المرأة الأكاديمية وتفاعلها في المجتمع بعيداً عن الصورة النمطية

كسرت النساء الصورة النمطية للمرأة الأكاديمية وحاولن الاستفادة من تخصصهن في أعمالهن في المجتمع الليبي، كما أنهن سعين بقوة لإثبات أن المرأة يمكن أن تجمع بين الجانبين الأكاديمي والعمل المدني الأهلي وتؤثر بقوة بكلا المجالين.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ أشارت إحدى الدراسات العلمية إلى أن نسبة التكافؤ بين الجنسين لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات الليبية ترجح لصالح الذكور على الإناث فقد بلغت نسبتها في جامعة بنغازي حوالي 0.45%، غير أن الفكرة الشائعة لدى المجتمع بأن عدد النساء هو أكثر من عدد الرجال، وبالتالي تحاصرهن الصورة النمطية للمرأة الأكاديمية وتربطها بالتدريس الجامعي فقط لا غير.

قالت عضو هيئة التدريس بكلية الإعلام جامعة بنغازي والمتخصصة في العلاقات العامة مريم المغربي "استطاعت المرأة الدخول إلى عالم المعرفة والثقافة، في كافة المجالات، وترأست مواقع مميزة وفاعلة في أماكن مختلفة، بالرغم من الموروثات الفكرية والثقافية والاجتماعية، التي كانت تعيق حركتها، وقدمت الكثير على مر الزمن".

وأضافت أن المرأة الأكاديمية شكلت تمظهراً ثقافياً مختلفاً تمثل في أروقة الجامعة، ومهاراتها الوظيفية، والاجتماعية التي قدمتها داخل الجامعة، ومن منطلق تخصص العلاقات العامة والإعلان، فقد استطاعت المرأة في هذا التخصص أن تقدم العديد من الفعاليات، منها إقامة المؤتمرات والندوات، متابعة الإصدارات المختلفة، كما استطاعت أن توجه المهارات العلمية والبحوث العلمية لصالح المجتمع، ومثلت المجالس المحلية وجسدتها بدور إيجابي، كل هذا جعل لها دلائل ومؤشرات بأنها قادرة على اتخاذ القرار في المجتمع المحلي.

وأشارت إلى أن "المرأة الأكاديمية هي المرأة المتعلمة والمثقفة، فهي تستطيع العمل خارج الجامعة، وتقوم بعمل دورات تدريبية أو ورش عمل في المؤسسات المختلفة، فمثلاً العلاقات العامة دورها يتغير من مؤسسة لأخرى، لذلك كأكاديمية لدي صلاحيات وأوليات واستراتيجيات مختلفة لكل مؤسسة".

 

 

 

من جانبها قالت الأستاذة بقسم الإدارة العامة بكلية الاقتصاد ريما الجريدي عن كونها أكاديمية، وناشطة وفاعلة من خلال منظمات المجتمع المدني "الجانب الأكاديمي مهم جداً ويقدم دعم كبير للمرأة سواء في مجال تخصصها أو حياتها الوظيفية، فكونها أكاديمية ذلك لا يمنعها من تقلد مناصب إدارية كثيرة مثل أن تكون رئيسة قسم، أو عميدة كلية، ونطمح أن نرى امرأة تتقلد منصب عميد الجامعة مستقبلاً".

وأضافت "المرأة تعمل كثيراً في جوانب حياتها الاجتماعية والصحية فهي تقوم بدور كبير تجاه أسرتها وأطفالها، وهذا دور لا أحد يستطيع نكرانه أو إهماله"، مشيرة إلى القول الشهير حول أن "المرأة هي نصف المجتمع" بينما في الواقع أن المجتمع بأكمله قائم على المرأة فهي تقوم بجميع الأدوار فيه.

