الصرف الصحي المكشوف... خطر يواجه النازحات في إدلب

تواجه النازحات بمخيمات إدلب في الشمال السوري حزمة من الأزمات والتحديات تهدد حياتهن بصورة مباشرة، وتجعلها أكثر سوءاً وتعقيداً على كافّة الأصعدة.

هديل العمر

إدلب ـ مشاكل الصرف الصحي المكشوف في مخيمات النزوح بإدلب تشكل بؤرة للأمراض والروائح الكريهة على مدى سنوات.

تبلغ نسبة المخيمات التي تتوفر فيها خدمات الصرف الصحي 39 % فقط من إجمالي المخيمات في مدينة إدلب بالشمال السوري، في حين أن المخيمات العشوائية بالكامل لا تحوي هذا النوع من الخدمات، حيث أكدت النازحة ليلى العنبي البالغة من العمر 41 عاماً، أن الوضع في المخيم الذي تقيم فيه بشمال إدلب بات "لا يحتمل" وسط انعدام الإجراءات والإصلاح خاصة فيما يتعلق بالصرف الصحي المكشوف الذي يشكل تهديداً كبيراً على حياة ساكني المخيم عموماً والأطفال خصوصاً.

وتخشى سقوط أطفالها في حفر الصرف الصحي المنتشر في كل مكان، لا سيما أن مثل هذه الحوادث تكررت بشكل كبير وقد أودت بحياة العديد من أطفال المخيم، ورغم التحذيرات المتكررة لهم لتجنب اللعب حول مجرى الصرف الصحي، إلا أنهم سقطوا فيه مرات عدة نظراً لامتداده الواسع في المخيم، ولولا تدخل الأهالي وانتشالهم لكان الأمر كارثياً وفق تعبيرها.

وأضافت ليلى العنبي أن الأمر لا يتوقف على خطر سقوط الأطفال وحسب وإنما انبعاثات الروائح الكريهة التي تنتشر في المخيم "كأن حياة الخيام وسقمها لم يكن يكفيا لتأتي مشاكل الصرف الصحي وتزيد معاناتنا وصعوبة تأقلمنا لهذه الحياة الضنكى".

ويرتبط وجود الصرف الصحي المكشوف بزيادة الأمراض الجلدية نتيجة عوامل مختلفة أبرزها انتشار الحشرات والجراثيم والبكتيريا، حيث سجل أكثر من 23% من إجمالي المخيمات تحوي بين سكانها مصابين بأمراض جلدية وخاصة فئة الأطفال، حيث اشتكت النازحة المقيمة في مخيمات قاح روعة الحاج حسين ذات 38 عاماً، من تواجد الصرف الصحي المكشوف القريب من الخيم الذي تقطنه وهو ما تسبب في انتشار الأمراض والذباب والنفايات التي تطفو على وجه الصرف.

وأكدت أن أطفالها أصيبوا بأمراض جلدية مختلفة منها الجرب والليشمانيا، وقد لاقت صعوبة كبيرة في معالجتهم وعلى الرغم من مرور وقت طويل عليها إلا أنها تركت ندوب دائمة على أجسادهم، وخاصة أن العدوى مستمرة مع انعدام الإصلاحات والصيانة لوضع حد للمشكلة.

ومع اقتراب نهاية فصل الشتاء ودخول فصل الصيف، تزداد مخاوف روعة الحاج حسين على صحة أطفالها من الأمراض الخطيرة التي تسببها مجاري الصرف الصحي الممتدة أمام الخيام والتي يعبرها الأطفال بشكل يومي مرات عدة.

وتطالب منظمات المجتمع المدني بالنظر إلى حال المخيمات التي ينتشر بها الصرف الصحي المكشوف والذي راح يفتك بحياة ساكنيه ويسبب لهم الكثير من الأمراض والأوبئة، عدا عن المنظر والرائحة التي تدعو للقلق وللكآبة واليأس.

من جانبها قالت الطبيبة المختصة بالأمراض الجلدية صفاء عثمان إن معظم الحالات التي ترد إلى عيادتها هي لأطفال يقيمون في المخيمات العشوائية بالشمال السوري المحرومة من الدعم وخدمات الصرف الصحي.

وأوضحت أن مشاكل الصرف الصحي تؤدي إلى "انتشار الأوبئة والأمراض كالنار في الهشيم، وعلى رأسها الأمراض الجلديّة مثل القمل والجرب وداء الليشمانيا وأمراض الجهاز الهضمي، حيث تعتبر مجاري الصرف الصحي المكشوفة بيئة مناسبة لتكاثر الحشرات الناقلة للجراثيم والمسببة للآفات والأمراض الجلدية".

وأشارت إلى أن معظم ساكني المخيمات عاجزين عن الوصول لدورات مياه آمنة ونظيفة ومجبرين على استخدام المياه الملوّثة والصرف الصحي الغير آمن، ما يؤدي لانتشار أنواع مختلفة من الأمراض، مؤكدة على خطورة استمرار مشكلة الصرف الصحي المكشوف بالنسبة لآلاف الأشخاص المقيمين في المخيمات التي تعاني من انعدام خدمات المياه وانتشار المستنقعات المكشوفة.