المجتمع السوري يمر بمرحلة إعادة التشكل والحجاب على رأس القائمة

في ظل النقاشات، تبقى دمشق مدينة تعكس كل التناقضات والتغيرات التي تعيشها سوريا اليوم، حيث يتجلى الصراع بين التقاليد والتجديد في كل زاوية من شوارعها.

راما خلف

دمشق ـ انتشرت في شوارع دمشق بوسترات تحمل رسائل متباينة حول لباس المرأة، حيث رفعت بعض الجهات شعارات تدعو إلى الالتزام بالحجاب الشرعي، فيما ردت جهات أخرى ببوسترات تؤكد على حرية المرأة في اختيار لباسها.

هذا التباين خلق حالة من الجدل بين الأهالي، إذ اعتبر البعض أن هذه الظاهرة تعكس مناخ الانفتاح الجديد، بينما رأى آخرون أنها محاولة لفرض توجهات معينة على المجتمع.

 

صراع البوسترات بين الحجاب والحرية

انتشار هذه البوسترات لم يكن مجرد حدث بصري عابر، بل فتح الباب أمام نقاش مجتمعي واسع حول الهوية الثقافية لسوريا بعد سقوط نظام الأسد، بعض الأصوات رأت فيها تعبيراً طبيعياً عن التنوع الفكري، فيما اعتبرها آخرون بداية لاستقطاب جديد قد يعمّق الانقسامات.

جهاد حزيني، من سكان مدينة دمشق كان لها رأيي تصفه بالوسطي فهي ضد التشدد والانفلات على حد تعبيرها إذ تقول "٨٠% من نساء سوريا ترتدين الحجاب، ولكنني لست مع الـ١٠% المتشددين ولا الـ١٠% المتحررين دون ضوابط، فديننا وسطي، منفتح على جميع الأعراق والطوائف".

أما أصالة قاسم، فقد رأت أن هذه الظاهرة طبيعية في بلد يشهد تحولاً سياسياً واجتماعياً كبيراً، قائلةً "المنشورات التي نُشرت بالفترة الأخيرة هي شيء صحي، فمن خلالها تم إثبات أن لكل شخص حرية التعبير فالبلاد انفتحت على جميع الذهنيات وبالنهاية هذا أمر يخص المرأة وهي من يقرر ماذا تريد".

وترى أن المرأة مستهدفة سواء من الرأسمالية التي تضعها في قالب معين وتفرض عليها إجراء عمليات التجميل لتلحق بالموضة أو الفكر المتشدد الذي يريد تغليفها باعتبارها عورة، معتبرةً أن المنشورات لم تكن أكثر من "ترند".

 

انعكاس للتحولات المجتمعية

ويعتقد البعض أن هذا الجدل ليس سوى امتداد لحالة إعادة التشكل التي يمر بها المجتمع السوري، حيث تسعى فئات مختلفة إلى التأثير على الخطاب العام ورسم ملامح المرحلة القادمة، وفي ظل غياب ضوابط واضحة حول قضايا الحريات الفردية، من المتوقع أن تستمر هذه النقاشات داخل المجتمع لفترة طويلة.

ومع تزايد الاهتمام بهذه القضية، خرجت بعض التوصيات من اللقاءات المجتمعية التي عقدت في دمشق مؤخراً، وكان أبرزها تعزيز حرية التعبير ضمن إطار يحترم التنوع المجتمعي دون فرض رؤى أحادية، ورفض أي محاولة لفرض أنماط لباس معينة، سواء عبر الدعاية أو الضغوط الاجتماعية، وفتح حوار مجتمعي أوسع حول قضايا الحريات الفردية، بمشاركة مختلف الفئات والتوجهات.