القوات الإسرائيلية "تمنع" أي هدن إنسانية مؤقتة في قطاع غزة
أكدت الباحثة تمارا الحداد أنه في كل يوم تستمر به الحرب في قطاع غزة تزداد أهمية الهدنة بالنسبة للمدنيين الذين قد لا يستطيعون الوصول إلى بيوتهم.
رفيف اسليم
غزة ـ في جميع الحروب والأزمات التي حدثت في العالم كان هناك فترة تهدئة تعطى من خلال جهود الوسطاء والضغط الدولي والمؤسسات الحقوقية والمجتمع المدني التي تُعنى بحقوق الإنسان، ولو لساعات معدودة، مشكلة فرصة لجميع الأطراف كي تعيد تموضعها من جهة ويتم منح المدنيين الفرصة لالتقاط أنفاسهم من جهة أخرى، لكن ذلك لم يحدث في قطاع غزة.
أفادت الكاتبة والباحثة تمارا الحداد أن أهمية الهدنة الإنسانية تكمن في منح العائلات في قطاع غزة فرصة لإعادة ترتيب أمورهم ومحاولة التغلب على حالة الفصل القسرية التي خلقتها القوات الإسرائيلية بين الشمال والجنوب، مكملة أنها تسمح بتفقد حالات آلاف الأطفال الذين بات يقتلهم سوء التغذية، وخلال الأشهر القادمة سيمتون من برد الشتاء وهم داخل الخيام التي لن تقيهم من الرياح والأمطار.
وأضافت أن الهدن المؤقتة تحمل بعداً إنسانياً ولو كانت لفترة بسيطة أي ساعتين، ففي الحروب الكبرى وحسب اتفاقية جنيف تم تحديد أوقات للتهدئة حتى يتم بالدرجة الأولى إدخال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين القاطنين في تلك المدن، لافتةً إلى أن ما يحدث في قطاع غزة فقط هو التمعن في إحداث الدمار عبر إنهاك البنية التحتية بالكامل ومسح المباني والشوارع لتصبح المدينة غير قابلة للسكن.
ورأت تمارا الحداد أن "إسرائيل ترفض أن تعطي تلك الهدن مهما كان المسوغ الذي طلبت من أجله لأنها تراها بمثابة انصياع لأوامر المقاومة وفرصة لإعادة الترتيبات العسكرية والأمنية للفصائل الفلسطينية ولحركة حماس، بالتالي هي لا تأبه لمتطلبات المدنيين وهدفها الأول هو القضاء على الوجود العسكري في القطاع، لذلك سوف يطول هذا الهجوم على الرغم من الضغط الدولي والحقوقي الإنساني"، مضيفةً أنه في كل يوم تستمر به الحرب تزداد أهمية تلك الهدنة بالنسبة للمدنيين الذين قد لا يستطيعون الوصول إلى بيوتهم.
وأردفت تمارا الحداد، أن النساء في هذا الوقت تحديداً تحتجن إلى استراحة من "جنون" الصواريخ والقذائف التي تغرق بها غزة، خاصةً مع ارتفاع نسبة الأرامل وتحملهن عبئ إعالة أسرهن وحدهن في ظل موت المعيل، مشيرةً إلى أن الحوامل أيضاً بحاجة إلى الرعاية الطبية ومئات الأطفال الذين يحتاجون للعلاج والتطعيمات.
ولفتت إلى أن "صوت الزنانة" أصبح يشكل هاجس لدى النساء والأطفال فلا يستطيعون أن ينالون قسطاً من الراحة خلال فترتي الليل والنهار ومع كثافة الغارات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية خاصةً في المناطق المكتظة والمخيمات يزداد الأمر سوءً، عدا عن الطائرات المسيرة التي تجتاح سماء المدينة في الليل لتشكل حالة هلع قد تودي بحياتهن، مضيفةً أنه من لا تموت بالغارات يتوقف قلبها خوفاً كونها لا تستطيع سماع تلك الأصوات لمدة أطول.
وأكدت أنه إذا ما تم إعطاء تلك الهدن بفترات متباعدة سيتم إعادة ترتيب الوضع التعليمي في القطاع لآلاف الأطفال الذين ينقطعون عن الذهاب للمدارس للعام الثاني على التوالي، بالتالي التغلب على سياسة التجهيل التي خلقتها الحرب لأولئك الطلبة، لافتةً إلى أن القوات الإسرائيلية استهدفت غالبية المراكز التعليمية سواءً كانت مدارس أو جامعات.
ونوهت أنه ما قبل الحرب في القطاع كانت تدخل 600 شاحنة يومياً لتلبية احتياجات سكان المدينة، لكن في الوقت الحالي لا يدخل للقطاع في اليوم سوى 10 شاحنات، أو 26 شاحنة على أفضل حال وهذا ما خلق العجز في البضائع الأساسية بالأسواق كالملابس والأحذية والأطعمة وخلافه.
وفي ختام حديثها، قالت إن كل ما تفعله "إسرائيل" منذ بداية الحرب هو خرق للقانون الدولي ويضاف لتلك الخروقات منع إعطاء هدن إنسانية وحالة الإبادة الجماعية التي تمارسها بشكل ممنهج، غير آبهة كون هناك من "يدافع" عنها ويستمر بدعمها بالجانب الإعلامي والدعائي والتسليح.