العنف والبطالة يفاقمان أوضاع النساء في "قبلي"

تعاني المرأة في الجنوب التونسي خاصة في مدينة قبلي من ظروف معيشية صعبة تتمثل أساساً في ظاهرة تفشي العنف وتردي الخدمات الصحية وتفاقم ظاهرة البطالة.

إخلاص حمروني

تونس ـ أكدت الناشطة بالمجتمع المدني وحقوق المرأة نعيمة بن منصور أن نساء مدينة قبلي تعانين أوضاع صعبة على رأسها العنف كما أنهن لا تدركن أنهن ضحايا عنف يمارس عليهن سواء كان عنف مادي أو اقتصادي.

تتعرض نساء مدينة قبلي التونسية لعنف مستمر بكافة أشكاله، حيث يتم مراوغة ما تتعرضن له حتى لا تَعين ما يمارس ضدهن، على غرار ما تتعرض إليه العاملات في موسم التمور اللاتي تعملن على جنيه بدون ضمانات اجتماعية وفي وضعية نقل صعبة وخطيرة تهدد أرواحهن، إضافة إلى طول مدة العمل مقابل ضعف الأجر الذي يكون عادة ضئيل لا يكافئ جهدهن، هذا ما أكدت عليه الناشطة بالمجتمع المدني وحقوق المرأة نعيمة بن نصور، مشيرةً إلى أن الأجر اليومي قد يصل أقصاه إلى 6 دولارات مقابل (7ـ 9) ساعات عمل شاق يتمثل بحمل وجر أوزان ثقيلة.

ولفتت إلى أنه "إضافة الى استبطان العنف المعنوي والمادي، تتعرض المرأة للضرب والإهانة اللفظية وهي غير واعية بأن هذا يعد نوع من العنف المعنوي يمارس عليها، المرأة استبطنت كل أنواع العنف، وعندما نقوم بحملات توعوية للعنف المسلط على النساء والتعريف بالقانون 58 لا تعترف نساء قبلي بالعنف المسلط عليهن، لكن عندما نتطرق إلى مظاهره نجد أنه ظاهرة متفشية في هذه المدينة وقد وصل حد قتل امرأة واعتبار القاتل مختلاً عقلياً ولم يصدر الحكم بحقه بعد مرور 4 أو 5 سنوات على الجريمة".

وأوضحت أن ظاهرة العنف تشهد تفشياً ملحوظاً في السنوات الأخيرة كون المرأة غير واعية بخطورة الظاهرة ولا تريد تغيير واقعها خوفاً من العقلية الذكورية ومن وصمة العار التي ستلاحقها إن فضحت تعنيف زوجها لها، "المرأة المعنفة عادة لا تقدم شكوى ضد معنفها حتى وإن قررت الدفاع عن حقوقها يمنعها ما يسمى بـ "الجبهيات" مجموعة وجهاء العشيرة أو (القبيلة) الذين يتدخلون لفض النزاع ويجبرون المرأة بالعفو عن روجها، وتعد هذه الظاهرة خطيرة لأن المجتمع يلزمها بالتنازل عن حقها وعوض تشجيعها على الدفاع عن حقها يجبرونها على العودة إلى منزلها لتتلقى المزيد من العنف".

وأفادت نعيمة بن منصور أن "وضعية المرأة الهشة في مدينة قبلي لا تقتصر فقط على العنف بل هي أيضاً تفتح الأبواب لخلق مشاكل صحية، فعلى سبيل المثال النساء العاملات في موسم جني التمور تعانين مشاكل صحية مثل آلام المفاصل وأمراض الجهاز التنفسي التي يسببها وبر النخيل، كما تفتقرن للحماية في الحقول سواء من قبل صاحب العمل أو من الحكومة إضافة إلى تردي الخدمات المقدمة لهن في المستشفيات بحكم أنها لا تستجيب إلى احتياجات النساء منها الرعاية أثناء الولادة، وأيضاً ارتفاع نسب البطالة في صفوف النساء حاملات الشهادات العليا في قبلي إلى 81%، وذلك بسبب عدم توفير فرص العمل في القطاع العام، وفي حال أردن العمل لحسابهن الخاص يطلب منهن شهادة ملكية أرض وهن لا يمكنهن ذلك كونهن محرومات من حق الإرث".

وبخصوص واقع الحركة النسوية في قبلي ودوره في توعية المرأة بحقوقها، قالت "لا يوجد حراك نسوي كبير هنا، بصفتي ناشطة في هذا المجال منذ عام 2016 فلا يوجد وعي بحقوق المرأة المتمثلة في المساواة التامة والفعلية في كل مجالات الحياة بسبب الهيمنة الذكورية وسيطرة الأفكار التقليدية, ومشاركة المرأة في الحياة العامة تبقى موسمية ومقتصرة على تنظيم بعض المعارض وحتى إن بعضهن يجهلن وجود عيد المرأة التي تحتفل به تونس سنوياً أو المناسبات المطالبة بحقوق الإنسان".

وأضافت نعيمة بن منصور أن الحراك النسوي ينشط أكثر في العاصمة ويتقص بصفة ملحوظة في الجنوب والمدن الداخلية وخاصة في القرى والأرياف لأن أولويات المرأة في تلك الربوع تنحصر في الأكل والنقل وتكاد لا تهتم بالقوانين المدافعة عن حقوقها ولا تدرك أهمية القانون عدد 58 مثلاً.

وختمت نعيمة بن منصور حديثها بالقول إن أوضاع المرأة في مدينة قبلي خصوصاً وجنوب تونس عموماً تحتاج للتدخل من قبل الجهات المعنية، كون المجتمع المدني لا يستطيع إيجاد الحل البديل "نحن نعمل ونسعى لسن القوانين التي تصب في صالح المرأة وتفعيلها لكن لا نستطيع تحسين أوضاع العوائل والأرامل أو النساء ضحايا العنف، ويجب أن يكون هذا التدخل قوي ويطال كافة المدن".