج مستمرة للجمعية؟

العمل من أجل تغيير الثقافة والوعي القائم بين الأشخاص والمتوارث أمر شائك وبالفعل يحتاج لوقت وجهد كبيرين، لكننا لا نكل من العمل على ذلك من أجل واقع أفضل للفتيات والنساء.

وبالنسبة لملف العنف فقد قمنا بوضع خريطة لأكثر الأماكن التي تتعرض فيها الفتيات للعنف منها منطقة أرض اللواء على سبيل المثال وسألنا من خلال استبيانات ومجموعات نقاشية بين الأهالي عما يحدث من انتهاكات وعنف، وقمنا بتدخلات بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة ومراكز الشرطة، وقمنا بتوعية الفئة الأكثر عرضة للعنف وتوعية السائقين بأثر التعدي على الفتيات والنساء حتى نجعل من تلك المنطقة مساحة آمنة وكان هناك تأثير فعلي على أرض الواقع.

نعتمد في منهجية عملنا على الشراكات المتعددة منها العمل مع القطاع الحكومي والخاص والإعلام والخبراء والأكاديميين/ات لما لهم من دور بالبحث في مختلف القضايا التي نعمل عليها والحلول الممكنة.

لا نعمل بمنهجة نسوية ولكن الأفكار الحقوقية جزء أساسي من عملنا في مختلف القضايا والحقوق أشمل وأعم كونها تولي اهتماماً بمختلف فئات المجتمع ومنهن النساء.

لدينا عدد من البرامج والأنشطة خلال الفترة المقبلة ومستمرين بالعمل في مختلف البرامج سواء كانت هادفة للتمكين الاقتصادي أو الاجتماعي وأيضاً البعد التوعوي الذي يستهدف خلق بيئة آمنة خالية من العنف وينال فيها الأفراد حقوقهن.