العنف اللفظي... وباء مجتمعي في إدلب ضحيته النساء
كثيراً ما تتردد الشتيمة الجنسية على لسان الكثير من المتخاصمين في المجتمع الإدلبي صغاراً وكباراً، ما يعكس القمع الجندري والمكانة الاجتماعية المتدنية للمرأة
سهير الإدلبي
إدلب ـ ، نظراً لما تمثله من مفاهيم الشرف في الثقافة العربية التي تعد المرجعية الثقافية الأولى للأشخاص.
قالت سميرة خاروف (٣٥ عاماً) وهي نازحة من مدينة سراقب ومقيمة في مخيمات قاح الحدودية أن الشتائم اللفظية المتعلقة بالنساء كثيراً ما تتردد على مسامعها من أولئك الأشخاص المتواجدين في المخيم حين يتشاجرون أو يختلفون على أي سبب كان، إذ سرعان ما تبدأ ألسنتهم بشتم نساء الطرف الآخر رغم عدم علاقتهن بهذه المشكلة من قريب أو بعيد.
وتضيف "أشعر بالخجل والظلم بحقنا نحن النساء حين يتم تبادل الشتائم والعنف اللفظي بهذه الطريقة التي تسلبنا حقوقنا وتقلل من شأننا ومن مكانتنا الاجتماعية وكأن أعضائنا التناسلية عار".
ولم يقتصر العنف اللفظي الممارس على النساء بين المتخاصمين بل راح الأزواج يتبعونه ضد زوجاتهم في كثير من الأحيان.
تشكو حسناء الورد (٢٥ عاماً) انهيال الكثير من الشتائم عليها من قبل زوجها العصبي الذي لا يتهاون في سبها ولعنها والإساءة لها ولنساء عائلتها ما يضعها في مواجهة مع ضغوط نفسية "لا تحتمل".
"حقيرة، ناقصة، يلعنك، وغيرها من الألفاظ تخاطب المرأة من قبل الرجل وهي توجه لمعظم النساء مهما اختلفت أعمارهن أو مكانتهن أو تحصيلهن العلمي، بهدف إقناع المرأة أنها مهما بلغت ووصلت إلى أهدافها وطموحاتها فهي تبقى صفر حسب مفهوم الرجل والمجتمع فقط لأنها أثنى" تقول حسناء الورد.
وتصف العنف اللفظي الذي تتعرض له هي وغيرها من النساء بالثعبان الكبير الذي يتسلل بغوغائية وعشوائية لا حدود لها لينفث سمه في قلب كل امرأة ليترك ندبات من الصعب أن يمحوها الزمن.
ويشمل العنف اللفظي الممارس ضد المرأة العنف النفسي واللفظي المتمثل بالكلام البذيء والسب والتوبيخ والاستهزاء والانتقاد، وهو عادة ما يكون من أشد أنواع العنف قسوة على المرأة باعتبارها عاطفية، ولما له من آثار تشكل البذرة الأولى لكافة أشكال العنف الأخرى.
حنان الأبرش (٣٩ عاماً) مرشدة اجتماعية تقول إن للعنف ضد المرأة أشكال متعددة ولعل أقساه العنف اللفظي الذي كثيراً ما تتعرض له المرأة في مجتمعاتنا وخاصة من قبل الزوج.
وترى أن ما ساهم في انتشار هذا النوع من العنف يعود للموروث الاجتماعي ولأساليب الأهل في التربية العنيفة للأبناء وتحقيرهم وعدم تقديرهم وأسلوب التعامل مع النساء الذي يخلو من الدعم والمساندة وانعدام الحوار وتحوله إلى لغة مليئة بالشتائم والاستهزاء والتهديد.
وتؤكد أن الإعلام كان له دوره المعزز لهذه المفاهيم بطريقة أو بأخرى من حيث إظهار المرأة دائماً بمظهر الضعيف والتابع للرجل وسطوته، أو عن طريق عدم التركيز على كل تلك المفاهيم الخاطئة في المجتمع ومحاولة إصلاحها.
وما زاد الأمر سوءاً من وجهة نظرها هو سيطرة العادات والتقاليد التي تمعن في منع النساء من الشكوى على الزوج المعنف لزوجته وأبنائه.
وتدعو إلى تمكين المرأة بغية زيادة ثقتها بنفسها وإمكانياتها وقدرتها على إدارة حياتها ورفضها العيش تحت القمع والعنف بكل أشكاله.
وعلى الرغم من إحصائيات الأمم المتحدة التي تشير إلى أن العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية تعاني منها أكثر من 70 بالمئة من النساء إلا أنها تبقى مغيبة في إدلب لاعتبارات اجتماعية.
وتعرف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنه أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أذى ومعاناة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية. وتؤكد أن هذه الظاهرة وباء عالمي يهدد المجتمعات ويعوق التقدم في العديد من المجالات ومكافحته تحتاج لتوحيد كافة الجهود.