"العنصرية" تلاحق السوريين العالقين تحت الأنقاض في تركيا
يشتكي لاجئون سوريون في تركيا من تعرضهم للمضايقات والاعتداءات العنصرية، التي تهدد حياتهم وحياة أطفالهم، وذلك في إطار التضييق الممنهج عليهم لتحقيق مكاسب سياسية وأجندات تخدم مصالح الأحزاب التركية.
هلا الأحمد
إدلب ـ أكدت عدة لاجئات سوريات بعضهن عدنا إلى مناطقهن والبعض الأخر لا يزال في تركيا أنه خلال عمليات البحث عن العالقين وانتشال ضحايا الزلزال كان هناك تفرقة عنصرية كبيرة تجاه السوريين المتضررين من الزلزال، قائلين إن "ألم العنصرية والتفرقة آلم السوريين أكثر من ألم الزلزال".
"هون في أتراك؟" كلمات لا تكاد تفارق ذهن معالم الزين (35عاماً) وهي لاجئة سورية مقيمة في مدينة أنطاكيا بشمال كردستان، عندما تركت فرق الإنقاذ التركية عائلتها وأطفالها لمصيرهم، بعد أن علموا بأن جميع سكان المبنى المنهار هم من اللاجئين السوريين.
قضت عائلة اللاجئة السورية معالم الزين نتيجة ما وصفته بـ "تقاعس السلطات وفرق الإنقاذ التركية عن انتشال أطفالها وزوجها الذين انقطعت أصواتهم في اليوم الثالث من الحادثة المأساوية" ليكونوا ضحية العنصرية المستمرة بحق اللاجئين السوريين الهاربين من ويلات الحرب والدمار.
تقول معالم الزين إن زوجها وطفليها لم يقتلوا في حادثة الزلزال، وإنما توفوا نتيجة العنصرية الواضحة والعلنية التي أظهرتها السلطات التركية وفرق الإنقاذ، بحق السوريين المتأثرين بالزلزال المدمر، والذين تركوا ليلقوا حتفهم تحت أنقاض المباني والبيوت المدمرة.
"سعيد الحظ من كان يقطن في مباني غالبية سكانها من الأتراك" بهذه الكلمات تلخص الشابة الثلاثينية معاناتها ومعاناة آلاف السوريين المنكوبين، في إشارة منها إلى مدى التمييز بين الأتراك والسوريين في عمليات البحث والإنقاذ التي كانت تقوم بها فرق الإنقاذ التركية.
وأضافت أن المتطوعين السوريين هم من ساعدوا في عمليات إنقاذ وانتشال السوريين، ولكن مساحة الدمار وكثافة المباني المنهارة، جعلت الوصول إلى العالقين أمر في غاية الصعوبة، خاصة وأن العمل يتم بشكل فردي وبمعدات حفر بسيطة وبدائية.
وأشارت إلى أن جميع محاولاتها بإقناع السلطات التركية بالعمل والبحث عن عائلتها بائت بالفشل، بحجة "عدم سماعهم لأصوات ناجين تحت ركام المبنى المدمر"، علماً أنها أكدت لهم سماعها لأصوات أطفالها وزوجها، ولكن دون جدوى.
فاطمة عبد الرزاق (28عاماً) وهي إحدى العاملات في المنظمات الإنسانية تقول إنها لاحظت تفرقة عنصرية كبيرة تجاه السوريين المتضررين من الزلزال، خاصة في عمليات البحث عن العالقين وانتشال الضحايا.
وأضافت أن معدات الحفر والبحث الثقيلة كانت تتوجه إلى مباني دون مباني أخرى، ليتبين لاحقاً أن المباني التي لم تصل إليها الفرق هي أبنية غالبية سكانها من السوريين، وهو ما جعل أعداد الوفيات من السوريين مرتفعاً.
"يا لهم من عديمي الإنسانية، كيف تخول لهم أنفسهم التلاعب بأرواح الناس" تقول فاطمة عبد الرزاق في إشارة منها إلى تباطؤ عمليات إنقاذ اللاجئين السوريين الذين تطوعوا إلى جانب الفرق التركية لإنقاذ العالقين وتقديم يد العون لهم.
وأشارت إلى ضرورة فتح تحقيق مع المسؤولين عن عمليات البحث والإجلاء في المناطق المنكوبة، لافتةً إلى أن ألم العنصرية والتفرقة آلم السوريين أكثر من ألم الزلزال، معتبرةً أن العنصرية كارثة إنسانية تفوق كارثة الزلزال نفسه.
من جهتها ترى نجاح قطيع (44عاماً) اسم مستعار لحقوقية وناشطة نسوية مقيمة في مدينة غازي عينتاب التركية، أن ما حصل تجاه السوريين في الكارثة المأساوية هو أمر معيب، خاصة وأن إنقاذ الأرواح هو عمل إنساني بعيد عن الجنس واللون والهوية.
وأضافت أن اللاجئين السوريين وقفوا جنباً إلى جنب مع فرق الطوارئ التركية في عمليات الإنقاذ والانتشال، بالإضافة لعمليات الإجلاء وتوزيع المساعدات للسوريين والأتراك على حد سواء، في حين واجه اللاجئين السوريين الكثير من العنصرية التي زادت من معاناتهم الناتجة عن الزلزال، وذلك من خلال تقاعس فرق الإنقاذ، ومنع السوريين من الوصول إلى أماكن آمنة نسبياً بذرائع مختلفة.
وأوضحت أن التضييقات شملت منع اللاجئين السوريين من التوجه إلى مدن ومناطق آمنة، بحجة عدم حيازتهم على تراخيص وأذونات سفر، تمكنهم من الخروج من المناطق المنكوبة باتجاه أماكن أكثر أمناً.
وأشارت إلى أن حقوق السوريين في تركيا غائبة ومنسية، ولا قانون يحميهم من العنصرية وتبعاتها عليهم، في الوقت الذي يحتاجون فيه العون والمساعدة في أحلك الظروف التي يعيشونها من تشرد ونزوح وألم وفقد.