وأوضحت أن "المرأة في أحيان كثيرة تكون في نقطة تماس ما بين عملها الأكاديمي الذي يتطلب وقت وجهد في إعداد البحوث والذي كثيراً ما يجعلها في عزلة عما يحيط بها، وبين الالتزام بالواجبات الاجتماعية المرتبطة بالعادات والتقاليد في المجتمع الليبي الذي لن يتقبل فكرة أن تنعزل المرأة لأجل بحوثها".

وأكدت على أن التميز في المجال العلمي يترتب عليه جوانب أخرى منها إهمالها لجانب حياتها الصحي، والاجتماعي وقد يصل الأمر من بعض المحيطين أن يتم وصمها بأنها "متكبرة" مجرد أنها تتقلد منصباً أكاديمياً.

ولفتت ريما الجريدي إلى أنه "كون المرأة تعمل في المجال الأكاديمي لا يمنعها ذلك من الانخراط في الحياة العلمية التي تلتزم التواجد داخل أروقة المجتمع المدني والعمل الأهلي الذي يقترب من الناس ويقدم لهم خدمات كثيرة، وفاعلة بناءً على ما اكتسبته من خبرة في المجال الأكاديمي، وهذا ما نقوم به في مركز "وشم" وهو مركز يهتم بالنوع الاجتماعي ويقدم خدماته العلمية المتمثلة في البحوث والدراسات العلمية التي تهم المرأة في مختلف المجالات".

وقالت إن "النظرة الشائعة حول المرأة الاكاديمية هي أن تظل حبيسة المكتب ومحاطة بالكتب، ولكن في الحقيقة نجد أن هناك جوانب مختلفة فهي تسعى لتطوير نفسها في الجانب الاقتصادي، لأنها ملزمة ومتكفلة بإعالة أشخاص آخرين قد يكونون أطفالها أو والديها أو إخوتها، كما أنها تسعى لافتتاح مشروعها الخاص لإدارة أموالها".

 

 

 

وبدورها قالت الأستاذة بكلية الصحة العامة قسم الصحة البيئية هدير جويلي المجبري "يعتمد تغيير الصورة النمطية حول المرأة الأكاديمية حول الشخصية ذاتها إلى جانب تخصصها، فعادة ما أسعى إلى خلق نشاطات بيئة تفاعلية سواء مع الطلاب أو الأساتذة أو حتى المعيدين بالقسم".

وأوضحت أنه رغم فترة ابتعادها الطويلة عن النشاطات التفاعلية في المجتمع التي يهتم بها تخصصها الأكاديمي، إلا أنها عادت مؤخراً لتنظيم ورش عمل ومحاضرات توعوية بمجهودات شخصية "نعاني من قلة الدعم المادي في العمل الذي أقوم به".

وأضافت أن تخصص الصحة البيئية هو تخصص له مفهوم يجمع تحته كل ما يختص بالبيئة من هواء وتربة، وأي خلل يحدث في أي من هذه العناصر سنعود للتخصص من أجل معرفة سبل الوقاية والمكافحة والتوعية منه، كما أن التخصص يشمل دراسة التغيير المناخي وما يصحبه من ارتفاع في درجات الحرارة.

وبينت أنه "حالياً أقوم بتدريس مادتي بيئة المجتمع وهي تتطرق إلى كل ما يختص بالمشاكل البيئية في المجتمع بصفة عامة، ومادة الطوارئ البيئية، وهاتين المادتين هن الأقرب للحياة العملية في المجتمع حيث تختص مادة الطوارئ البيئية بالكوارث الطبيعية أو انتشار الامراض مثل جائحة كورونا وإعصار درنة مؤخراً".

ولفتت إلى أنه في فترات سابقة كانت الأمثلة من الخارج ولكن الآن الأمثلة باتت من الداخل "نحاول قدر الإمكان أن نقوم بدور توعوي للتعريف بهذه المشاكل، خارج المؤسسات التعليمية، والتعاون مع باقي المؤسسات للتوعية بالمشاكل البيئية وكيفية مواجهاتها".