المرأة في الطبقات الدنيا من المجتمع
إحدى العاملات في مدينة سنه بشرق كردستان تربط تزايد العنف ضد المرأة بانعدام الحماية القانونية، وترى أن السلوك الجريء للمرأة وحده لا يكفي للتخلص من العنف؛ بل هناك حاجة إلى أدوات قانونية.
أميرة محمدي
سنه ـ إن اتهام المرأة بعدم الوعي وعدم الشجاعة تجاه العنف الأسري ما هو إلا لمحو وجه المشكلة، فالنساء الصامتات أمام كل أشكال العنف يعتبرنه أمراً عادياً، هن ضحايا نظام ينتج العبيد، وهذا النظام يضعف الثقافة ويكرم ويروج للتقاليد الباطلة، ويجعل الركيزة الأساسية لتعاليمه في إضعاف دور المرأة وتدمير مكانتها.
تقول الناشطة الاجتماعية في مدينة سنه آشنا عظيمي حول العنف ضد المرأة أنه "علينا أولاً أن نفحص الظروف التي تعيش فيها المرأة؛ بما في ذلك الأسرة والتربية والتعليم كمواطنة والثقافة وغيرها من العوامل التي تشكل شخصية المرأة، أول شيء يجب أن ننتبه إليه هو عدم إصدار الأحكام، لأن النساء نشأن في ظروف مختلفة، فردود أفعالهن مختلفة أيضاً، ففي عملي، التقيت بالعديد من النساء، مع قليل من المعرفة، رأيت فيهن ذكاءً عالياً وكثيراً من القدرات والإمكانات، لكن بسبب الكثير من القمع ونقص التعليم، عشن مثل العبيد".
مثال على مأساة المرأة
وأشارت إلى أنه "لدي الكثير من القصص المأساوية التي أرويها عن النساء، لكن دعونا نتفحص أوضاع النساء اللاتي يتعرضن للعنف المنزلي من خلال وصف مثال وشرح لماذا لا يمكن القيام بشيء أساسي لهن. تزوجت امرأة تدعى بارفانه من رجل يكبرها بخمسة عشر عاماً قبل بضع سنوات، هذه الفتاة تحب القراءة وأحياناً تقرأ الكتب سراً لأن زوجها كان يعتقد أن المرأة التي تقرأ الكتب تشكل خطراً على الأسرة! في أحد الأيام، عندما اكتشف زوجها ذلك، قام بضربها، وعندما عادت إلى أسرتها لم يقبلوا ذلك وقالو لها إنه زوجك وعليك أن تقبلي ذلك، أنت فقط تريدين الدروس والكتب، ماذا تفيدك أذهبي لحياتك وعودي إلى زوجك! اتصلت بي بارفانه وجاءت إلينا وبقيت في المنزل الآمن لفترة من الوقت. في الحقيقة لم تكن تريد العودة بل أن يشكل حياة مستقلة، لكنها اضطرت للعودة بسبب ضغوط عائلتها وزوجها".
وأضافت "لم تنجح بارفانه بعد في الحصول على الطلاق وحياتها في خطر بسبب حالتها، هذه القصة تحدث مع آلاف النساء لكن بأشكال مختلفة وهن بحاجة تقديم مساعدة أساسية لهن".
مجتمع لا يفتح الطريق
ووصفت المرأة بالفراشة وقالت إنها ضحية الفكر والثقافة الأبوية "بعد هروبها من بيت الرعب الذي تعيش فيه، لا يوجد مكان لها في المجتمع، لأن مجتمع اليوم أصبح شديد التنافسية وأولئك الذين ليس لديهم مهارات خاصة لديهم فرصة ضئيلة للعمل والبقاء على قيد الحياة، حيث يواجه هؤلاء الأشخاص العديد من المشاكل في العثور على السكن وفرص العمل. العروض الجنسية والقمع من قبل أصحاب العمل وغيرها من المشاكل تجبر الكثير منهن على العودة إلى حياتهن السابقة".
