المشاريع الزراعية تحقق لنساء إدلب اكتفائهن الذاتي

شددت نساء إدلب على ضرورة تمكين المرأة ودعم سبل العيش، وتعزيز دورها في كافة المجالات، وحفظ كرامتها ووضعها في مكانها الصحيح كعضو منتج في المجتمع.

لينا الخطيب

إدلب ـ يزداد عدد النساء العاملات في إدلب ضمن قطاعات مختلفة، ومنها العمل في الزراعة، بعد فقدان الكثيرات لأزواجهن، أو فقدان ذويهن الأمر الذي جعلهن تسعين لتأمين فرص عمل تساعدهن على تحقيق الاستقلال المادي، وتأمين نفقات أسرهن.

تقوم غادة السلوم (40 عاماً) من مدينة حارم شمالي إدلب، باستئجار أرض زراعية كل عام لزراعة الخضار بمساعدة شقيقتيها، وعن ذلك تقول "بات العمل في الزراعة، فرصة العمل الوحيدة بالنسبة لمعظم سكان المنطقة لا سيما بعد الدمار الذي لحق بالمدينة بعد الزلزال في شباط الماضي ونزوح عدد كبير من سكانها، مما أدى لتوقف الكثير من المشاريع الصناعية والخدمية، ولذلك لم يعد أمامنا سوى العمل في الزراعة وهي مهنة لا تنحصر على النساء فقط، بل يعمل بها الرجال أيضاً".

وأضافت "بعد وفاة والدي وسافر شقيقي خارج البلاد، أصبحنا بحاجة لمصدر دخل نؤمن من خلاله مصاريف المنزل، ما دفعنا للبدء بالعمل في الزراعة، مستفيدين من خبرتنا في هذا المجال منذ طفولتنا"، مبينةً أنهن قمن باستئجار أرض بمساحة 5 كم على مقربة من منزلهن، وزراعتها بالخضار الصيفية، وعن ذلك تقول "نجني من مردود الأرض دخلاً جيداً بعد دفع مصاريف استئجار الأرض وشراء مستلزمات الزراعة".

وأوضحت غادة السلوم أن العمل صعب ومجهد، ولكنه يضمن لهم حياة كريمة دون الحاجة لأحد، ومواجهة الفقر وغلاء الأسعار وغياب المعيل.

أما في فصل الشتاء فتفضل غادة السلوم زراعة القمح كونه من المحاصيل الوفيرة التي لا تحتاج إلى سقاية وإنما تعتمد على مياه الأمطار لتنمو، ويقتصر عملها على تعشيب المحصول، من خلال نزع الأعشاب الضارة التي تنمو بين السنابل، ريثما يصبح المحصول جاهزاً للحصاد مع بداية فصل الصيف.

أما حليمة النجم (29 عاماً) من بلدة حربنوش بريف إدلب، فقد زرعت الورد الجوري في الأرض التي تملكها، والتي ورثتها عن أبيها، وعن مشروعها الزراعي تقول "ازدهرت هذه الزراعة مؤخراً في إدلب وريفها، ويستفاد منها لأغراض علاجية وتجميلية وغذائية".

وأشارت إلى أنها تقوم مع عدد من نساء الحي بقطاف الورد كل يومين، وترسله مع شقيقها إلى السوق، مبينةً أن زراعة الورد ذات مردود جيد، لذا تتمنى تطوير المشروع العام المقبل، عبر زيادة المساحات المزروعة، مؤكدة أن موسم قطاف الورود يوفر فرص عمل لأهالي المنطقة بمن فيهم النازحات، ويتم استخدام الورود في صناعة خلطات شاي الأعشاب، واستخلاص ماء الورد، وصناعة أدوات التجميل، والمربيات.

وعن المعوقات التي تواجه عملها توضح "نواجه صعوبات في الحصول على بعض المواد الأساسية، وارتفاع أسعار البذور والأسمدة، فضلاً عن تدهور الحالة الأمنية في المنطقة، ما يشكل عائقاً أمام العمل، كما تشتكي معظم العاملات بهذه المهنة من قسوة المناخ التي تزيد من صعوبة العمل، إذ تعملن تحت أشعة الشمس وارتفاع درجات الحرارة صيفاً وفي برودة الجو شتاءً ما يزيد من متاعبهن.

وتقوم النساء ممن لا تمتلكن أراض زراعية بالاستفادة من حدائق منازلهن في زراعة بعض المحاصيل البسيطة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحصيل مردود مادي من بيع الفائض عن حاجة أسرهن.

فاطمة الحسون (35 عاماً) من قرية كفريحمول لا تمتلك أرضاً، لكنها تستفيد من حديقة منزلها في زراعة الخضار الموسمية، وعن ذلك تقول "أشعر بالفرح حين أشاهد ما أزرعه ينمو وينتج، حيث أجني ثمرة تعبي وأستفيد من الخضار ولا اضطر لشرائها من الأسواق".

وأكدت على حاجة النساء لمن يدعمهن في مشاريعهن الصغيرة ويقدم لهن المعدات والمواد اللازمة للعمل الزراعي، مما يعود على النساء بدخل جيد ويقدم للسوق منتجات متميزة.

من جانبها شددت عاملة الصحة المجتمعية رؤى الحمدان (41 عاماً) على ضرورة تعزيز دور المرأة ومكانتها في إدلب، لافتةً إلى أن "النساء الريفيات اللواتي تعملن بالزراعة، عادة ما تكنّ عاملات موسميات بأرباح غير مستقرة، وتكنّ عرضة للاستغلال وانعدام الأمن الغذائي، لذا يجب إتاحة الفرصة أمامهن وأمام جميع النساء اللواتي لم تستطعن استكمال تعليمهن للعمل في مجال الزراعة، وتأمين كافة احتياجات هذا العمل، وتقديم منح للمزارعات لمزاولة عملهن بما يضمن استمرارية الإنتاج، وتحسين الدخل والحد من الفقر".

وأكدت على ضرورة تمكين المرأة ودعم سبل العيش التي تتيح لها تسيير أمورها المعيشية، وحفظ كرامتها وتضعها في مكانها الصحيح كعضو منتج في مجتمع كان ولا يزال تحت وطأة الحرب.