الزواج المبكر والتسرب المدرسي... ترويج للأيديولوجيات الرجعية في إيران

تقام الدروس الدينية الصيفية في إيران وشرق كردستان بهدف جذب الأطفال وتعزيز الأفكار الدينية، لكن هذه الفصول وخاصة للفتيات الصغيرات لها آثار سلبية كثيرة، منها الزواج المبكر والتسرب من المدرسة.

نسيم محمد خاه

بانه ـ الدروس الدينية الصيفية التي تقام في إيران وشرق كردستان لجذب الأطفال لها آثار سلبية كثيرة على نموهم الفكري والاجتماعي، وغالباً ما يتم تنظيم هذه الفصول من قبل مجموعات دينية بهدف الترويج للأيديولوجيات الرجعية.

تقام تجمعات مناهضة للمرأة ومعادية للديمقراطية، وعلى الرغم من تراجع قوة وشرعية هذه الجماعات، إلا أنها لا تزال قادرة على تربية أشخاص ذوي مواقف متطرفة لها تأثير مدمر على الأطفال، وخاصة الصغيرات، وفيما يتعلق بإقامة الدروس الدينية في شرق وكردستان وإيران، وعواقبها المحتملة كان لوكالتنا حوار مع فرشته وهو اسم مستعار لناشطة مدنية من بانه.

 

ما الأهداف الرئيسية للدروس الدينية الصيفية في إيران وشرق كردستان؟

الدروس الدينية التي تشمل دروس القرآن وغيرها من البرامج المماثلة، تقام عادة في فصلي الربيع والصيف، وخاصة بعد إغلاق المدارس. وغالباً ما تستهدف هذه الفئات الطبقة الوسطى والفقيرة فحقيقة أن هذه الفصول مجانية تشجع الآباء على ملء وقت فراغ أطفالهم من خلال المشاركة فيها.

ولكن في هذه الفصول يتم حقن الأفكار الدينية في نفوس الأطفال عمداً، مما قد يكون له آثار خطيرة جداً عليهم، خاصةً على الشابات.

 

كيف تشجع الدروس الدينية الصيفية الأطفال على الزواج المبكر؟

تشجع بعض هذه الفصول الأطفال على الزواج المبكر، وتتسبب هذه المشكلة في انقطاعهم عن تعليمهم والحد من فرصهم في النمو الشخصي والحياة المهنية، فالخطر الأكبر الذي يواجه الأطفال والفئة الشابة هو زيادة زواج القُصر، وجميع حالات هذا الزواج تقريباً مرتبطة بالفتيات، لذا فإن هذه الفصول تعمد إلى إدخال الشباب/ات الذين هم في الفترة الأكثر حساسية من حياتهم إلى مسار ليسوا مستعدين له، وسوف تؤثر هذه القضية على حياتهم بأكملها.

 

كيف يمنع الاشتراك في الدروس الدينية الصيفية الفتيات من مواصلة دراستهن؟

في هذه الفصول يتم استخدام عدة أساليب لمنع الأطفال من الدراسة، وخاصة الفتيات، ويمكن أن يكون أولاً، معارضة معظم الجماعات الدينية المتطرفة تعليم الفتيات، وخاصة التعليم ما بعد الثانوي والذهاب إلى الجامعة، ثانياً، في الحالات التي يحدث فيها زواج القاصرات، يصبح التعليم المستمر مستحيلاً عملياً، ولذلك، سواء أدت هذه الفصول إلى زواج القاصرين/ات أو عارضت بشكل مباشر مواصلة التعليم، فإن النتيجة النهائية هي تسرب الشابات من المدرسة.

وأنا شخصياً أعرف عشرات الحالات، بعد مشاركتهن في دروس القرآن وما شابهها، تأثرن بالأفكار الدينية وارتدين الشادور والنقاب، وقد وافقت هؤلاء الفتيات على الزواج المبكر تحت تأثير إعلانات الشخص الذي نظم هذه الفصول، وفي العديد من هذه الحالات تم الطلاق.

 

كيف تعمل الدروس الدينية الصيفية على تعزيز الأفكار والمعتقدات المناهضة للمرأة؟

في الفصول الدينية، يتم غرس فكرة أن قضايا مثل الحجاب الإلزامي، وتعدد الزوجات، ولعب دور ربات البيوت وتربية الأطفال، وطاعة الرجال والحكومة وهي جزء من التعاليم الدينية، ولهذا السبب فإن الخطاب الديني يحرم المرأة من حرية الاختيار والحياة المستقلة.

 

كيف تعمل تلك الفصول على تعريف الأطفال بالأيديولوجيات غير الديمقراطية والرجعية وتقودهم في هذا الاتجاه؟

في هذه الفصول يكون الأطفال أكثر عرضة للتطرف الديني، وبدون إشراف مناسب يتم غرس هذه الأفكار في أذهانهم، وهذا قد يخلق لهم عالماً مخيفاً، مما قد يؤدي إلى توترات داخل الأسرة، وخلال فترة المراهقة يتصرفون بطرق متطرفة، حتى في التعامل مع الأسرة والأشخاص المحيطين بهم وفي بعض الأحيان يهددون بالقتل، وما إلى ذلك، وهذه الأمور تحدث بسبب التربية تحت إشراف المتطرفين. 

 

ما هي المنظمات والجماعات التي تحاول جذب الأطفال من خلال الدروس الدينية؟

لكل من المنظمات الحكومية وغير الحكومية دور في هذا المجال، ومن المنظمات الحكومية التي تنشط في هذا المجال، منظمة الدعاية الإسلامية إحدى المؤسسات التابعة للباسيج والحرس الثوري الإيراني، والتي تنظم هذه الفصول وتسعى إلى استقطاب هؤلاء الأطفال اليها ومن ناحية أخرى، فإن المنظمات غير الحكومية أيضاً تلعب دوراً كبيراً خاصةً في المناطق التي يكون فيها دين غالبية المجتمع هو الإسلام السني.

وتشارك في عقد هذه الدروس جماعات سلفية وإخوانية وحتى جماعات دينية أخرى، فعلى سبيل المثال، كان أحد أصدقائي يحضر إحدى الدروس التي تقيمها جماعة الإخوان، وكان احتلال عفرين يتم بالضبط في نفس وقت انعقاد الدورة، وخلال المناقشات دافع المدرب الذي ألقى الدرس عن أردوغان واحتلال مدينة عفرين الكردية، وهذا مثال واضح على أهداف هذه الجماعات التي يروج لها محتلو كردستان.

 

برأيكِ ما الحلول المقترحة لمعالجة الآثار السلبية لهذه الظاهرة؟

يمكن اتخاذ تدابير للتعامل مع الآثار السلبية لهذه التجمعات الدينية أولاً، تشجيع الأطفال على المشاركة في دروس الرياضة والعلوم التي توفر فرصاً للأنشطة البناءة والمفيدة، كما أن إعلام وتثقيف أولياء الأمور حول الآثار السلبية لهذه الفصول يمكن أن يساعد في منع الأطفال من المشاركة في هذه البرامج.

بالإضافة إلى ذلك فإن دعم البرامج الثقافية والفنية يعزز ثقة الأطفال بأنفسهم وقدراتهم الإبداعية ويقترح كبديل مناسب للدروس الدينية، وأخيراً، من المهم جداً تنسيق جهود الأسر والمؤسسات الاجتماعية لخلق بيئة صحية ورعائية للأطفال من أجل منع الآثار السلبية لهذه التجمعات وضمان النمو الفكري والاجتماعي للأطفال.