العنف وباء عالمي... لابد من سن قوانين تحمي النساء دولياً
رغم الجهود المبذولة في مجال مناهضة العنف ضد النساء المغربيات، إلا أن الظاهرة في ارتفاع، وذلك لتأخر تفعيل القوانين وفرض سياسات حمائية للنساء.
حنان حارت
المغرب ـ شددت الناشطة النسائية جميلة كرمومة على عدم التسامح مع مرتكبي العنف ضد النساء، داعية إلى تسريع وتيرة الإصلاحات التشريعية في المغرب لإدماج مقاربة النوع في جميع السياسات العمومية لضمان بيئة آمنة وعادلة للنساء، مشددة على أن العنف ضد النساء هو ظاهرة عالمية لا تختص ببلد معين، لهذا يجب استحضار كل نساء العالم، والعمل على إخراج قانون تحميهن دولياً.
على مستوى المغرب، تظهر التقارير التي أصدرتها مختلف الهيئات الحقوقية، بمناسبة تخليد الأيام الأممية الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات ارتفاع معدلات العنف، وهو ما يدفع بالنسويات المدافعات عن حقوق النساء إلى دق ناقوس خطر.
وقد بينت الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع، بالشراكة مع فدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة نساء متضامنات، عن تعرض 4535 امرأة مغربية للعنف في الفترة ما بين 2023 وحزيران/يونيو 2024، وتمثل الفئة الأصغر من 18 عام 6%، وهي ثاني نسبة بين الضحايا، في حين تمثل الفئة بين 18 و38 عام نسبة 33%، محتلة بذلك المركز الأول.
وتحذر التقارير من ارتفاع حالات العنف النفسي ضد النساء بالمغرب؛ فبناء على ما تم تجميعه من مراكز الجمعيات التابعة لعدد من الجمعيات من مختلف المدن والأقاليم المغربية تم تسجيل 4961 من النساء اللواتي تعانين من العنف النفسي، و2415 منهن تعانين من العنف الاقتصادي، و1107 من الحالات تعاني من العنف الجسدي.
كما صرحت 28% من النساء المغربيات بأنهن تعانين من السب والشتم، و20% من التهديد بالطرد من بيت الزوجية، و17% من التحرش الجنسي، ونسبة 55% من الضرب والجرح.
قالت الناشطة الحقوقية جميلة كرمومة نائبة رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء، إن الأرقام صادمة وتبين فظاعة العنف ضد النساء الذي هو في تزايد، مبينة أن ارتفاع معدلات العنف ضد النساء راجع لكون النساء بدأن تعرفن حقوقهن وتبحن عما تتعرضن له من عنف قانوني وزوجي.
وأضافت "العنف القانوني تساهم فيه القوانين التمييزية ومن ضمنها القانون الجنائي الذي يعتبر في المرتبة الثانية بعد الدستور المغربي"، لافتة إلى أن هذا القانون يجب أن يوفر الحماية اللازمة للنساء "القانون الجنائي في صيغته الحالية يؤكد على الجانب العقابي أكثر من تعديل سلوكيات المجتمع لهذا يجب إعادة النظر فيه".
وعن مطالب النسويات من أجل توفير الحماية للمرأة المغربية، أوضحت "مطالبنا أن يكون هناك قانون جنائي ملائم مع الدستور المغربي وملائم مع كل الاتفاقيات المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز والعنف ضد النساء، وبالتالي ملائم لالتزامات المغرب على المستوى الدولي".
وحول تقييمها للقانون رقم 103/13 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء، والصادر عام 2018 أبرزت أنه عند صدور القانون اعتبرته النسويات مكسباً، لكن مع التطبيق ظهرت مجموعة من الملاحظات بشأنه "إنه لا يستجيب لتطلعات المغربيات ولا للحركات النسائية ويحتوي على عدة ثغرات وفيه أمور عديدة لا بد من تغييرها".
وشددت جميلة كرمومة على ضرورة تعديل قانون مناهضة العنف ضد النساء، من أجل توفير الحماية لهن والقضاء على التمييز "عندما نقضي على التمييز ونفعل المقاربة الحقوقية ومقاربة النوع، حينها يمكننا حماية النساء من كل أشكال العنف"، مؤكدة على ضرورة إرساء قوانين حمائية للنساء لا أن تكون ضدهن.
وأوردت أنه بالإضافة إلى تغيير القوانين لابد من العمل على تغيير الذهنيات "عندما يكون تغيير القانون بطريقة بيداغوجية ولا يحتوي فقط على الجزر، فإننا سنعمل على تقويم السلوكيات المختلفة، والمساهمة في تغيير الذهنيات الذكورية السائدة في مجتمعاتنا".
وبينت أن "التقاليد والعادات السائدة في مجتمعاتنا، تضع النساء في الدرجة الثانية لذلك ينبغي إعادة النظر في هذه الرؤية وتوعية المجتمع وإنصاف النساء لأن وضع القوانين هدفه حماية كل المواطنين بما فيهم النساء"، مشيرةً إلى أن العنف ضد النساء هو ظاهرة عالمية لا تختص ببلد معين "كنسويات نستحضر كل نساء العالم، ونطمح لأن يكون لديهن قانون يحميهن على المستوى الدولي".
وتحدثت جميلة كرمومة عن وضع النساء اللواتي تعشن تحت وطأة الحرب "قتل النساء والأطفال في المناطق التي تشهد حروباً نعتبره أبشع وأفظع أشكال العنف، ولا نقبل استمرار صمت المجتمع الدولي على ما يحدث حالياً في المنطقة لابد من التحرك من أجل مناهضة العنف ضد النساء في زمن النزاعات".