ما هو الحل؟
وتساءلت آشنا عظيمي حول الحل؟ هل هناك طريقة لإنقاذهم أم لا؟ لترى أن الجواب يتمثل بالخطوة الأولى وهي "توفير مكان مناسب لهن للعيش فيه، وهي مسؤولية الحكومة. وضع مواد قانونية لحماية وسلامة هؤلاء النساء وتقديم الدعم الكامل لهن، فالبيوت الآمنة التي عددها قليل جداً حالياً لا تساعد وأحياناً تكون ضارة لوجود جميع الشخصيات. بعض النساء ليس لديهن القدرة على مواجهته ولذلك، فإن توفير مكان مناسب وصحي وآمن لهؤلاء النساء هو الأولوية".
دور الحكومة والمؤسسات الشعبية
واعتبرت أن القضية التالية هي "توليد الدخل، ويجب إدراجه في خطة الحكومة لاكتساب المهارات وخلق فرص العمل لهؤلاء النساء، ويجب توفيرها قبل أن يصبحن جاهزات لسوق العمل، وهذه أيضاً مسؤولية الحكومة، وينبغي أيضاً مراعاة التدابير اللازمة في فئة النساء؛ يجب على النساء اللاتي تعانين من الإدمان عدم التواجد حول نساء أخريات".
وأضافت "ينبغي اتخاذ تدابير منفصلة وخاصة لكل مجموعة من النساء، ولكن لسوء الحظ، يجب أن أقول إن لدينا العديد من النساء المصابات، بسبب عدم وجود مثل هذه التدابير اللازمة، إما أن يعودن إلى حياتهن الرهيبة أو يقعن في فخ الكوارث الأخرى، ولذلك فإن الشيء الوحيد الذي ينبغي على الجمعيات النسائية والمؤسسات الشعبية القيام به هو الضغط على الحكومة لخلق مكان وإنشاء عمل تجاري لاستقلال هؤلاء النساء".
دعوة للتضامن
وطلبت من الجميع "ترك الخلافات الفكرية جانباً ومساعدة النساء المشردات، وإلا فإن حماقة السلطات الإيرانية ستحول هؤلاء النساء إلى متسولات أو مدمنات ليس لديهن أمل في المستقبل.
وشددت على أنه "يجب مراعاة الإنصاف فأنا أبذل قصارى جهدي من أجل مساعدة هؤلاء النساء من باب الرحمة، ففي مدينة سنه العديد من الأشخاص النشطين والرحماء، الذين لا يعرف حتى أسمائهم أحد، الذين ينفقون الكثير من الأموال ويقدمون الدعم المعنوي لمساعدة هؤلاء النساء من خلال توفير سكن مجاناً لربات الأسرة، وخلق فرص عمل، وما إلى ذلك، وأولئك الذين أصيبوا ذات مرة، وأولئك الذين يشاركون في البحث والدراسة في هذا المجال ويحاولون إيجاد طريقة أساسية مساعدة لهم، فالنظام الحكومي لا يساعد في هذا الوضع فحسب، بل إن بعض الناشطين الذين أرادوا أن يكونوا صوت هؤلاء النساء أجبروهم على التزام الصمت، لأن كل شيء في هذا البلد يجب ألا يتعارض مع سياسة السلطة ويبدو أن وجود النساء الضعيفات أفضل بالنسبة لها من النساء القويات".
كن دائما صوت المرأة
وفي اختتام لحديثها أكدت أشنا عظيمي وهي الناشطة الاجتماعية التي كانت على اتصال بوضع المرأة منذ سنوات طويلة أنه "يجب أن نكون صوت المعنفات كل يوم ولا نحصر هذا الواجب في يوم محدد، فكثير من النساء بحاجة لمساعدتنا. النساء اللاتي يتوقن إلى حياة طبيعية يواجهن حياة صعبة وقد عبرت عن جزء من حالتهن بلغة بسيطة. ليس من الصعب أن نفهم أي نوع من النساء يعشن في الطبقات الدنيا من المجتمع، علينا فقط ألا نغمض أعيننا عن الواقع".