النزوح المزدوج... قصص ترويها نساء سوريات
في الأزمات والحروب، تطفو على السطح قصص العودة إلى الديار محاطة بالأمل والتحدي، لتسلط الضوء على الصعوبات التي يواجهها السوريون في سعيهم لاستعادة حياتهم الطبيعية في ديارهم.
زينب خليف
دير الزور ـ سمعه حامد ومريم الخالد، امرأتان عادتا من لبنان إلى سوريا بعد سنوات من النزوح، تحملان معهما ذكريات مؤلمة وتجارب صعبة، تعكس قصصهما قوة الإرادة الإنسانية في مواجهة الصعوبات والبحث عن الأمل.
معاناة وآمال في بناء مستقبل أفضل بعد رحلة نزوح محفوفة بالمخاطر على أثر قصف القوات الإسرائيلية للجنوب اللبناني، القصف الذي أثر على حياة السوريين القاطنين هناك، سمعه حامد العلي، البالغة من العمر ستون عاماً إحدى النساء اللواتي عدن إلى سوريا وتحديداً إلى هجين بمقاطعة دير الزور بإقليم شمال وشرق سوريا التي تنعم بالأمان، عبرت عن شعورها بالراحة والاطمئنان بعد وصولها إليها، مشيرةً إلى الأوقات الصعبة التي عاشوها بسبب القصف لقوات الإسرائيلية، وروت كيف اضطروا للركض في الشوارع هرباً من الصواريخ وكيف سيطر الخوف والرعب على حياتهم ومشاعرهم.
وعن رحلة العودة قالت إنها وعائلتها واجهوا صعوبات كبيرة في طريق العودة، حيث استغرقوا وقتاً طويلًا للوصول إلى وجهتهم دون أي مساعدات غذائية أو عينية، وعلى الرغم من كل ذلك، وصلوا إلى منطقتهم بسلام، حيث استقبلتهم عائلاتهم وأصدقاؤهم والجهات المعنية في المنطقة.
ومع ذلك، أشارت سمعه حامد العلي إلى أن الوضع لا يزال صعباً، حيث يحتاج الكثير من الناس إلى المساعدة، "هناك عائلات بحاجة ماسة للطعام والملبس كونهم تركوا كل شيء خلفهم خاصة مع اقتراب فصل الشتاء"، مؤكدةً على أهمية توفير مادة المازوت والخبز، ومشيرةً إلى أن الكثيرين يعانون من نقص حاد في هذه الاحتياجات الأساسية.
كما تطرقت للتحديات التي واجهوها على الحدود السورية اللبنانية، حيث تم احتجازهم لمدة أربع ساعات قبل أن يتمكنوا من العبور إلى سوريا، ورغم كل هذه الصعوبات، كانت مشاعر الفرح والسرور تغمرهم عند وصولهم إلى هجين، مشيدةً بالجهود المبذولة التي قدمتها الإدارة الذاتية.
وفي ختام حديثها أعربت سمعه حامد العلي عن شكرها وامتنانها لكل الجهات التي قدمت الدعم والمساعدة لهم، متمنيةً أن يستمر هذا التعاون والتضامن بين الناس والمؤسسات في ظل هذه الظروف الصعبة.
من جهتها قالت مريم الخالد أيضاً عائدة من لبنان إلى سوريا "عدتُ مع عائلتي بعد غياب دام أربع سنوات، في البداية كانت الأمور تسير على ما يرام، وكنا نعمل ونعيش حياتنا بشكل طبيعي، لكن عندما اندلعت الحرب وبدأ القصف، شعرنا بالخوف والقلق، كان علينا أن نغادر بسرعة، تركنا كل شيء خلفنا وخرجنا فقط بما كنا نرتديه من ملابس".
وأضافت "كانت الرحلة إلى الحدود صعبة للغاية، وكانت تكلفة إرشاد الشخص الواحد مئة دولار خلال الطريق، واستغرقنا ما يقارب ثلاثة أو أربعة أيام حتى تمكنا من عبور الحدود، لم يكن لدينا أي أموال، مما جعل الوضع أكثر تعقيداً، عند وصولنا إلى الحدود السورية، اضطررنا للانتظار لساعتين أو ثلاث ساعات قبل أن يُسمح لنا بدخول الأراضي السورية، كانت الأوضاع على الطريق صعبة للغاية مما تسبب بزحمة كبيرة".
ونوهت إلى أنه "عندما وصلنا إلى دمشق، لم نجد أي فنادق متاحة، وكانت الأسعار مرتفعة للغاية، حتى وسائل النقل العامة أجورها مرتفعة، مما زاد من معاناتنا، أطفالي كانوا يشعرون بالضياع، فقدوا مقاعدهم في وسائل النقل لذلك اضطروا للجلوس على أرضية الباص حتى وصلنا إلى ديارنا".
وأكدت مريم الخالد أنه "أن بيوتنا التي كنا نعيش فيها كانت فارغة تماماً، ولم يكن لدينا أي شيء، ولم نتمكن حتى من توفير مستلزمات الدراسة لأطفالنا، كنا نتمنى لو أننا لم نغادر بلادنا لأن الأوضاع في لبنان كانت صعبة للغاية، وفي هذه الفترة الأخيرة أمضينا أسبوعاً كاملًا نتنقل في الشوارع نشعر بالضياع وعدم اليقين حول ما يجب علينا فعله".
وفي نهاية حديثها قالت "مع مرور الوقت، بات لدينا يقين أن حياتنا ستستقر هنا، طلبنا المساعدة من الجهات المعنية لتوفير احتياجاتنا الأساسية، لقد كان شعور الأمان الذي شعرنا به في وطننا جديداً بالنسبة لنا، الآن نشعر براحة تامة لأننا عدنا إلى المكان الذي ننتمي إليه ولا نفكر في العودة إلى ما تركناه خلفنا، لقد قررنا أن نبقى هنا ونستقر في بيوتنا ونسعى لبناء حياة جديدة رغم كل الصعوبات التي واجهتنا".